لندن: اتهام 3 وانتظار البت في مصير 5 آخرين في قضية تفجير الطائرات

جدل حول توجه أمني جديد في المطارات يركز على الراكب لا أمتعته

TT

مثل امام القضاء البريطاني امس ثلاثة بريطانيين مسلمين في المخطط المفترض لنسف طائرات ركاب متجهة من بريطانيا الى الولايات المتحدة.

ووجه المحققون الليلة الماضية الى محمد يسار جولزار، ومحمد شامين الدين، 35 عاما، ونبيل حسين، 22 عاما، تهم التآمر للقتل والتخطيط لأعمال إرهابية واعتزام تفجير طائرات ركاب. ومثل الثلاثة امام محكمة في وسط لندن حيث وجهت اليهم التهم رسميا. والمتهمون الثلاثة كانوا من بين 25 شخصا اعتقلتهم القوات البريطانية لمكافحة الارهاب التي اعلنت في العاشر من اغسطس (آب) الحالي احباط مؤامرة مزعومة، لاستخدام متفجرات سائلة منزلية الصنع لتفجير طائرات ركاب فوق المحيط الاطلسي في طريقها من بريطانيا الى الولايات المتحدة.

وبتوجيه الاتهام الى الثلاثة يرتفع عدد الاشخاص الذين وجهت اليهم اتهامات فيما يتصل بتلك المؤامرة الى 15. ففي الاسبوع الماضي وجه لثمانية اخطر اتهام بالتآمر لارتكاب جرائم قتل والتخطيط لاعمال ارهابية وتهريب قنابل على متن الطائرات وتفجيرها. كما وجهت تهم اقل لأربعة اخرين من بينهم فتى عمره، 17 عاما، وأم لطفل عمره ثمانية اشهر.وبقي خمسة اشخاص محتجزين كان يتعين على الشرطة توجيه الاتهام اليهم او اطلاق سراحهم او طلب مزيد من الوقت لاستجوابهم، بحلول مساء أمس.

وبموجب قانون مكافحة الارهاب البريطاني الجديد، الذي بدأ سريانه الشهر الماضي، يمكن للمحققين البريطانيين استجواب ارهابيين مشتبه بهم لمدة 28 يوما لكن عليهم ان يحصلوا على موافقة من المحكمة العليا اذا ارادوا ابقاء الخمسة الباقين في الحجز والذين قضوا فيه حتى الآن 21 يوما.

واعلنت الشرطة البريطانية في 10 اغسطس الحالي احباط مؤامرة لنسف عدد من طائرات الركاب المتجهة الى الولايات المتحدة فوق المحيط الاطلسي عن طريق تهريب متفجرات سائلة على متن الرحلات الجوية.

واعتقلت السلطات الباكستانية عددا من الاشخاص من بينهم بريطانيان فيما يتعلق بخطة نسف الطائرات. ويوم الاثنين اكدت بريطانيا انها طلبت من باكستان تسليمها المواطن البريطاني رشيد رؤوف، ويحمل رؤوف الجنسيتين البريطانية والباكستانية، وعرف على انه شخصية محورية في التحقيق الذي تجريه الحكومة الباكستانية.

الى ذلك، قال خبراء غربيون انه يتعين على مسؤولي الأمن في المطارات، التركيز على الأشخاص وليس أمتعتهم. وقال فيليب بوم رئيس تحرير مجلة «افييشن سيكيوريتي انترناشونال» البريطانية: «هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تسبق بها الارهاب والارهابيين. المفتشون يمضون وقتا طويلا في محاولة مصادرة المقصات ومستحضرات العناية بالشعر من أشخاص لا يمثلون اي تهديد على الاطلاق».

وتفجر الجدل بشأن تشديد الاجراءات الامنية في المطارات، منذ أعلنت الشرطة البريطانية أنها أحبطت مخطط تفجير الطائرات باستخدام مواد متفجرة سائلة. وعلى الفور شددت المطارات في أنحاء اوروبا والولايات المتحدة من اجراءاتها الامنية، حيث اصبح محظوراً على الركاب اصطحاب السوائل او الحقائب المحمولة باليد على الطائرات والخضوع لتفتيش دقيق، الا ان هذه الاجراءات خففت في وقت لاحق. وقال بوم ان مثل هذه الاجراءات التي سببت فوضى في المطارات وتأجيل والغاء رحلات جوية لم تكن ضرورية كما أنها غير فعالة. وأضاف، حسبما نقلت عنه وكالة «رويترز» امس: «تبين أن فاعلية التقنيات القائمة محدودة. فهي لم ترصد حتى الآن، اي أحد يحمل عبوة ناسفة بدائية سواء كانت مثبتة في جسمه او في امتعته بينما ثبت أن مراقبة الاشخاص فعال».

وحذر بعض مسلمي بريطانيا من أن تشديد المراقبة، على اساس عرقي، سيوسع الهوة بين السلطات والجاليات المسلمة. ويتهم كثير من المسلمين الشرطة باستهداف جاليتهم غير المنصف في حملة ضد الارهاب، بعد عام من هجمات انتحارية على شبكة النقل في العاصمة لندن شنها اصوليون بريطانيون.

ويقول بعض الخبراء ومن بينهم الرئيس السابق لقوة شرطة لندن، ان على السلطات التركيز على مراقبة المشتبه بهم المحتملين مع التركيز بشكل خاص على الشبان المسلمين. وقال جون ستيفنز الرئيس السابق لشرطة لندن: «انا ابيض وعمري 62 عاما، وطولي 180 سنتمترا، وارتدي بذلة وكنت اعمل شرطيا، فهل تنطبق مواصفاتي على مهاجم انتحاري». وأضاف: «وهل تنطبق المواصفات على أم شابة ذات ثلاثة اطفال او الزوجين المثليين او فريق رياضة الرغبي او رجل الاعمال متوسط العمر». وأظهر استطلاع للرأي نشر في اغسطس الحالي بعد اعلان مخطط التفجيرات أن 55 في المائة من البريطانيين، يؤيدون مراقبة الركاب فيما لم يعارض سوى 29 في المائة هذا النظام. وقال بوم انه يؤيد نظام تتبع الاشخاص بشكل ايجابي على أساس السلوك وليس العرق. وتابع قائلا: «المراقبة على أساس العرق ليست الحل، ولا أوافق بتاتا على ذلك». وأضاف: «اننا لا نستسثني أحدا من التفتيش باستخدام التكنولوجيا، لكننا نحدد نوعية التكنولوجيا التي نستخدمها وفقا للخطر الذي قد يمثله أحد الركاب. نحن لا نقول ان كل الذكور الآسيويين سينحون جانبا للخضوع لتفتيش منفصل».غير أن هذا على وجه التحديد هو ما يخشاه كثير من المسلمين. وحذر واحد من اكبر ضباط الشرطة المسلمين في البلاد، هو علي ضيائي، من أن مراقبة الاشخاص قد يخلق مشاكل ويكون مكلفا، لأنه يحتاج الى ضباط مراقبة مدربين يستطيعون رصد السلوكات المريبة، كما انه يتطلب تبادل المعلومات بشأن برنامج رحلات الاشخاص.

وقال اليكس ستانديش رئيس تحرير نشرة «ستراتيجيك انتيليجنس ريفيو»، ان من بين المشاكل الاخرى حقيقة، أن علم المراقبة ما زال وليدا وهو «أداة غير فعالة»، مشير الى ان هذا التوجه الامني ربما لم يكن ليساعد في القاء القبض على ريتشارد ريد، البريطاني المولد، الذي حاول تفجير طائرة عام 2001 باستخدام متفجرات كانت مخبأة في حذائه. وأضاف ستانديش: «لم يكن بالضرورة أن يثير ريد شك أحد. وأضاف: «المخططون للاعمال الارهابية، ربما يبحثون ايضا عن أشخاص لا تنطبق عليهم المواصفات المتوقعة».وقال ستانديش انه لم تجر أبحاث كافية للمقارنة بين سلوك الاشخاص الذين يقومون بأعمال اجرامية، ومن يوشكون على تنفيذ هجمات انتحارية. ومضى يقول: «أعتقد أنه حتى أجهزة المخابرات ستتفق معي، أنها لا تستطيع وقف كل من يقدم على تنفيذ هجوم انتحاري».ومن بين وسائل تحسين اجراءات المراقبة، القيام بعمليات تفتيش على مقربة من بوابة المغادرة. وقال بوم: «بهذا ستكون هناك توقعات مختلفة للسلوك في كل رحلة طيران. كلما اقترب المرء من الصعود الى متن الطائرة، زادت فرص رصد المؤشرات السلوكية ايضا».