تواصل المواجهات العرقية في كاريليا الروسية.. والشيشانيون يطالبون بالحماية

TT

تواصلت الاضطرابات القومية في جمهورية كاريليا ذات الحكم الذاتي شمال غربي روسيا، امس، لليوم الرابع على التوالي؛ فقد خرج الآلاف من سكان مدينة كوندوبوجا يحطمون ويضرمون النار في المتاجر والمقاهي والمطاعم التي يملكها مواطنون من ذوي الاصول القوقازية في الوقت الذي تشير فيه اصابع الاتهام الى الشيشانيين بوصفهم المتهمين في مصرع عدد من ابناء المدينة (من شخصين الى اربعة) خلال المواجهات التي تعرفها المدينة.

ورغم احتجاز 130 شخصاً واعتقال 25 آخرين بشبهة التورط في إثارة الاضطرابات، فان بعض العناصر عملت على تأجيج الأوضاع وإلقاء مزيد من الزيت على نيران المواجهة القومية. وقال كامل جان رئيس منظمة «الحق» الاجتماعية الاسلامية وحركة «روسيا وطننا» إن روسيا لم تشهد من قبل مثل هذه الدعوة الجماهيرية التي يجاهر بها القوميون والمتعصبون الروس: «هبوا الى كاريليا. انهم يقتلون الروس». وأضاف ان عدد المتحدرين من أصول قوقازية في كاريليا لا يزيد على المائتي عائلة، في وقت كشف البعض أن غالبية العائلات الشيشانية التي كانت موجودة في المدينة سارعت بالانتقال الى مدينة ابونيتس المجاورة.

ونقلت شبكة «نيوز رو» الالكترونية عن أحد مواطني المدينة قوله: «طالما كانت كوندوبوجا مدينة وادعة يعمل سكانها في مصنع الورق الوحيد ولم يكن لديهم بعد أوقات العمل من هواية سوى مشاهدة التلفزيون واحتساء الخمور. لكن الفترة الاخيرة شهدت تزايد عدد المتحدرين من أصول قوقازية في المدينة بمقدار خمسة أضعاف. كان العدد لا يتجاوز بضع عشرات أما اليوم فيبلغون بالآلاف يسيطرون على أسواق المدينة في الوقت الذي تزايدت فيه نسبة الجريمة».

وكانت المشكلة قد بدأت عندما استعان شيشاني يعمل «نادلا» في احد مطاعم المدينة بأبناء عشيرته من الشيشانيين للرد على إهانات وتجاوزات عدد من الرواد الذين كانوا يحتفلون بخروج زميل لهم من السجن. ورغم ان بداية الأحداث وقعت يوم الثلاثاء الماضي، فان مصادر الداخلية الكاريلية حاولت طمس الطابع القومي للمواجهة التي نشبت في مطعم «تشايكا» وأسفرت عن مصرع اثنين من الروس وإصابة ثلاثة نقلوا الى المستشفى. وزعم المسؤولون أن المشكلة ورغم انه لا علاقة لها بالسياسة، فانها تتخذ أبعادا سياسية ويتعلق جوهرها بالانتخابات النيابية المرتقبة في كاريليا.

وقالت مصادر صحافية إن الشرطة لم تبذل جهدا لوقف تدهور الأوضاع في الوقت الذي عادت فيه قيادة المدينة الى الدفع بقوات كبيرة من الشرطة والأمن في محاولة للحيلولة دون وقوع صدامات دموية. وقد سارعت القيادة الشيشانية بالتدخل سعيا وراء محاولة احتواء المشكلة استجابة لنداء رئيس كاريليا سيرغي كاتاناندوف، الذي أعرب عن استعداده للدفاع عن ممثلي كل القوميات بدون استثناء.

وقال رمضان قادروف رئيس الحكومة الشيشانية، ان عددا من ممثلي الشيشانيين في كاريليا لجأوا اليه يطلبون الدعم والحماية، مشيرا الى انه لا يستبعد وقوف البعض من ذوي المصالح الذين يودون التخلص من منافسيهم وراء تأجيج المشاعر القومية المناهضة للشيشانيين. واتهم قادروف سلطات المدينة الكاريلية بالتقاعس عن حماية القوقازيين، وقال ان الدليل على ذلك يقدمه في البيان الذي أصدرته سلطات المدينة، وأقرت فيه بضرورة ترحيل القوقازيين بموافقة عدد من أعضاء المجالس النيابية. وحذر رئيس الحكومة الشيشانية من خطر احتمالات اتساع نطاق المواجهة والعداء القومي الى خارج حدود كاريليا، بعد ان هرع كثيرون من موسكو وغيرها من المدن الروسية من المناهضين لما يسمى بالمهاجرين غير الشرعيين. وأشار الى اخطار النزاعات القومية التي طالما كانت في مقدمة اسباب انهيار الاتحاد السوفياتي؛ ومنها احداث سومجاييت في اذربيجان وناغورني قره باغ وباكو وجمهوريات البلطيق.