الصومال: «المحاكم» تطلب من «الحكومة» اعترافا وتقاسم السلطة في محادثات الخرطوم

وفد الحكومة الانتقالية أكد الاستعداد لسلام دائم مع الإسلاميين

TT

استأنفت الحكومة المؤقتة في الصومال ومنافسوها الاسلاميون محادثات سلام مباشرة امس في الخرطوم برعاية الجامعة العربية والحكومة السودانية في اطار مساع لتحقيق مصالحة واقتسام للسلطة لتجنب نشوب حرب في البلاد التي يغيب عنها القانون.

وطالبت المحاكم الاسلامية خلال افتتاح المفاوضات، الحكومة الانتقالية، بالاعتراف وتقاسم السلطة. ولم يطالب الاسلاميون بمراكز حكومية بشكل مباشر، إلا انهم طلبوا بوضوح من الحكومة التي يتولون التفاوض معها، الاعتراف بالمحاكم التي انتزعت من زعماء الحرب العاصمة الصومالية مقديشو في يونيو (حزيران) الماضي قبل ان تبسط سيطرتها على مناطق عدة جنوب البلاد وجزء من الوسط. وكانت آخر مرة اجتمع فيها الجانبان في 22 يونيو حيث اتفقا على وقف الحملات العسكرية والاعتراف المتبادل. لكن المحادثات تعثرت وسط مزاعم من جانب الحكومة بأن الاسلاميين انتهكوا الاتفاق الذي يحظر التوسع العسكري ومزاعم الإسلاميين بتدخل أجنبي في الصومال.

وقال رئيس وفد الاسلاميين، ابراهيم حسين عدو، «ان النصر المحرز يسمح لاتحاد المحاكم الاسلامية بتشكيل الحكومة التي يختارها. ولكننا، وانطلاقا من حسن نوايانا، نعترف بشرعية السلطة الانتقالية». واضاف في خطاب القاه لدى افتتاح المفاوضات، «يجب الاعتراف بالسلطة الفعلية للمحاكم. ولا بد من ايجاد تسوية بين الكيانين الصوماليين».

وقال رئيس الوفد الحكومي ورئيس البرلمان الصومالي شريف شيخ حسن، من دون الرد مباشرة على عدو، ان الحكومة مستعدة لبناء «سلام دائم» مع الاسلاميين. واضاف «كلنا صوماليون وعلينا ان نعي ان من مسؤوليتنا احراز تقدم في عملية السلام»، داعيا الى انجاح محادثات الخرطوم. وطلب رئيسا الوفدين بعد القاء عدن خطابه، التفاوض مباشرة من دون وسطاء الجامعة العربية والسودان، بحسب ما افاد مشاركون في الوفدين.

وقال المتحدث باسم الوفد الحكومي السوداني عوض عشرة «طلبوا التفاوض بين بعضهم اولا، وسيطلبون المساعدة عندما يحتاجونها». واشار الوسطاء الى وجود نقاط عدة على جدول اعمال المفاوضات التي ستستأنف اليوم. وكان الوسطاء قد التقوا الوفدين بشكل منفصل اول من امس.

ويفترض ان تؤدي المحادثات الى اتفاق على تقاسم السلطة واعادة بناء البلاد ودور المجتمع الدولي في ارساء الأمن في الصومال، بالاضافة الى نشر قوة دولية لحفظ السلام.

وقال وزير الاشغال العامة والإسكان الجديد في الصومال محمد محمود جوليد جماديري لرويترز «نتوقع ان تستغرق (المحادثات) نحو عشرة ايام أو نحو ذلك حسب ما يحدث».

من جهته، اكد سمير حسني ممثل الامين العام للجامعة العربية ان ما تم الاتفاق عليه بالخرطوم في فبراير (شباط) الماضي يعتبر انجازا كبيرا ينبغي العمل على الحفاظ عليه مع استمرار الحوار بدون شروط.

واكد عزم الجامعة على لعب دور محوري في إعمار الصومال فور التوصل الي سلام وتمكين الشعب من بناء بلده وعقد مؤتمر دولي بالقاهرة لاعادة اعمار الصومال بمشاركة الدول والمؤسسات المانحة والمجتمع الدولي، ونادى الصوماليين بعدم تضييع الفرصة والعمل بمسؤولية من خلال الحوار. من جانبه، اكد البروفيسور ابراهيم عدو رئيس وفد المحاكم الاسلامية ان «زعماء تحالف الشر المنهار المطرودين من اوكارهم في مقديشو والمناطق الاخرى كانوا العقبةَ امام أمن واستقرار البلاد بابادتهم للابرياء وتشريد الشعب وقتل الاطفال والنساء والتجار من اجل تحقيق مآرب سياسية لم تكن نزيهة ولا واقعية تمثلت في حرمان الصوماليين من ان تكون لهم دولة فعالة يستظلون بظلها طوال الستة عشر عاما الماضية». وقال ان سياسة المحاكم تجاه الدول الاقليمية قائمة على مبدأ حسن الجوار واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، مما يستدعي بدوره احترام دول الجوار لسيادة ووحدة الاراضي الصومالية. كما تقوم السياسة الداخلية للمحاكم علي التفاوض والتحاور لا التقاتل والتنازع، وان وجود وفد المحاكم بالخرطوم هو تأكيد لحسن النوايا. واكد ان مجلس المحاكم لا يقبل بأي شكل من أشكال أي قوات اجنبية على الاراضي الصومالية بسبب من الاسباب، مبينا الحاجة الماسة الى الدعم المادي للمرافق المهمة لخدمة الشعب وإرسال المعونات العاجلة للمتضررين من الآفات والحروب والكوارث الطبيعية. من جانبه، قال عطا الله بشير، ممثل الأمين العام لمنظمة إيقاد، ان اللقاء هو اكمال لعملية السلام في الصومال، مؤكدا الترحيب بأي مبادرة جديدة مكملة لمبادرة الايقاد، وداعيا الى وضع المصالح الصومالية في المقدمة وضرورة التفاوض والأخذ والعطاء والتنازل للوصول الى سلام. واكد ان الايقاد وغيرها ما هي الا وسائط، وان القرار ينبغي ان يكون صومالياً، وان الحلول المستوردة لن تجدي، وان الشعب الصومالي هو الشعب الوحيد الذي يتميز بانتمائه لعرق واحد ودين واحد.

وأشار ممثل مفوضية الاتحاد الافريقي الى ان انعقاد الجولة الثانية للمباحثات يمثل مؤشرا لجاهزية الطرفين لتحقيق السلام، مؤكداً جاهزية الاتحاد الافريقي في تقديم الدعم. ونادى الجانبين للدخول في المباحثات بصورة جادة، وان عليهما بالأخذ بمبدأ التراضي.