موسكو تلوح بالعقوبات... وواشنطن تنفي علمها بعرض إيراني لتجميد نشاطها النووي

انقسامات في الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول الخطوة المقبلة في ملف طهران

TT

لوحت روسيا للمرة الاولى باحتمال موافقتها على فرض عقوبات على طهران في حال لم توقف نشاطها النووي المثير للجدل، بينما اعلنت واشنطن انها ليست على علم بعرض ايراني لوقف تخصيب اليورانيوم بشكل مؤقت. وبينما يستأنف الاتحاد الاوروبي محادثاته الحاسمة مع ايران اليوم تشهد القوى العالمية في الوكالة الدولية للطاقة الذرية انقسامات بشأن الملف النووي الايراني ما حال دون اصدار بيان عن اجتماع مجلس حكام الوكالة امس.

وفي موسكو، تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس عن احتمال موافقة بلاده على فرض عقوبات على ايران في حال فشلت المفاوضات حل الازمة، بحسب تصريحات له نشرها الكرملين. وقال بوتين خلال اجتماع مع خبراء اجانب: «في ما يتعلق بالعقوبات، يبدو لي انه يجب علينا وعلى شركائنا دراسة هذا الموضوع واجراء مزيد من المشاورات مع الطرف الايراني، ومن ثم الانتقال الى (الحديث) عن نظام عقوبات». وأضاف: «ان كان ممكنا تفادي العقوبات، فهذا افضل» من دون ان يستبعد بشكل قاطع دعم بلاده لهذا الخيار، فيما تحاول الدول الست (الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا والمانيا) اجراء مفاوضات اللحظة الاخيرة.

ومن جهتها، اصدرت الترويكا الاوروبية (فرنسا وبريطانيا والمانيا) بياناً أمس يطالب ايران بـ«سلك الطريق الى حل دبلوماسي»، بينما اشاروا الى تهديد فرض العقوبات على طهران في حال لم توقف تخصيب اليورانيوم، وهو ما الزمها به قرار مجلس الامن 1696. وكان البيان الذي اطلعت وكالة «اسوشييتدبرس» عليه أمس خفيف اللهجة من اجل اعطاء فرصة لانجاح مباحثات اوروبية ـ ايرانية من المرتقب ان تعقد في دولة اوروبية اليوم. وقال دبلوماسيون حضروا اجتماع أمس انه بينما فضلت فرنسا وبريطانيا اتخاذ موقف شديد من الملف النووي، دفعت المانيا لتبني وثيقة اقل شدة. وقدمت الترويكا الاوروبية البيان لاجتماع الوكالة الذي لم يحسم الخطوة القادمة لحل الازمة النووية الايرانية، وقالت فيه: «ما زلنا نقدم أيدينا الى ايران»، مضيفة انه في حال جمدت ايران تخصيب اليورانيوم «سنطالب بوقف الاجراءات في مجلس الامن» التي قد تؤدي الى فرض عقوبات على طهران.

ورغم الساعات الطويلة التي استغرقتها اجتماعات مجلس أمناء الوكالة الدولية في النقاش حول الملف الايراني منذ بدء جلساتها الاثنين الماضي، لم يخرج المجلس بقرار جماعي او حتى بيان حول هذا الملف الشائك الذي ظل مطروحاً امام الوكالة منذ 3 اعوام.

وتفرقت اراء 22 دولة طلبت الحديث في جلسة ظلت مجتمعة في مبنى الوكالة بالعاصمة النمساوية بين ضرورة الاسراع باللجوء الى مجلس الامن وبدء البحث في نوع العقوبات التي يجب ان تفرض على ايران، وهذا ما طالب به السفير الاميركي لدى الوكالة غريغوري شولت، وما بين التريث على الاقل لمعرفة نتائج جهود الاتحاد الاوروبي للتوصل الى حل دبلوماسي.  وتوقع دبلوماسيون اوروبيون ان يسعى منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا الى اقناع كبير مفاوضي ايران النوويين علي لاريجاني لدرس وقف تخصيب اليورانيوم لفترة مؤقتة من اجل العودة الى المحادثات الدولية رسمياً بين الطرفين. وذكر دبلوماسيون في اوروبا ان مسؤول الملف النووي الايراني عرض تعليقاً مشروطاً لتخصيب اليورانيوم لمدة شهرين اثناء محادثاته مع سولانا.

وتأتي جولة اللقاءات الجديدة بين سولانا ولاريجاني من اجل تطوير بوادر صفقة لبدء المحادثات ومن ثم تجميد ايران للتخصيب، على الرغم من ان الشرط الاساسي لمجلس الامن كان وقف التخصيب قبل اية مفاوضات. إلا ان الولايات المتحدة نفت المعلومات التي تحدثت عن عرض ايران تعليق عمليات تخصيب اليورانيوم في شكل مؤقت. وقال الناطق باسم الخارجية الاميركية توم كيسي مساء اول من أمس:«اخشى ان يكون الشخص الذي صرح بمثل هذه المعلومات لم يقرأ الوضع بشكل دقيق». واضاف: «لم يتم تقديم اي اقتراح ايراني ولم يطرأ اي تغيير على الموقف الايراني، بمعنى انهم لم يوافقوا على تعليق نشاطات تخصيب اليورانيوم لأية فترة زمنية». وكانت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس قد لمّحت اول من أمس الى ان واشنطن قد ترضى بتعليق مؤقت لبرنامج ايران لتخصيب اليورانيوم الذي تشتبه الادارة الاميركية بانه جزء من الجهود الايرانية لتطوير اسلحة نووية. الا انها اكدت انه يجب التحقق من اي تعليق وان يتم ذلك التعليق قبل اية مفاوضات حول تحسين العلاقات مع النظام الايراني.

وفي موازاة تلك المحادثات، واصلت الولايات المتحدة هذا الاسبوع الضغط على شركائها لاصدار قرارات جديدة في مجلس الامن لفرض مجموعة من العقوبات على ايران. وقال كيسي ان دبلوماسيين كبارا من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن، وهي بريطانيا والصين وفرنسا والمانيا وروسيا والولايات المتحدة، بالاضافة الى المانيا، بحثوا المسألة أول من أمس عبر الهاتف وان واشنطن تسعى من اجل اجراء محادثات اضافية هذا الاسبوع في الامم المتحدة.

ومن جهته، قال نائب مساعد وزير الخزانة لشؤون مكافحة تمويل الارهاب والجرائم المالية دانيال غلاسر في جلسة لمجلس الشيوخ ان اتخاذ اجراءات أميركية مثل خطوة يوم الجمعة الماضي المتعلقة بحظر تعامل النظام المصرفي الاميركي مع بنك حكومي ايراني «سيلقي الضوء على هذه العناصر السيئة». وأضاف: «بدأنا هذه الجهود حقيقة من أجل فرض ضغط مباشر على الانشطة الايرانية غير المشروعة في النظام المالي الدولي»، موضحاً: «ما زالت الجهود تبذل للتوصل الى اجماع دولي على ذلك لكني أعتقد أن المؤشرات الاولية ايجابية للغاية». ومن المقرر ان يجتمع ستيوارت ليفي مساعد وزير الخزانة مع مسؤولين من بنوك أوروبية هذا الاسبوع لبحث سبل تضييق الخناق بدرجة أكبر على دخول ايران في النظام المالي الدولي. ويعتزم وزير الخزانة هنري بولسون اثارة الامر في اجتماع وزراء مالية مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى في سنغافورة السبت المقبل.

وعلى صعيد آخر، اكد وزير النفط الايراني، كاظم وزاري هامنه، امس ان بلاده لن تستخدم النفط كسلاح في المواجهة الحالية حول ملفها النووي. وقال الوزير الايراني في اجتماع منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) امس: «اوبك وايران متعهدتان بتزويد النفط».