الخلافات بين «كاديما» و«العمل» تهدد استقرار حكومة أولمرت

تزايد الانتقادات لوزير الدفاع

TT

تتزايد المؤشرات التي تؤكد أن الحكومة الإسرائيلية الحالية في طريقها للسقوط في ظل الأزمة بين حزبي «كاديما» برئاسة رئيس الوزراء ايهود أولمرت، و«العمل» برئاسة وزير دفاعه عمير بيريتس.

ويرى المراقبون في إسرائيل أن استمرار الشراكة بين هذين الحزبين في هذا الائتلاف أصبح شبه مستحيل، في ظل اتجاه حزب العمل لرفض القرارات التي يتخذها أولمرت، خاصة قراره الأخير بتشكيل لجنة حكومية لفحص مسار الحرب ضد حزب الله. وقرار أربعة من وزراء حزب العمل في الحكومة، من بينهم زعيم الحزب بيريتس التصويت ضد قرار أولمرت بتشكيل هذه اللجنة.

ويطالب بيريتس وزملاؤه بتشكيل لجنة تحقيق ذات صلاحيات واسعة من قبل المحكمة العليا، على أن يرأسها أحد قضاء هذه المحكمة، أو أحد قضاتها السابقين. ويؤكد حزب «كاديما» أن هناك أغلبية داخل الحكومة لتمرير قرار أولمرت، إلا أن أسلوب وزراء حزب العمل يدل على أنهم اتخذوا قراراً بتبني سياسة مستقلة عن تلك التي تقرها الحكومة، مما يعني تقييد عمل الحكومة وعجزها عن اتخاذ قرارات مهمة.

من ناحيتهم، هاجم المقربون من أولمرت، وزير الدفاع بيريتس، معتبرين أن كل ما يقوم به حالياً يأتي من أجل إنقاذ مستقبله السياسي فقط. ونقلت صحيفة «يديعوت احرنوت» في عددها الصادر أمس، عن افيغدور يتسحاكي رئيس كتلة حزب «كاديما» في الكنيست مطالبته لأولمرت بـ«طرد» حزب العمل من الحكومة وضم أحزاب يمينية متطرفة بدلاً منه، مثل حزب «إسرائيل بيتنا» اليميني المتطرف، وحزب «يهدوت هتوراه»، الأرثوذكسي. لكن المراقبين في تل أبيب يرون أن دعوة يتسحاقي غير جدية، إذ أنه يعلم أن هذين الحزبين غير معنيين بالانضمام لحكومة تواجه لجان التحقيق وتتراكم حول رئيسها ووزرائها الاتهامات، لأن مثل هذه الخطوة تعتبر عملية انتحار طوعية من قبل هذه الأحزاب. ويرى المراقبون أن هامش المناورة أمام أولمرت آخذ بالتقلص بشكل كبير، الأمر الذي سيدفعه في النهاية إلى الإعلان عن حل البرلمان والدعوة لانتخابات جديدة. وقد فجر الكاتب دان مرغليت، أحد أوثق أصدقاء أولمرت قنبلة، عندما دعا في مقال نشره أمس بصحيفة «معاريف» أولمرت للاستقالة على اعتبار أنه «لم يعد له ما يفعله في مكتب رئيس الوزراء». وحتى إذا تجاوزت الحكومة الحالية أزمة لجان التحقيق، فأن التحدي الأكبر يبقى موازنة الدولة للعام 2007. وحسب صحيفة «معاريف»، فإن بيريتس سيصر على إدخال تعديلات كبيرة على مشروع الموازنة، بحيث سيطالب بتحويل مخصصات مالية للفئات الفقيرة في المجتمع، وذلك في محاولة منه لاستعادة «راية النضال من أجل الفئات الفقيرة»، وهو الشعار الذي رفعه في حملته الدعائية خلال الانتخابات الأخيرة. ولا خلاف على أن أولمرت سيرفض بشدة زيادة أي مخصصات للفئات الضعيفة في المجتمع، على اعتبار أن الحكومة مطالبة بتبني سياسات اقتصادية تقشفية في أعقاب الحرب لتغطية العجز في الموازنة الناجم عن الزيادة الكبيرة في مصاريف الأمن والجيش، ولتمويل عملية إعادة بناء وترميم المنازل والمباني والمؤسسات في المستوطنات في شمال الدولة التي تضررت كثيرا بسبب قصف حزب الله. من ناحيتها، أشارت القناة الأولى في التلفزيون الإسرائيلي إلى أنه حتى لو أراد بيريتس أن يتوافق مع أولمرت ويغض الطرف عن بنود الموازنة التي تمس بالفئات الفقيرة في المجتمع، فأن العديد من نواب حزب العمل سيرفضون الالتزام بتعليماته وسيتمردون عليه. وحسب القناة، فإن العديد من قادة حزب العمل باتوا يعدون العدة للتنافس على قيادة حزب العمل في الانتخابات التمهيدية التي ستجري بعد سبعة أشهر، لاختيار زعيم جديد للحزب؛ لذلك فأن من مصلحتهم أن ينهار الائتلاف الحاكم ويخرج الحزب من الحكومة، إلى جانب ذلك، فهم معنيون أن يثبتوا للقاعدة الجماهيرية للحزب أنهم أكثر التصاقا بقضايا العمال والفقراء من بيريتس.

ويرى يعكوف بردوغو المعلق السياسي في إذاعة صوت الجيش الإسرائيلي، أن زعيم حزب العمل بيريتس بات يدرك أن شعبيته قد تآكلت بشكل كبير في الشارع الإسرائيلي في أعقاب الحرب، حيث تم تحميله جزءا كبيرا من المسؤولية عن نتائج الحرب، بسبب قلة خبرته في المجال العسكري، إلى جانب تحوله إلى مجرد أداة في أيدي قادة الجيش. لذا، فإن اتجاه حزب العمل ووزرائه في الحكومة لاتخاذ سياسة مغايرة لسياسة الحكومة التي يشاركون فيها، يأتي في محاولة لترميم مكانة الحزب لدى الرأي العام الإسرائيلي، حيث تدهورت شعبيته. وتوقعت استطلاعات الرأي أن ينهار حزب العمل في أي انتخابات قادمة، بحيث لا يحصل على أكثر من عشرة مقاعد، أو حتى أقل من ذلك. أما عكيفا الدار المعلق السياسي لصحيفة «هارتس» الإسرائيلية، فيرى أن قيام بيريتس بتحدي اولمرت على هذا النحو ومطالبته بتشكيل لجنة تحقيق من قبل المحكمة العليا، يأتي لأن بيريتس يعتقد أن استنتاجات هذه المحكمة ستكون «أكثر تساهلاً»، معه من بقية المسؤولين، خاصة أولمرت وقادة الجيش، وتحديداً رئيس هيئة الأركان دان حلوتس. وتحدى رئيس كتلة حزب العمل في الكنيست النائب افرايم سنيه، أولمرت في حديثه أمس لإذاعة صوت الجيش الإسرائيلي قائلا، إنه حتى لو نجح أولمرت في تمرير قراره بتشكيل لجنة حكومية لفحص مسار الحرب، فأنه بالإمكان إجباره على تكليف المحكمة العليا بتشكيل لجنة تحقيق ذات صلاحيات واسعة؛ وذلك عن طريق استصدار قرار بهذا الشأن عن طريق إحدى لجان الكنيست.