هنية يدعو لإلغاء الإضراب وحرب بيانات بين «حماس» واتحادات العمال

توتر شديد عشية الإضراب المفتوح عن العمل اليوم

TT

نشبت «حرب بيانات» بين النقابة القريبة من حركة حماس والاتحادات العمالية، على خلفية دعوة الأخيرة إلى إضراب شامل عن العمل اليوم السبت، احتجاجاً على عدم تلقي الموظفين في دوائر السلطة رواتبهم منذ ستة أشهر، بينما حث إسماعيل هنية رئيس الوزراء الفلسطيني، العاملين بالحكومة على إلغاء الخطط بالقيام بإضراب مفتوح قائلا: إن الفوضى التي ستنجم عن ذلك لن تفيد إلا إسرائيل.

ويعتزم الموظفون المدنيون الذين يطالبون بأجورهم المتأخرة منذ مارس (آذار) التوقف عن العمل وهددوا بإصابة المنشآت الحكومية باستثناء المستشفيات والمعابر الحدودية بالشلل.

واعتبر بيان صادر عن الكتلة الإسلامية في الاتحاد العام للمعلمين، المقربة من حماس أن الإضراب غير قانوني، وأنه جاء لخدمة أهداف سياسية محضة. واستخدم ممثلو الكتلة، مكبرات الصوت في كل المدن والبلدات الفلسطينية لدعوة المدرسين وأولياء الأمور إلى إرسال أولادهم للمداس، مشددين على أن الهدف من الإضراب هو إسقاط الحكومة الفلسطينية المنتخبة.

وجاء رد رئيس الوزراء على دعاوى الاضراب بمشاركته مع الآلاف من انصار حركة حماس، في حملة لتنظيف شوارع غزة من أكوام القمامة التي تراكمت، على مدار الأيام الماضية نتيجة إضراب عمال البلدية عن العمل. ووصل هنية في ساعة مبكرة من صباح أمس إلى ميدان فلسطين وسط المدينة مرتدياً بزة رياضية، حيث أعطى إشارة البدء في الحملة. وقال هنية للصحافيين أثناء قيامه بجمع القمامة «لا يمكن أن نسمح لسياسات القتل والتدمير والحصار أن تقتل فينا الإرادة وتسرق منا المواقف».

وشارك في الحملة قادة حركة حماس ونوابها في المجلس التشريعي، والذين ارتدوا القبعات الخضراء، وقاموا بتجميع أكوام القمامة ونقلها من خلال جرافات في شاحنات كبيرة خصصت لهذا الغرض. من ناحيتها دعت نقابة العمال الموظفين الحكوميين إلى إضراب مفتوح عن العمل. وشددت النقابة في بيانها، على أنها تضع في الاعتبار أن يتطور الإضراب إلى مواجهات مع الحكومة. ودعا محمد صوان رئيس الاتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين، المعلمين والمعلمات والإداريين والموظفين إلى عدم التوجه إلى المدارس حتى يتم صرف الرواتب والتعهد بانتظامها بعد ذلك. وطالب صوان الرئيس الفلسطيني محمود عباس والحكومة الفلسطينية بصرف رواتب المعلمين في أسرع وقت حتى يتمكن المعلم وأسرته من العيش بكرامة واحترام.

وبذلت الحكومة الفلسطينية وحركة حماس ووسائل الإعلام التابعة لها جهودا حثيثة لإقناع الناس بعدم المشاركة في الإضراب وإرسال أولادهم إلى المدارس. وجندت الأغلبية الساحقة من خطباء المساجد لتأييد موقف الحكومة، حيث دعوا في خطب الجمعة أمس، المدرسين للتوجه للعمل وأولياء الأمور بإرسال أولادهم للمدارس. وفي المقابل واصلت وسائل الإعلام التابعة لحركة «فتح» دعوة المدرسين وأولياء الأمور إلى الانصياع لقرار الاتحاد العام للمدرسين وعدم إرسال أولادهم للمدارس.

ويسود ترقب كبير في الأراضي الفلسطينية لما سيسفر عنه اليوم الأول من الإضراب. من ناحيته اتهم عاطف عدوان، وزير شؤون اللاجئين في الحكومة الفلسطينية «فئات لها ارتباطات خارجية» بضرب القضية الفلسطينية لخدمة هذه الارتباطات، من خلال استغلال معاناة المواطنين والدعوة إلى اضرابات تشل الحياة الاقتصادية والتعليمية والصحية وجوانب الحياة المختلفة، مشدداً علي ان المتضرر الأول والأخير من هذه الاضرابات هو الشعب الفلسطيني نفسه. وناشد عدوان «الموظفين والعمال بعدم الاستجابة لهذه التحركات المشبوهة ودعم الحكومة في مواجهة الحصار، مؤكداً أن الحكومة ستقوم بمسؤولياتها وواجباتها تجاه أبناء شعبها رغم التضييق والحصار.

وأضاف عدوان أن بعض الجهات المحلية والعربية والدولية تلعب دوراً في هذه المؤامرة، من خلال فرض الحصار المالي والاقتصادي والسياسي والإعلامي على الحكومة، وتجويع الشعب الفلسطيني لدفعه للانقلاب على حكومته الشرعية.

وفي تصريحات للصحافيين في غزة قال عدوان إن هناك «تيار مشبوه في بعض النخب السياسية الفلسطينية، ترتبط مصالحه بإسرائيل، ولديه الاستعداد للتحالف معها، وهناك حملة منظمة يقودها هذا التيار تهدف إلى تشويه موقف الحكومة أمام الشعب. وقال عدوان هناك «جهات معادية» تضخ أموالاً كبيرة لتمويل الحملة ضد الحكومة. وقال «الذين يخرجون لمهاجمة للحكومة، إنما يمثلون حلقة من حلقات هذه الحملة التي يمكن وصفها بمؤامرة، يتعرض لها الشعب الفلسطيني».

وطالب عدوان باتخاذ إجراءات «حاسمة وسريعة» ضد من سماهم بـ«قوى التخريب المرتبطة بالجهات المعادية لمصالح الشعب الفلسطيني».

من ناحيته قال عبد الحكيم عوض، الناطق الإعلامي لحركة فتح، ان أعضاء الحكومة الفلسطينية تسيطر عليهم عقلية المؤامرة، داعياً حماس إلى تفهم احتياجات المواطنين الفلسطينيين والموظفين الداعين إلى الإضراب عن العمل. وأضاف أن وزراء الحكومة يقومون بتوزيع الاتهامات، وإسقاط الأزمات الاقتصادية والمالية والسياسية، والتي تعاني منها الحكومة، وتفسير ذلك بوجود مؤامرة تستهدف الحكومة.

وفي تصريحات للصحافيين، قال عوض إنه بسبب عجز الحكومة لم يتمكن الموظفون من إعالة أسرهم للشهر السابع على التوالي. وامتدح عوض قدرة العمال والموظفين على تحمل الأوضاع خلال الفترة السابقة وحث عوض وزراء الحكومة على التوقف عن تخوين الجهات الفلسطينية التي تعلن الإضراب، مطالباً الحكومة بتطبيق برنامج «التغيير والإصلاح» الذي أعلنته خلال الحملة الانتخابية الأخيرة. تظاهر عشرات الآلاف من الفلسطينيين في مدينة غزة للتعبير عن تضامنهم مع الحكومة الفلسطينية ورفضا للدعوات إلى إضراب الموظفين والمعلمين اليوم السبت. وندد المتظاهرون الذين انطلقوا في مسيرة بعد أداء صلاة الجمعة، بالجهات الداعية إلى الإضراب ضد الحكومة الفلسطينية، متهمين إياها بأنها تسير«وفق أجندة سياسية بهدف تقويض الحكومة الفلسطينية المنتخبة وإسقاطها»، كما كتب على احدى اليافطات التي حملها المتظاهرون.

ودعا المتظاهرون، المعلمين الفلسطينيين إلى عدم الاستجابة للجهات الداعية للإضراب والتوجه إلى مدارسهم وإفشال هذا الإضراب الذي اعتبروه بأنه لا يصب في مصلحة الشعب الفلسطيني.

من ناحيته القى أحمد بحر نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني كلمة امام المتظاهرين عندما وصلوا الى باحة المجلس التشريعي، متهماً الداعين للإضراب والاحتجاج ضد الحكومة الفلسطينية بمحاولة ابتزاز الحكومة سياسياً. واضاف «نقول بصراحة إننا لا يمكن أن نقبل هذا الابتزاز السياسي ولن نتخلى عن الثوابت وعن هذه الراية التي رفعناها ما دمنا على هذه الحياة». وطالب بحر الداعين إلى الإضرابات والاحتجاجات أن يوجهوها نحو من يحاصر الشعب الفلسطيني ويمنع إدخال الأموال إليه وأن يوجهوا هذه الإضرابات والاحتجاجات إلى إسرائيل وأميركا. وقال: «نقول لهم بصراحة نحن مع حقوق العمال والمعلمين والموظفين، ولكن الذين يريدون أن يعلنوا الإضراب غداً يجب عليهم أن يعلنوا الإضراب ضد أميركيا وإسرائيل، عليكم أن توجهوا إضرابكم ضد العدو الذي يحتجز أكثر من 400 مليون دولار من أموال شعبنا، عليهم أن يوجهوا احتجاجهم للأميركان والذين يحاصروا شعبنا»، على حد تعبيره. وخاطب بحر الأسرى النواب والوزراء المعتقلين «نحن معكم على هذه الطريق، ولن تغمض لنا عين ولن يهدأ لنا بال إلا بتحريركم، إنكم اليوم تسطرون ملحمة البطولة من وراء الحكومة الفلسطينية المنتخبة»، مشدداً على «أن الحكومة والتشريعي صامدون، ولا يمكن أبداً أن يتزحزحوا عن المبادئ ويطأطئوا الرؤوس، ولن يركعوا إلا لله».

وقال بسام زكارنة رئيس اتحاد العمال الفلسطيني ان الشعارات لن تحل الازمة. وأضاف أنه في الوقت الذي سيضرب فيه الموظفون الحكوميون كلهم في الضفة الغربية المحتلة الا أن الموظفين في غزة سيتوجهون الى مكاتبهم ولكن لن يقوموا بأعمالهم.

وتابع أن ذلك يرجع الى الاحوال المعيشية الصعبة في غزة وهي ايضا معقل لحماس. وأغلبية الموظفين الحكوميين في الضفة الغربية.

وعباس في غزة لاجراء محادثات مع هنية بخصوص تشكيل حكومة وحدة فلسطينية والتي يأمل بعض الزعماء الفلسطينيين أن تؤدي الى تخفيف العقوبات الخارجية. ومن المتوقع أن تستمر المحادثات لاسابيع.

وقال هنية «نحن ما زلنا في بداية الطريق ونأمل أن تنجح كل مساعينا في حماية الوحدة الوطنية».

وصرح مساعد لعباس بأن الرئيس الفلسطيني يصر على تحقيق تقدم بخصوص تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية سواء بالحصول على مساندة حماس أو بالعمل ضدها اذا فشلت المحادثات.

ونظريا يمكن لعباس إقالة هنية رغم أن بعض المحللين يقولون انه من غير المرجح أن يحدث ذلك بسبب شعبية حماس والمخاوف الفلسطينية من تجدد العنف السياسي الداخلي اذا اتخذت مثل هذه الخطوة.

ولم تبد حماس مؤشرات على أنها ستذعن للمطالب الدولية بالاعتراف باسرائيل وقبول اتفاقات السلام المؤقتة وهي نقطة خلاف رئيسية بينها وبين عباس. وتريد حماس ايضا الاحتفاظ بالمناصب الوزارية الرئيسية في أي حكومة وحدة وطنية بما في ذلك منصب رئيس الوزراء. ويقول مساعدو عباس ان هذا غير عملي.