مستشار هنية: حكومة الوحدة ستعترف باتفاقات السلطة مع إسرائيل

عباس يؤكد اختيار رئيس الوزراء لتشكيل الحكومة الجديدة .. وأنباء عن صفقة تهدئة

TT

اكد رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس أمس انه سيكلف رئيس الوزراء الحالي اسماعيل هنية تشكيل حكومة الوحدة الوطنية المقبلة التي ستشكل «قريبا».

وقال عباس في مؤتمر صحافي برام الله إثر محادثات مع الرئيس البولندي ليش كاتزينسكي «بالنسبة لمن سيكون رئيس الوزراء، بالتاكيد سيؤخذ برأي الاغلبية (البرلمانية) ولا ابوح سرا اذا قلت انها ترشح الاخ اسماعيل هنية». واضاف «حتى الآن لا نستطيع ان نقول متى سيكون هذا الترشيح، لكن آمل ان يتم تشكيل الحكومة قريبا».

في غضون ذلك، كشف احمد يوسف المستشار السياسي لرئيس الوزراء الفلسطيني اسماعيل هنية أن دول الاتحاد الاوروبي أبلغت الحكومة الفلسطينية بأنها ستعترف وتتعاطى مع حكومة الوحدة الوطنية التي تم الاتفاق على تشكيلها. وقال يوسف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن الاوروبيين اكدوا أنهم سيرفعون الحصار عن السلطة الفلسطينية بعد تشكيل حكومة الوحدة. وشدد يوسف على البرنامج السياسي الذي توافقت عليه حركتا فتح وحماس، وهو «لا ينص على الاعتراف بإسرائيل لكن كل ما يتعلق بالمفاوضات مع اسرائيل سيكون خاضعا لإشراف الرئيس الفلسطيني محمود عباس». وأشار الى أن الجميع في الساحة الفلسطينية غير قلق من التفاوض مع اسرائيل، على اعتبار أنه في حال تم التوصل لاتفاق مع اسرائيل، فإن هذا الاتفاق سيعرض على مؤسسات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية، لاسيما المجلسين الوطني والتشريعي. وحول الموقف من المبادرة العربية للسلام، وما اذا كانت الحكومة الجديدة ستحذو حذو الدول العربية التي اعلنت انها ستعترف بإسرائيل في حال انسحبت الى حدود الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967، قال يوسف «اسرائيل حتى هذه اللحظة لم تعترف بخط الرابع من يونيو كحدودها الدولية، وبالتالي ليس هناك مسوغ للخوض في هذه النقطة». وشدد على أن حكومة الوحدة الوطنية ستعترف بكل الاتفاقيات التي وقعتها اسرائيل مع السلطة، لكنه استدرك قائلاً «بشرط عدم تعارضها مع الحقوق الوطنية الفلسطينية». وحول الموقف من المقاومة ضد الاحتلال، قال يوسف إن هذه المقاومة حق مشروع للشعب الفلسطيني ما دامت اسرائيل تمارس قمعها ضد الشعب الفلسطيني، مشدداً على أنه في حال أوقفت اسرائيل عمليات القمع، فإن المقاومة الفلسطينية ستوقف عملياتها. الى ذلك، ذكرت مصادر إسرائيلية أن قرار الإفراج عن الوزراء والنواب الفلسطينيين الذين اختطفتهم اسرائيل في اعقاب اسر الجندي جلعاد شليط، جاء كمرحلة أولى ضمن صفقة شاملة ومتشعبة ستقود الى الإفراج عن الأسير شليط، وعن مئات الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، الى جانب تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وصولاً الى تهدئة شاملة بين حركات المقاومة الفلسطينية وإسرائيل. وقال الصحافي الإسرائيلي داني روبنشتاين للقناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي إن الإفراج عن الوزراء والنواب جاء مقابل معلومات تنقلها حركات المقاومة لإسرائيل حول وضع الجندي شليط. وأضاف روبنشتاين أن تأجيل تنفيذ قرار المحكمة العسكرية في سجن «عوفر» اول امس الثلاثاء والذي قضى بالإفراج عن ثمانية عشر وزيراً ونائباً عن حركة حماس الى اليوم (الخميس) يأتي للتأكد من أن الجانب الفلسطيني سينقل هذه المعلومات عن شليط لإسرائيل بالفعل. وقال روبنشتاين ان القضاء العسكري الإسرائيلي غير مستقل حيث تخضع قرارات القضاة في المحاكم العسكرية الى تعليمات قيادة الجيش والحكومة الإسرائيلية. وحسب التفاصيل التي قدمها روبنشتاين، فإنه من المتوقع أن تكون الخطوة الأولى بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الإفراج عن الجندي شليط، في حين ستشرع إسرائيل في الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين على دفعات، حيث ستصر إسرائيل على أن الإفراج عن هؤلاء الأسرى سيكون كخطوات لبناء الثقة مع السلطة الفلسطينية ولتعزيز ابو مازن، كما ان المتحدثين الرسميين الإسرائيليين سيعتبرون أن عمليات الإفراج عن الأسرى ستأتي «تقديراً» للدور الذي لعبه الرئيس المصري حسني مبارك. ويشدد المسؤولون الإسرائيليون على أنهم لن يجروا اتصالات مباشرة مع حركة حماس، وان عملية الافراج عن الاسرى الفلسطينيين لن تكون كجزء من صفقة مع الحركة، على الرغم من أن « كتائب عز الدين القسام» ـ الجناح العسكري لحركة حماس، شاركت في اسر الجندي شليط. لكن صلاح البردويل، الناطق بلسان كتلة حماس في المجلس التشريعي الفلسطيني، نفى أن يكون قرار الإفراج عن الوزراء والنواب جاء ضمن صفقة مع اسرائيل. وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، قال البردويل إن قرار المحكمة جاء لأنه لم يكن هناك مسوغ قانوني لمواصلة اختطاف الوزراء.

من ناحيتها، ذكرت الإذاعة الإسرائيلية باللغة العبرية أن اسرائيل والسلطة الفلسطينية ستشرعان بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية في اتصالات للتوصل لاتفاق تهدئة شامل تتوقف بموجبه حركات المقاومة الفلسطينية عن اطلاق قذائف الهاون على التجمعات الاستيطانية اليهودية الواقعة في محيط قطاع غزة، مقابل أن تقوم اسرائيل برفع الحصار عن قطاع غزة وتفرج عن عوائد الضرائب التي تجبيها لحساب السلطة، والتي تقدر بمئات الملايين من الدولارات، والنواب. من ناحية ثانية، ذكرت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس يريد أن ينقل البرنامج السياسي لحكومة الوحدة الوطنية الى نيويورك ويعرضه على ممثلي الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن وممثلي اللجنة الرباعية. وحسب المصادر، فإن عباس سيؤكد أن هذا البرنامج يفي عملياً بكل الشروط التي وضعها المجتمع الدولي للاعتراف بحكومة الوحدة الوطنية، وبرفع الحصار عن السلطة الفلسطينية. وعلى صعيد الاتصالات لتشكيل حكومة وحدة وطنية، ذكرت مصادر فلسطينية مطلعة أنه من المتوقع أن يتولى الوزير السابق والنائب عن حركة فتح محمد دحلان، وزير الشؤون المدنية، في حين اشارت المصادر ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس معنيٌّ بأن تشغل النائبة عشراوي منصب وزيرة الشؤون الخارجية، الى جانب أن يشغل سلام فياض منصب وزير المالية. واشارت المصادر الى ان حركة حماس لا توافق على أن تتولى عشراوي وفياض منصبين وزاريين، إذ انهما الممثلان الوحيدان لقائمتهما البرلمانية في المجلس التشريعي. وتساءل مصدر في حركة حماس «كيف يمكن أن تحظى قائمة ممثلة بنائبين في التشريعي بوزارتين سياديتين». إلا ان بيانا وزعته حركة المقاومة الاسلامية (حماس) امس قال ان موافقتها على تشكيل حكومة وحدة وطنية يجب الا ينظر اليها على انها تخفيف في موقف الحركة نحو اسرائيل. وقالت «حماس» في بيان صحافي اذيع وعبر مجددا عن التزام حماس بالكفاح المسلح إن هذه المزاعم والشائعات بأن «حماس» تخلت عن مواقفها الثابتة في اطار الاجندة السياسية لحكومة وحدة وطنية في المستقبل انما هي مزاعم خاطئة.

وقالت «حماس» ان الاجندة السياسية المتفق عليها لا تشمل اعترافا ضمنيا أو صريحا بشرعية الاحتلال الصهيوني.

واتفق عباس ورئيس الوزراء الفلسطيني اسماعيل هنية القيادي بـ«حماس» يوم الاثنين على تشكيل حكومة وحدة وطنية على اساس وثيقة أعدها سجناء فلسطينيون في السجون الاسرائيلية.

ويشير برنامج السجناء الذي يتضمن فيما يبدو اعترافا بإسرائيل الى مبادرة عام 2002 التي تدعو اسرائيل الى اعادة جميع الاراضي التي احتلتها في حرب عام 1967 واقامة دولة فلسطينية وحل مشكلة اللاجئين مقابل السلام.