الحكومة السودانية تصعد وتقرر طرد القوات الأفريقية من دارفور

بعد يوم واحد من قرار مجلس الأمن نشر قوات في الإقليم المضطرب

TT

في خطوة تصعيدية، نسب الى مصادر مأذونة في الخرطوم قولها إن الحكومة السودانية قررت إبعاد القوات الأفريقية الموجودة في دارفور فورا عن البلاد، على أن يكتمل سحبها قبل 30 سبتمبر (أيلول) الجاري، وان طلبا رسميا ستحرره الى الدول المشاركة في القوة الأقريقية بالإقليم تبلغه فيها بعد الشكر «أن قواتها لم يعد مطلوباً وجودها في السودان»، بعد يوم واحد من تبنى مجلس الأمن الدولي قررا مثيرا للجدل يدعو لنشر قوات تابعة للأمم المتحدة في الإقليم، قابلته الخرطوم عاجلا بالرفض وهيأت نفسها للمواجهة. وتحدثت الخرطوم عن «خيارات وخطط قومية لمواجهة التدخل الأجنبي»، كما قالت «إنها مستعدة لكل الاحتمالات»، وقال علي عثمان محمد طه، نائب الرئيس السوداني الذي يقوم بجولة في إقليم كردفان غرب السودان إن المعركة مع المجتمع الدولي تحتاج الى نفس طويل وإحكام التدابير، ودعا طه الى ضرورة تحويل الرفض لدخول القوات الدولية لدارفور الى برنامج عمل فاعل وحركة دائبة، وقال «لدينا خيارات وخطط قومية لمواجهة التدخل الأجنبي»، ولم يكشف عن التفاصيل.

ونوه طه الى «ما أحدثه «حزب الله» في صفوف جيش العدو الصهيوني لما ظل يتمتع به من عزيمة وصبر وإرادة سياسية واضحة»، وأضاف نحن مستعدون لكل الاحتمالات، ودعا الى ضرورة تأمين الحياة الداخلية ووحدة الصف الوطني، كما دعا الي العمل على توحيد وتماسك الجبهة الداخلية. وأشاد في الخصوص بمواقف الحركة الشعبية وانتهاجها الخط الوطني ودعمها لحل قضية دارفور.

ونسب الى مصادر مأذونة في الخرطوم أن الحكومة قررت الطلب رسمياً للاتحاد الأفريقي بالشروع في سحب قواته فوراً من دارفور على أن يكتمل سحبها قبل 30 سبتمبر الجاري. وقالت المصادر إن الحكومة ستكتب إلى جميع الدول الأفريقية التي تعمل قواتها في دارفور، شاكرة لها مساهمتها السابقة، ومبلغة إياها في الوقت ذاته أن قواتها لم يعد مطلوباً وجودها بالسودان. وبررت المصادر الإجراء بقولها «طالما وافق الاتحاد الأفريقي على نقل مهمته في دارفور للقوات الأممية، فهذا يعني انه وضع حداً لدوره في حفظ السلام بالإقليم»، وأضافت أن الإجراء يأتي مع تحذير وجهه الرئيس البشير في وقت سابق لقادة الاتحاد الأفريقي بأنه في حال تأييد الاتحاد لأي قرار من مجلس الأمن في نقل المهمة الأمنية فإن السودان سيطلب الى الدول الأفريقية العاملة قواتها في دارفور بالانسحاب من هناك. وشددت المصادر على ان الحكومة متمسكة بقرار إبعاد القوات الأفريقية، ولكنها تركت الباب مفتوحاً «لبناء موقف حكومي جديد إذا تراجع الاتحاد الأفريقي عن تأييده لقرار مجلس الأمن 1706 القاضي بنشر قوات دولية في دارفور». وعلى صعيد المعارضة، وصف رئيس حزب الأمة الصادق المهدي صدور القرار بأنه إجراء وفاقي تم بين الحكومة والمجتمع الدولي، وقال إن الحكومة ليس أمامها إلا قبول القرار، سيما أنه صدر بالإجماع. ولم يندهش أو يستغرب القرار سكرتير الحزب الشيوعي، محمد إبراهيم، وقال إن مجلس الأمن لا يمكن أن يتخذ قراراً من دون اتفاق مع الحكومة، وأضاف «هناك أشياء غير مرئية لنا» تدور بين الحكومة ومجلس الأمن، وشدد على أن القوات الدولية لا يمكن أن تغزو السودان.

ووصف محجوب حسين، الناطق الرسمي باسم حركة تحرير السودان بزعامة «مناوي» في تصريح لـ«الشرق الاوسط»، القرار بأنه انتصار حقيقي لإرادة شعب دارفور وشعب السودان والقوى السياسية التي تعبر عن إرادة الأمة وتسعى للحفاظ على استقرارها وسلامتها.

الى ذلك، كشفت مصادر بحركة تحرير السودان، جناح «مناوي»، أن معارك ضارية تدور بين قوات حكومية و«جبهة الخلاص» المناوئة لاتفاق أبوجا لسلام دارفور المثير للجدل، أسفرت عن سقوط عدد من الجرحى في منطقة «سدر» بولاية شمال دارفور، وحسب مصادر الحركة فان قوات «جبهة الخلاص» خرجت من المعركة، ونقل عدد من الجرحى الى مستشفي الفاشر.

وفي واشنطن أبدت الولايات المتحدة تفاؤلا بأن السودان سيقبل في نهاية الأمر بقوة للأمم المتحدة لحفظ السلام في دارفور. وقالت جينداي فريزر، كبيرة المسؤولين المختصين بالشؤون الأفريقية في وزارة الخارجية الأميركية والتي التقت الرئيس السوداني عمر البشير هذا الأسبوع، إنها تعتقد أنه سيقبل في النهاية قوة للأمم المتحدة لإنهاء ما تقول واشنطن إنها إبادة جماعية في دارفور.

وأضافت فريزر قائلة «ما قالته الحكومة لي بوضوح شديد هو أنهم يرحبون بأي مسعى لدعم وتعزيز قوات الاتحاد الأفريقي الموجودة في دارفور»، مشيرة الي سبعة آلاف جندي أفريقي يجدون صعوبات في الحفاظ على السلام في دارفور.

وقالت فريزر التي نقلت رسالة من الرئيس الأميركي جورج بوش الي البشير تحث السودان على التخلي عن معارضته لقوة الأمم المتحدة «أنا واثقة جدا أنهم سيوافقون في نهاية المطاف». ومعقبة على امتناع روسيا والصين وقطر عن التصويت، قالت «نعتقد انه شيء يصعب تفسيره في ضوء الوضع الأمني الخطير للغاية والآخذ في التدهور». وأضافت قائلة «نعتقد أن امتناعهم عن التصويت يصعب تفسيره في ضوء دعمهم السابق لمفهوم عملية موسعة للأمم المتحدة».