مسبار «سمارت 1» الفضائي يستعد للاصطدام بالقمر

اكتشف قمة «الضياء الأبدي» فيه ووضع خريطة بالخامات المعدنية والمياه على سطحه

TT

دعت وكالة الطيران والفضاء الاميركية «ناسا» هواة الفلك عبر العالم، بتوجيه تلسكوباتهم نحو القمر لرصد لحظة اصطدام مسبار «سمارت1» الفضائي الأوروبي بسطحه، فجر يوم الثالث من سبتمبر المقبل، وذلك بعد انتهاء مهمته الفضائية التي استغرقت نحو 3 اعوام.

وسوف يسقط «سمارت1»، الذي قام بمهمة مسح تضاريس سطح القمر ورصد خاماته المعدنية والمياه المتجمدة فيه، في موقع يسمى «بحيرة الامتياز» Lacus excellentiae، وهي منطقة عريقة في القدم تمتد على حفرة قطرها 100 ميل (161 كلم) في نصف الكرة الجنوبي للقمر. ويقع الاصطدام في الساعة 05.41 بالتوقيت العالمي (توقيت غرينتش) فجر الأحد، الثالث من الشهر المقبل، وفقا لما جاء في رسالة بالبريد الالكتروني وردت الى «الشرق الاوسط».

ولا يوجد أي خطأ يدعو العلماء لتوجيه «سمارت 1»، الذي توجت مهمته الفضائية بالنجاح، نحو حتفه المحتوم على القمر، بل ان الاصطدام يأتي كحل نهائي بعد انتهاء عمله، واستنفاده لوقوده، الأمر الذي يجعله معرضا للسقوط على القمر. ولذلك تقرر توجيهه نحو موقع اصطدام بسطح القمر يمكن رصده من الارض.

وتمثلت أولى مهمات المسبار الاوروبي في اختبار المحرك الأيوني الذي صممته وكالة الفضاء الاوروبية، وهو المحرك الذي دفع بـ«سمارت 1» في مسار حلزوني فريد من نوعه من الارض نحو القمر. ويتوقع ان يطور هذا المحرك لسفن الرحلات الفضائية المستقبلية.

كما نجح المسبار في التقاط آلاف الصور ذات الوضوح العالي جدا، لوضع خرائط مفصلة للخامات المعدنية التي تحتويها تضاريس سطح القمر. وكان أهم اكتشاف حققه هو العثور على قمة جبلية أطلق عليها «قمة الضياء الأبدي»، تقع قرب القطب الشمالي في القمر، التي تتعرض لضياء الشمس على مدار العام. وهذا ما سوف يجعلها قاعدة قمرية ممتازة لتوليد الطاقة الكهربائية من الشمس! وحالما يسقط «سمارت 1»، سيتولد انفجار على سطح القمر ويظهر وهج ضوئي له، لا يماثل بالطبع الوهج المماثل على الارض التي يوجد الاوكسجين في جوها، بل يظهر الوهج القمري نتيجة ازدياد حرارة الصخور القمرية بفعل الاصطدام.

ولأن المنطقة التي يقع الاصطدام فيها ستكون في ظلام دامس حينذاك، سيتمكن علماء الفلك من التقاط الوهج القمري.. إلا انهم لا يعرفون حتى الآن شدته، وهل سيكون ناصعا أم باهتا؟ وتتراوح التقديرات بين التفاؤل برصده من تلسكوب لأحد الهواة على الارض الى التشاؤم بعدم امكانية رصده من قبل أفضل المراصد العلمية! وصرح بيل كوك رئيس مكتب بيئة النيازك في مركز مارشال للتحليق الفضائي التابع لـ«ناسا» في هانتسفيل بولاية ألاباما «اننا سنراقب الحدث، لأن قياس شدة ضياء اصطدام «سمارت 1» بالقمر مهم لأبحاثنا». وكان كوك وأعضاء فريقه العلمي قد عكفوا خلال العام الماضي على دراسة الاجسام المصطدمة بالقمر، ورصد النيازك الساقطة عليه. وأضاف كوك أن هذه الأجسام «تصطدم بسطح القمر وتتفجر مثلما سيحدث لسمارت 1». ولذلك فان القمر سيرسل شراراته المضيئة ببطء وبشكل خافت.

ويرصد باحثو فريق كوك الاصطدامات مع القمر بطريقتهم الخاصة، اذ يوظفون تلسكوبين صغيرين فقط مزودين بكاميرات فيديو رقمية متطورة. وقد تمكنوا من رصد ثمانية حالات اصطدام النيازك بالقمر، وهذا الرقم اكثر بمرتين من كل حالات الاصطدام المماثلة التي رصدت قبل عام 2006. وهم يعزون ذلك الى كفاءة كاميرات لفيديو في التقاط الوهج.

ويزداد اهتمام باحثو «ناسا» بالقمر مع قرب توجه رواد الفضاء في رحلات مستقبلية اليه، ولذلك ينبغي التعرف على أخطار النيازك على حياتهم أثناء وجودهم على سطحه.

وكان باحثو وكالة الفضاء الاوروبية قد برمجوا عملية سقوط «سمارت 1» على القمر بزاوية ضئيلة جدا لا تزيد على بضع درجات عن الخط الأفقي. ويقول كوك إن ذلك سيؤدي الى ان يحدث المسبار حفرة ضحلة غير عميقة لا يزيد قطرها على متر واحد وطولها عدة امتار، وهو يأمل ان يؤدي الاصطدام الى تطاير مواد من تربة القمر وحدوث هالة من غبار قمري على ارتفاعات يمكن ان تصلها أشعة الشمس، وبذا يمكن رصدها بشكل أفضل.

إلا أن السقوط بزاوية صغيرة جدا عن السطح يحمل معه مشاكل من «اللا تعيين» في موعد اصطدام «سمارت 1» بالقمر، اذ يتوقع ان يحوم المسبار فوق بحيرة الامتياز عدة مرات في الثالث من سبتمبر(أيلول)، موعد الاصطدام، ويعتقد المراقبون في مركز المراقبة الارضي انه سيصطدم في الساعة05.41 صباح ذلك اليوم، لكن الموعد قد يتقدم دورة كاملة قبل ذلك او دورة كاملة بعد ذلك؛ أي يتقدم الى الساعة 00.36 او يتأخر الى الساعة 10.46 بالتوقيت العالمي لنفس اليوم.

على صعيد آخر، أعلنت وكالة الفضاء الروسية أمس، أن محطة فضائية جديدة ستحل بدل الفضاء الدولية التي تنهي عملها بحلول عام 2015. ونقلت وكالة «ريا نوفوستي» للأنباء عن فيتالي دافيدوف نائب رئيس الوكالة الفضائية، أن هذا «ضروري لأن المحطة الحالية لا تغطي سوى 10 في المائة من مساحة روسيا واننا نرغب في زيادة التغطية 10 مرات».

وأضاف دافيدوف أن المحطة الجديدة ستعمل على إنتاج مواد لا يمكن إنتاجها على الارض، وستوفر طرقا أفضل لمراقبة الكرة الارضية. كما أشار الى أن روسيا ستختبر تقنيات جديدة للرحلات الفضائية المأهولة نحو القمر والمريخ التي يمكن ان ترسل بين عامي 2015 و 2025.ٍ وبعد هذا العام الأخير تخطط الوكالة لرحلات بين الكواكب.

على صعيد ثالث، قال وليام بوروز الناطق الرسمي باسم «تحالف إنقاذ البشرية»، وهو منظمة اميركية تضم علماء ومفكرين، ان القمر هو الملجأ النهائي لتأمين بقاء كل الملامح الفريدة الأصيلة للارض والحفاظ عليها في حال حدوث كارثة فيها، وان مهمتنا تحويله الى مركز للحفظ على أصالة الأرض.

ونقلت صحيفة «اندبندنت» البريطانية عنه، أن المخطط يقضي أولا استعمار القمر ووضع قاعدة على سطحه لخزن الاقراص الصلبة للكومبيوترات التي تحتوي على كل البيانات عن تاريخ البشرية، ونشأتها وحضارتها، ثم الشروع بعد ذلك في مهمات استيطان الانسان للقمر.