بوش يضع الأميركيين أمام خيارين: دعم الحرب في العراق أو تحمل فوضى الانسحاب

قال لمواطنيه: إذا لم نقاتل الإرهابيين في شوارع بغداد سنواجههم في شوارعنا

TT

واشنطن ـ ا.ف. ب: يضع الرئيس الاميركي جورج بوش وحكومته الاميركيين امام خيار من اثنين: إما دعم الوجود العسكري الاميركي في العراق واما تحمل مسؤولية الفوضى الناتجة عن الانسحاب.

وقبل شهرين من الانتخابات البرلمانية الاميركية، بات بوش وادارته يستخدمان خطابا اكثر وضوحا، من اجل تبرير المهمة الاميركية في العراق. ومن العبارات التي استخدمها الرئيس الاميركي، اول من امس، في وصف الحرب في العراق: «صراع القرن الواحد والعشرين الايديولوجي الحاسم ضد خلفاء الفاشيين والنازيين والشيوعيين وغيرهم من الداعمين لايديولوجية التسلط في القرن العشرين».

ويحاول بوش، قدر المستطاع، عدم تسييس الجدل القائم في الولايات المتحدة، الا انه يقول بشكل اكثر وضوحا لمواطنيه، انه من الافضل لهم ان يفكروا بهذه الطريقة عندما يقررون الاختيار بين الجمهوريين والديمقراطيين في السابع من نوفمبر (تشرين الثاني).

وبدأ بوش، أول من أمس، حملة علاقات عامة جديدة في مواجهة حركة اعتراض متزايدة على التدخل الاميركي في العراق، تهدد بخسارة الجمهوريين الغالبية، التي يتمتعون بها في مجلسي الشيوخ والنواب. وقال يوم الاربعاء الماضي، ان هذه الحملة لن تكون سياسية، معربا عن «أمل جدي بألا يعمد احد الى تسييس المواضيع التي سأتكلم عنها».

ورغم ذلك، اختصر بوش، في خطابه الاول اول من امس، السياسة الاميركية في الشرق الاوسط بخيار بسيط: «الابقاء على الواقع الراهن في الشرق الاوسط، وبحلول الجيل المقبل، سيواجه اطفالنا منطقة تسيطر عليها الدول الارهابية والمتطرفون الدكتاتوريون، الذين يملكون اسلحة نووية، او تطبيق خططه من اجل الحرية وشن حرب شاملة على الارهاب واعطاء الناس في الشرق الاوسط مستقبلا مليئا بالامل». وقال في ما يشبه معادلة الانتخابات المقبلة «هنا، في بلادنا، علينا ان نقوم بخيار في ما يتعلق بالعراق»، في وقت يعبر بعض الجمهوريين عن القلق من ان تتحول الانتخابات الى استفتاء حول العراق. وقد خسر السناتور الديمقراطي النافذ جوزف ليبرمان، الداعم للحرب في العراق، الانتخابات التميهدية في ولاية كونيتيكت في بداية اغسطس (آب) ، مسددا بذلك ثمنا لتأييده الحرب.

وقال بوش في سولت ليك سيتي، ان الانسحاب الاميركي من العراق سيشكل «كارثة حقيقية». واضاف «لن تخرج الولايات المتحدة، قبل ان تحرز النصر». وعرض بوش البديل الآتي: «الابقاء على القوات الاميركية في العراق كل الوقت اللازم من اجل انشاء عراق يشكل نموذجا لكل الشرق الاوسط، او الانسحاب وتسليم العراق الى ألد اعدائنا وتحويله الى معقل جديد لارهابيي العالم اجمع، اكثر خطورة من افغانستان في ظل حركة طالبان، بسبب موارد النفط التي سيستفيدون منها».

وقال الرئيس الاميركي «اذا تخلينا عن القتال في شوارع بغداد، فسنواجه الارهابيين في شوارعنا». وعاد خوف الاميركيين على أمنهم بالفائدة على بوش وادارته في الانتخابات البرلمانية في 2002 والرئاسية في 2004. الا انه قد لا يأتي بالنتيجة نفسها هذه المرة، بعد مقتل اكثر من 2600 اميركي في العراق منذ مارس (آذار) 2003.

ولم يتردد بوش في تسمية اي من الديمقراطيين او الجمهوريين قادر بشكل افضل على حماية الاميركيين: الذين يطالبون بانسحاب غير مشروط من العراق، بالنسبة اليه، لا يمكن ان يرتكبوا خطأ اكبر من هذا الخطأ، علما بان العديد من الديمقراطيين يطالبون ببرنامج زمني للانسحاب من العراق لا يبدو بوش مستعدا لتقديمه حاليا.

وبات الجمهوريون يصفون الديمقراطيين بـ«الانهزاميين». واثار وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد فضيحة بين الديمقراطيين، عبر وصف منتقدي الحرب بأنهم يشبهون اولئك الذين افادوا من صعود النازية. كذلك رد بوش مباشرة على حجة الديمقراطيين القائلة، ان الحرب في العراق تحول دون استخدام اموال كبيرة لمكافحة الارهاب في اماكن اخرى، فقال: «خبر اول يزف الى اسامة بن لادن، الذي اعلن ان العراق مسرح للحرب العالمية الثالثة».

ويتهم الديمقراطيون بوش بزرع الانقسام وجعل البلاد «اقل أمنا»، مما كانت عليه قبل 11 سبتمبر (ايلول). ويريد الديمقراطيون الساعون الى استعادة الغالبية على الاقل في مجلس النواب، اقناع الاميركيين بألا علاقة للحرب في العراق مع «الحرب الشاملة على الارهاب».

ويبدي عدد من اعضاء الحزب الجمهوري نفسه، الذي يعاني من انقسام بين الرغبة بالابتعاد عن الساحة العراقية ومصالح الولاء لبوش، قلقهم من الراديكالية التي باتت تطبع الخطاب الحكومي.