ثلاثة أرباع أعضاء «القاعدة» متزوجون ومتعلمون

خبير أميركي: الإرهابيون شبانٌ رومانسيونَ يحاولون تشييد عالم أفضل

TT

قال خبير أميركي في شؤون الإرهاب وطبيب متخصص في الأمراض النفسية، مارك سايجمان، إن الإرهابيين «في الأساس شبان رومانسيون يحاولون تشييد عالم أفضل، ومستعدون للتضحية بأنفسهم في سبيل هذا الحلم، وفي سبيل اليوتوبيا أو المدينة الفاضلة».

وأضاف سايجمان في حوار على الإنترنت رعته وزارة الخارجية الأميركية في 30 أغسطس (اب) الماضي، إن الحالة تزداد لدى هؤلاء الإرهابيين «كلما شاهدوا مزيداً من إخوانهم المسلمين يتعرضون لإطلاق النار وللقتل»، مشيرا إلى أن ذلك يزيد من استعدادهم للانضمام إلى «هذه الحركة الاجتماعية». ووفقا لما ورد في نشرة وزارة الخارجية الأميركية، فإنه رغم القضاء على معسكرات تدريب الإرهابيين وملاجئ أراملهم في أفغانستان، إلا أن الولاء للحلم الذي تصوره «القاعدة» بالنسبة للشبان لم يتقلص حسب رأي سايجمان.

وقال سايجمان، وهو زميل في معهد أبحاث السياسة الخارجية في فيلادلفيا، وزميل مساعد في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن العاصمة. وهو بحاثة مستقل متخصص في الإرهاب ومؤسس ومدير شركة استشارات سايجمان المحدودة في روكفيل، بولاية ماريلاند: «إن جميع أعضاء «القاعدة» هم من المسلمين؛ ولكن درجة ورعهم ومعرفتهم بالإسلام متباينة جدا. وقال: «هؤلاء، في الأساس، شبان على عجلة من أمرهم». وأضاف الطبيب الأميركي أن أعضاء «القاعدة» أناس يستخدمون العنف لتحقيق أهدافهم. وأوضح «أن هذا هو الفرق بين الإرهابيين العنيفين والناس الذين يتقيدون بقوانين المجتمع ويرغبون في إنجاز التغيير من خلال القوانين الاجتماعية». ومضى سايجمان إلى القول «إن ما يثير الدهشة هو أن ثلاثة أرباع الإرهابيين في «القاعدة» هم شبان متزوجون ولثلثيهم أطفال، أو عدة أطفال في الكثير من الأحيان. وقد كان تنظيم «القاعدة»، في عصره الذهبي في الفترة الممتدة من عام 1996 حتى عام 2001، يتولى مسؤولية رعاية أرامل وعائلات شهداء التنظيم. وكان يساندهم مادياً ويؤمِّن لهم المساكن في ملاذات «القاعدة» في جلال أباد وقندهار في أفغانستان. أما اليوم، فلم يعد يتم تقديم تعويض لأرامل الأعضاء الذين يقتلون أنفسهم خلال العمليات الإرهابية».

ووصف سايجمان «القاعدة» الآن بأنها منظمة دولية ليست لديها هيكلية قيادة وسيطرة رسمية. وقال إن معظم أعضاء «القاعدة» حصلوا على مستوى من التعليم يفوق المستوى الذي حصل عليه أقرانهم، وأن الأعضاء يكونون في الكثير من الأحيان مندمجين تماماً في مجتمعاتهم، رغم أنهم أصبحوا في الفترة الأخيرة أكثر نأياً عنها وأكثر نفوراً من الاختلاط بالآخرين.

وأشار إلى أن 62 في المائة من أعضاء التنظيم تلقوا تعليماً جامعيا.

وأردف: «إن المشكلة الحقيقية هنا هي انعدام الفرص بالنسبة للمتعلمين. وإن إحدى أكثر الوصفات فعالية «لتوليد» الإرهاب هي توفير التعليم للجميع بدون «توفير» فرص الحصول على أعمال». وأشار إلى وجود مناقشات في منتديات المؤدلجين على الإنترنت حول هذا التوجه الجديد المشجع للإرهابيين على الانسحاب من المجتمع.

وقال سايجمان: «يجب فهم عملية تحويل الأشخاص إلى راديكاليين بشكل أفضل». وفي حين اقترح سايجمان استخدام الحكومات أجهزة فرض القانون بسرعة للقبض على الشبان الذين أصبحوا إرهابيين، إلا أنه قال إن الأهم من ذلك هو الحيلولة دون انضمام أجيال جديدة إلى الحركة الاجتماعية الإرهابية.

وقال: «هذه مهمة أكثر شمولية، تتعلق بالسياسات والتواصل والانخراط مع الجالية الإسلامية للحوار معها بأن الإرهاب يخرج عن حدود السلوك المقبول. والنقطة المهمة هي التركيز على جزئية «استخدام» العنف ومحاولة إبطاله». وأضاف سايجمان أن مراقبة التحويلات المالية والرصد العام لاتصالات المشتبه في كونهم إرهابيين، أديا فعلياًً، باستثناء بعض الحالات في باكستان، إلى قطع الاتصال بين الأعضاء المُحتملين وقادة «القاعدة» الذين ما زالوا على قيد الحياة. وقال إن القادة، بوجه عام، لا يعرفون اليوم هوية أتباعهم ولا يستطيعون دعمهم مالياً حتى لو كانوا راغبين في ذلك.

واستطرد قائلا: «عندما ينظر المرء إلى معظم العمليات الإرهابية في الأعوام الثلاثة الأخيرة يدرك أنها كانت ممولة ذاتيا». وقال إن أحد الجوانب المحبطة في الحرب العالمية على الإرهاب كان محاولة بعض الدول تبرير قمعها أو قضائها على المعارضة المحلية «على أنه ضمن تلك الحرب». وأضاف: «يجب أن تدرك الحكومة الأميركية هذه الأمور على حقيقتها وتنأى بنفسها عن هذا الاتجاه». وأعرب الخبير عن اعتقاده بأن الحكومة الأميركية اتخذت القرار الصائب عندما دعت حكومة أوزبكستان، ذات المصلحة المشتركة مع الولايات المتحدة في محاربة الإرهاب، إلى التوقف عن قمع السكان.