نجاة ضابط مخابرات لبناني من الاغتيال.. ومقتل 4 من مرافقيه في انفجار

المقدم شحادة يرأس مكتب مكافحة الإرهاب.. ويشارك في التحقيقات باغتيال الرئيس رفيق الحريري

TT

انشغل القضاء العسكري اللبناني امس في حادثة محاولة اغتيال تعرض لها رئيس مكتب مكافحة الارهاب نائب رئيس فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي المقدم سمير شحادة، 49 عاماً، بواسطة عبوة ناسفة استهدفت موكبه وأدت الى اصابته بجروح متوسطة ومقتل اربعة من مرافقيه في منطقة الرميلة اثناء توجهه من مدينة صيدا الى مركز عمله في بيروت. وانتقل الى موقع الحادث مفوض الحكومة المعاون لدى المحكمة العسكرية القاضي أحمد عويدات وقاضي التحقيق العسكري جورج رزق اللذان كشفا على الموقع واستمعا الى عدد من الشهود والجرحى بينهم المقدم شحادة في مستشفى غسان حمود في صيدا، ووجها تهمة القتل العمد «ضد مجهولين». وأفادت مصادر التحقيق ان استهداف المقدم شحادة ـ وهو من بلدة شحيم في اقليم الخروب ـ حصل بواسطة عبوة موجهة زرعت الى جانب الطريق. ويعتقد انها فجرت عن بعد بواسطة جهاز تحكم. فيما رجحت مصادر اخرى ان يكون التفجير حصل بواسطة عبوتين مربوطتين بصاعق تفجير واحد ما ادى الى تدمير احدى سيارات الموكب وهي من نوع نيسان (باثفايندر) سوداء اللون كان الضابط المستهدف يستقلها عادة، الا انه استقل امس سيارة (نيسان) بيضاء اللون قادها بنفسه يرافقه سائقه. وكان يسير في مقدم الموكب على مسافة امتار من السيارة السوداء التي كان المرافقون الاربعة بداخلها وقتلوا جميعاً. وأصيبت سيارة المقدم شحادة بأضرار جسيمة نتيجة عصف الانفجار الذي قذفها وتوقفت على مسافة خمسين متراً من مكان الحادث.

وقد استمع امس القاضي رزق الى افادة المقدم شحادة وشهود عيان، فيما ادعى مفوض الحكومة المعاون «على مجهول» وكل من يظهره التحقيق في الحادثة بجرم «القتل ومحاولة القتل عمداً والنيل من سلطة الدولة والقيام بأعمال ارهابية بواسطة المتفجرات». وأفيد ان عدداً من خبراء المتفجرات والادلة الجنائية عملوا على جمع بعض شظايا العبوة وعينات من الاتربة لتحليلها وتحديد نوع المتفجرة وزنتها.

وشبه الخبراء والقيمون على التحقيق هذه المتفجرة بتلك التي استهدفت النائب والصحافي جبران تويني في 12 ديسمبر (كانون الاول) الماضي لجهة اختيار منطقة غير سكنية واستهدافه بعبوة موجهة، مع فارق ان العبوة التي اودت بحياة تويني كانت اكبر وموضوعة داخل سيارة مركونة الى جانب الطريق. ورجحت المصادر ان يكون الحادث من ضمن سلسلة التفجيرات التي وقعت العام الماضي، وأن هناك من اختار هذه المرة المقدم شحادة الذي تسلم رئاسة فرع المعلومات العام الماضي وشارك في كثير من التحقيقات الأولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وكان يساعد لجنة التحقيق الدولية في التحقيق والمداهمة واستقدام الشهود والمشتبه بهم.

كما ان فرع المعلومات عندما كان يرأسه شارك في دهم منازل الضباط الموقوفين في جريمة الحريري واقتيادهم الى مقر اللجنة الدولية في المونتيفردي. كذلك ذكّرت المصادر بدوره في التحقيق الذي اجراه مع الشاهد السوري حسام طاهر حسام الذي فر الى دمشق وعقد مؤتمراً صحافياً هاجم فيه المقدم شحادة بعنف وزعم انه مارس عليه الترغيب والترهيب للادلاء بمعلومات تتهم السوريين بالجريمة. كما كان له دور اساسي في التحقيق مع مجموعات قيل انها تنتمي الى تنظيم «القاعدة» واعتقل افرادها في لبنان وكانت تخطط لعمليات امنية على الاراضي اللبنانية.

وأفاد مندوب «الشرق الأوسط» في جنوب لبنان انه لدى وصول موكب المقدم شحادة المؤلف من سيارتين تابعتين لقوى الامن الداخلي الى اول طريق بلدة الرميلة، شمال مدينة صيدا، وبعد تجاوز منعطف علمان ـ الأولي، على مسافة عشرات الامتار من الجسر الذي دمرته الطائرات الاسرائيلية خلال الحرب الاخيرة على لبنان انفجرت عبوة ناسفة زرعت على الجهة الشرقية للطريق لحظة مرور الموكب. وقد تبين ان الانفجار كان اقرب الى سيارة المرافقين منه الى سيارة المقدم شحادة.

وقد تسبب الانفجار باستشهاد المؤهل اول وسام حرب والرقيب شهاب حسن عون اللذين كانا في «الباثفايندر» السوداء. واصيب كل من المقدم شحادة والرقيب اول نمر ياسين والرقيب اول عمر الحاج شحادة والرقيب اول زاهر قديح والمجند جهاد الضابط من عناصر قوى الامن والمدني علي احمد ربيع بجروح. وعلى الاثر، حضرت الى مكان الانفجار دوريات من قوى الامن الداخلي والجيش والصليب الاحمر اللبناني عمدت الى قطع الطريق ونقل الجرحى الى مستشفيات صيدا. وافيد لاحقاً ان الرقيب اول نمر ياسين والرقيب اول عمر الحاج شحادة توفيا متأثرين بجروحهما.

وتعليقاً على الحادث، قال وزير الداخلية والبلديات بالوكالة الدكتور احمد فتفت انه لا ينوي توجيه الاتهام في محاولة اغتيال المقدم شحادة الى اي طرف وانه يترك للتحقيق القضائي تحديد وجهة الاتهام. واوضح ان «الحادث حصل عندما كان موكب المقدم شحادة قادماً من صيدا باتجاه بيروت، وتحديدا في منطقة الرميلة. والانفجار كان بواسطة عبوة موضوعة على جانب الطريق وموجهة. وهي تقريباً نفس نوع العبوات التي استعملت في المرحلة السابقة. ولكن يجب ان نتأكد من هذا الامر قبل الجزم بذلك. انما الاكيد ان العبوة موضوعة على الطريق وليست في السيارة. وقد وجهت الى السيارة التي يستعملها عادة المقدم شحادة، في حين كان في سيارة مموهة اخرى». واعتبر حادثة التفجير «محاولة اعتداء على جهاز المعلومات في قوى الامن الداخلي». وأفاد: «سمعنا في الفترة الاخيرة رسائل سياسية عنيفة جداً ضد جهاز المعلومات. وفي اعتقادي ان هناك عدة اسباب لهذا التفجير. والسبب الاول ربما النجاحات التي حققها جهاز المعلومات على الصعيد الامني والتي امنت حماية كبيرة للمواطنين. السبب الثاني قد يكون الاعتداء على كل القوى الامنية. وان قوى الامن الداخلي تقوم اليوم بدور كبير ومهم فتغطي الاماكن التي ينسحب منها الجيش في صيدا والبقاع والشمال لكي ينتشر الجيش بدوره في المناطق المطلوبة منه. وايضاً قد يكون موجهاً ضد قوى الامن الداخلي وضد الجيش اللبناني. وفي اعتقادي ان مجموعة احتمالات يجب ان نأخذها في الاعتبار انما يبقى كل هذا رهن التحقيق».

وسئل الوزير فتفت اذا كان يعتبر الحادث رسالة من الداخل او من الخارج، فأجاب: «انا لا انوي توجيه الاتهام لأحد. ولكن اقرأ ماذا يحصل في السياسة من اتهامات واقرأ النجاحات التي يحققها جهاز المعلومات. وانا لا اعتبر الحادثة داخلية ولا غير داخلية. وانما هي حادثة خطيرة جداً».

من جهته، ادلى وزير الاتصالات مروان حمادة بتصريح قال فيه: «ان الاعتداء الآثم الذي استهدف المقدم سمير شحادة وادى الى استشهاد اربعة من مرافقيه، هو اعتداء على كل اللبنانيين واستهداف لمفهوم الدولة ومؤسساتها الامنية والعسكرية. والواضح ان هناك من يرمي الى اعادة انتاج نسخة مستحدثة من المسلسل الاجرامي الذي سبق ان اودى بخيرة من نخبنا، وأغرق البلد بالخوف والدماء، وحاول ارعاب واسكات كل من جاهر بالحقيقة وعمل لأجل الوصول اليها». وأضاف: «ان اللبنانيين الذين قاوموا الارهاب في أشد مراحله رعباً وظلاماً، لن يفلح مجرم او مريب في منعهم من اكمال مسارهم الاستقلالي وبناء الدولة القوية والعادلة ومحاسبة كل من اساء اليهم والى وطنهم».

وأصدر الحزب التقدمي الاشتراكي البيان الآتي: «يستنكر الحزب التقدمي الاشتراكي محاولة الاغتيال التي تعرض لها المقدم سمير شحادة. ويرى انها تأتي تنفيذاً للتهديدات التي اطلقت حول تخريب لبنان وادخاله في دوامة الفوضى. كما يرى الحزب ان توقيت هذه العملية قبيل اصدار رئيس لجنة التحقيق الدولية تقريره حول الجريمة (اغتيال الحريري) وقبيل توقيع بروتوكول انشاء المحكمة الدولية هو توقيت يدل بوضوح على الجهة الفاعلة وهي الجهة المتورطة في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وكل الاغتيالات الاخرى».

واضاف: «ان استهداف المقدم شحادة المعروف بدوره في فرع المعلومات ومساهمته في كشف معلومات عن الاغتيالات دليل واضح على الممارسات التخريبية التي استأنفت نشاطها بعد انتهاء الحرب الاسرائيلية على لبنان والتي لا تقل ارهاباً عن العدوان اياه، والتي كان حذر الحزب مراراً من معاودتها تنفيذاً لخطابات تصدر من وراء الحدود».