مقتل بريطاني وإصابة ستة في عمان على يد مسلح من الزرقاء

الأردن: إطلاق النار على السياح عملية إرهابية بكل المعايير

TT

قتل سائح بريطاني وأصيب خمسة أمس، بينهم رجل أمن أردني، بعد ان أطلق أردني في الثلاثين من عمره النار من مسدسه عليهم في المدرج الروماني وسط العاصمة عمان. وعلى الرغم من ان التحقيقات الأولية لم تظهر اية علاقة للجاني، الذي يدعى نبيل أحمد عيسى جاعورة، بجماعات ارهابية، إلا ان وزير الداخلية الاردني عيد الفايز أكد ان الحادثة «عملية ارهابية بكل المعايير». وقال وزير الداخلية الاردني أمس في مؤتمر صحافي أمس:«مطلق النار يدعى نبيل احمد، وهو اردني الجنسية من سكان الزرقاء»، وهي المدينة التي ينتمي اليها ابو مصعب الزرقاوي. وأضاف الفايز: «التحقيق ما زال جارياً مع هذا المجرم السفاح الموجود الآن في ايدي لجان التحقيق، حيث لم تظهر حتى الآن نتائج التحقيق». واعتبر العملية «ارهابية بكل المعايير». وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الاوسط» ان التحقيق الأولي مع الجاني اظهر ان الحادثة عمل فردي، وان الجاني كان يعاني من اضطرابات نفسية، وعمره 38 سنة، من مواليد مخيم البقعة ومن اصول فلسطينية، من بلدة عجور الخليل. وأضافت المصادر ان الجاني متزوج وله خمسة اولاد ويعمل في مصنع هياكل المعدنية، ويتقاضى راتبا قدره 430 دولاراً شهرياً.

وأكدت المصادر ان الجاني ليس ملتحياً ولا ينتمي الى اية تنظيمات اصولية، وانه تأثر بما يحدث في لبنان وفلسطين والعراق، خاصة بعد الحصار المفروض على الشعبين الفلسطيني واللبناني. وقد قامت قوات الامن العام بحملة اعتقالات محدودة في مكان الحادث وجرى التحفظ على مشتبه آخر قالت السلطات الامنية انها قد تفرج عنه لاحقا، فيما افرجت عن الباقين. وحول ظروف وملابسات الحادث، أوضح الفايز ان «المجرم أخرج مسدسه وأطلق النار على السياح من الخلف لأنهم كانوا يصعدون الدرج ثم تابع اطلاق النار عليهم». وأضاف «لغاية الآن لا توجد اي مؤشرات لوجود جان آخر معه».

وبالاضافة الى مقتل بريطاني، أكد الفايز، أن المصابين هم بريطانيان وهولندي وسيدتان استرالية ونيوزلندية. وأشار إلى ان قوات «فرقة مكافحة الإرهاب» طوقت منطقة الحادث وألقت القبض على المسلح الذي تم نقله بواسطة سيارة مصفحة عسكرية وبحوزته السلاح المستخدم في العملية.

واعتبر الوزير الاردني أن «الذي حدث هذا الصباح عمل إجرامي جبان غادر بكل المعايير، وهو عمل ارهابي خارج عن الثقافة الاردنية والثقافة العربية وخارج عن ثقافتنا الاسلامية وبعيد كل البعد عن معتقداتنا».

وحول الإجراءات الامنية في المدرج الروماني حيث وقع الاعتداء، قال الفايز: «الاجراءات الامنية كانت موجودة». وتساءل قائلا: «كيف يمكن لكل اجهزة الامن العام والاستخبارات والجيش ان تمنع شخصاً جباناً يضع مسدساً في جيبه؟» من القيام باعتداء من هذا النوع. واشار الى ان «قانون منع الارهاب (الذي أقر الاسبوع الماضي) أتى ليحمي المجتمع والمواطنين من هكذا مجرم حتى نستطيع ان نمنع الجريمة قبل ان تقع». وفيما اذا كان لدى الاردن النية لزيادة الاجراءات الامنية بعد هذا الاعتداء، قال الفايز: «لن نتخذ اي اجراءات اضافية، الاردني واع سواء كان في عمان او على الحدود والمنافذ ونحن مسيطرون على الوضع الامني». وأشار الى ضرورة توحيد الموقف بين دول العالم بصفة عامة وبين الدول العربية وجامعة الدول العربية تجاه التصدي لظاهرة الارهاب. وقال شهود عيان كانوا في موقع الحادث، ان منفذ العملية كان يصرخ بأعلى صوته بكلمات مختلفة ويحمل سلاحه بيديه، بينما يركض الى ساحة المدرج الروماني للاختباء في الأزقة أو بين الأشجار التي تعلو المدرجات.

وأضاف شاهد عيان أن رجال السير الموجودين في المنطقة، أغلقوا الطرقات فور سماعهم إطلاق العيارات النارية وسدوا المنافذ مباشرة، بينما ساهم بعضهم في مطاردة منفذ العملية مع رجال الامن.

وطوقت قوات مكافحة الإرهاب الساحة الهاشمية، حيث يوجد المدرج الروماني، وفتشت السيارات المتوقفة بالقرب من موقع الحادث ووضعت الحواجز الحديدية على المداخل والمخارج المؤدية إلى ساحة المدرج الروماني.

من جانبه، قال وزير الصحة الاردني سعيد دروزة، ان ست حالات وصلت الى مستشفى البشير، بينها البريطاني الذي توفي جراء اصابته مباشرة في الصدر، وحالتين أخريين لبريطانيتين، الأولى متوسطة بسبب الاصابة في الصدر، حيث اخترقت الرصاصة منطقة الصدر الى الخارج، مشيراً الى انها حاليا تحت المراقبة المركزة، والثانية كانت اصابتها بسيطة في الكتف.

وأكد دروزة في مؤتمر صحافي أن السائح الهولندي أصيب في الظهر، حيث دخلت الرصاصة الى تجويف البطن واخترقت الكبد واستقرت بين الجلد والصدر والأضلاع. وتم إجراء عملية سريعة للهولندي، وهو تحت المراقبة. وبالنسبة للسائحة الاسترالية، فقد اصيبت برصاصة في عضلة الفخذ وأحدثت فيها جرحا بسيطا لا يشكل لها أي خطورة. وأضاف انه تم نقل المصابين الى مستشفى الامير حمزة لاستكمال العلاج، كما نقل المصاب من الشرطة السياحية إلى المدينة الطبية والقتيل البريطاني إلى المركز الوطني للطب الشرعي.

وأكد وزير الصحة، أن حالة المصابين العامة جيدة، ما عدا الهولندي البالغ من العمر 22 عاماً الذي خضع إلى عملية جراحية في منطقة البطن وكذلك المصابة البريطانية البالغة من العمر 32 عاماً، إذ أن لديها إصابة في الصدر وأدخلت إلى غرفة العناية المركزة.

وأكدت ناطقة باسم الخارجية البريطانية لـ«الشرق الاوسط» مقتل بريطاني في عمان، مع اصابة بريطانيين اثنين نقلا الى مستشفى اردني، حيث يتلقيان العلاج. وأضافت ان الوزارة اخبرت عائلات البريطانيين المصابين في الحادث وانها تتحفظ عن تفاصيل حول الحادث من اجل مراعاة مشاعر العائلات. ولفتت الى ان بريطانيين آخرين كانوا «في مسرح الجريمة، لكن لم يصابوا بأذى». وعن التحقيق في الحادث، قالت الناطقة: «نتعاون مع المسؤولين الاردنيين ولكن التحقيق يعود الى السلطات الاردنية». وأصدرت السفارة البريطانية في عمان بياناً أعلنت فيه اتباعها «خطة طوارئ» بعد ارسال موظفين من قنصليتها الى موقع الحادث. وأبقت وزارة الخارجية البريطانية على تعليماتها للمسافرين الى الاردن على موقعها الالكتروني، قائلة إن «احتمال وقوع عملية ارهابية يبقى عالياً، وانه من الممكن استهداف المصالح البريطانية والغربية هناك». يذكر ان السياحة البريطانية الى الاردن مصدر مهم لصناعة السياحة الاردنية، إذ قصد الاردن 57 الف بريطاني العام الماضي. من جانبه، شرح وزير السياحة الأردني منير نصار أن الوفد السياحي الذي تعرض للحادث كان يزور الاردن ضمن مجموعة لإحدى شركات السياحة العالمية في المملكة المتحدة، التي تنظم رحلات سياحية للاردن منذ 16 عاماً. وقلل وزير السياحة من تأثير الحادث على السياحة الاردنية، معتبراً أن مثل هذه الحوادث أصبح تأثيرها ضئيلاً؛ فـ«العالم كله اصبح ضحية للارهاب». من جهته، أدان حزب جبهة العمل الاسلامي الذراع السياسي لجماعة الاخوان المسلمين في الاردن، استهداف المدنيين العزل والسياح الاجانب على الارض الاردنية. وأكد الناطق الاعلامي للحزب الدكتور رحيل الغرايبة أن الحزب «يرفض منهجية استهداف السياح الاجانب على الارض الاردنية واستخدام العنف ضد المدنيين العزل».

كما استنكر الناطق الرسمي لأحزاب المعارضة الأردنية الدكتور يعقوب الكسواني في تصريح لـ«الشرق الاوسط»، عملية استهداف السياح الأجانب. وقال«إن أحزاب المعارضة في الاردن ترفض المساس بالمدنيين الابرياء واستخدام العنف».