«الأطلسي» يجري مفاوضات صعبة لتعزيز قواته في أفغانستان

بريطانيا تشدد على «واجب» مساعدة قواتها التي تتكبد الخسائر وواشنطن تحذر من التخلي عن البلد

TT

ناقش مسؤولون عسكريون من حلف شمال الاطلسي أمس موضوع إرسال تعزيزات عسكرية لمواجهة التمرد في جنوب افغانستان، الا ان مباحثاتهم انتهت دون تقديم عروض رسمية من الدول الاعضاء. وقال المتحدث باسم الحلف جيمس اباثوراي للصحافيين في ختام الاجتماع: «لم يتم التقدم بعرض رسمي في الاجتماع»، الا انه اضاف بان المسؤولين ابدوا «مؤشرات ايجابية» حول المساهمات بقوات من الدول الاعضاء وكذلك بشان ازالة القيود التي فرضتها بعض الدول على استخدام قواتها. واضاف ان الحصول على تعهدات نهائية بخصوص ارسال قوات اضافية قد لا يتم قبل اجتماع وزراء دفاع دول الحلف يومي 28 و29 سبتمبر (ايلول) الحالي في سلوفينيا.

وعقد كبار المسؤولين العسكريين من دول الحلف الـ 26 اجتماعهم المغلق امس في مقر الحلف في مونس بجنوب بلجيكا استجابة لدعوة وجهها قائد قوات الحلف الجنرال جيمس جونز لارسال نحو 2500 جندي اضافي الى افغانستان. وكان مندوبو التحالف التقوا بشكل غير رسمي الاثنين، الماضي، ونقلوا مخاوف قائد قوات الحلف في افغانستان الى عواصمهم. وتواجه قوة المساعدة في احلال الامن في افغانستان »ايساف« العاملة تحت قيادة الحلف تمردا عنيفا من قبل مقاتلي طالبان منذ تولى الحلف السيطرة على مناطق جنوب افغانستان في اواخر يوليو (تموز) الماضي.

ويخوض مقاتلو حركة طالبان التي اطاحت بها قوات التحالف الذي قادته الولايات المتحدة في اواخر 2001، منذ اشهر معارك شرسة ضد قوات التحالف والقوات الحكومة الافغانية. وقتل اكثر من تسعين من الجنود الاجانب بينهم عناصر من قوة »ايساف« والتحالف في افغانستان هذا العام، واثار هذا العدد من الجنود الذين قتلوا في جنوب البلاد تساؤلات حول قدرة الحلف على انهاء مهتمه بنجاح. وتحاول قوات »ايساف« بسط سلطة حكومة الرئيس الافغاني حميد كرزاي الضعيفة من خلال فرق اعادة الاعمار في الاقاليم والتي تربط الامن باعادة البناء.وفيما يسعى حلف شمال الاطلسي للحصول على مزيد من القوات، يخشى مسؤولو الحلف من تراجع الدول المانحة عن وعودها المالية التي قطعتها في وقت سابق من هذا العام وبالتالي تقويض التقدم الذي تم تحقيقه على صعيد بناء الثقة.

وحذرت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس اثناء زيارتها كندا اول من امس لشكر البلاد على مشاركتها بـ 2300 جندي في افغانستان، من التخلي عن افغانستان، وقالت: «اذا سمحتم بفشل الدولة في ذلك الموقع الاستراتيجي، فستدفعون ثمن ذلك».

ومن جانبه، حث رئيس الوزراء البريطاني توني بلير حلفاءه في حلف شمال الاطلسي امس على ارسال مزيد من القوات الى افغانستان، مؤكدا ان على تلك الدول «واجب» مساعدة القوات البريطانية وغيرها التي تتكبد خسائر في صفوفها في افغانستان. واكد بلير في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الصيني وين جياباو الذي يزور لندن ان »حلف الاطلسي يتطلع الى اية تعزيزات اضافية ممكنة»، مؤكدا ان «على الحلف والدول الاعضاء واجب الاستجابة لذلك». وقال ان القوات البريطانية «تلحق خسائر حقيقية بطالبان والقاعدة» الا انه اكد انه »من المهم ان ينظر الحلف باكلمه الى هذه المسالة بمسؤولية».

وافاد رئيس الوزراء الصيني ان بكين تدعم كذلك جهود احلال السلام في كافة انحاء افغانستان، وقال: «نحن نتابع الوضع في افغانستان بشكل وثيق. ونأمل في ان نرى الاستقرار يتحقق في افغانستان»، مشيرا الى ان بكين تقدم المعونات الانسانية هناك. واضاف: «افغانستان لا تزال في وضع صعب للغاية. وعلى المجتمع الدولي تقديم المساعدات الانسانية لذلك البلد. وقد وفرت الصين المساعدات الانسانية وستواصل ذلك في المستقبل».

وصرحت مندوبة الولايات المتحدة في الحلف امس ان الحلف يحتاج الى تعزيزات في بداية اكتوبر «تشرين الاول» المقبل على ابعد تقدير لمواجهة مقاومة طالبان المتزايدة في الجنوب. وقالت فكتوريا نولاند في حدث لاذاعة هيئة الاذاعة البريطانية «بي بي سي» : «نريد ان نعزز هذه المهمة في وقت لا يتعدى الاول من اكتوبر لان هذا موسم مهم قبل حلول البرد في افغانستان». وتابعت: «نطلب من الدول التي لم ترسل عددا من الجنود يماثل العدد الذي ارسلناه دراسة امكانية فعل المزيد لان هذه لحظة استراتيجية».

وينتشر اكثر من عشرين ألف جندي من 37 بلدا من قوات احلال الاستقرار في افغانستان بينهم 8 آلاف جندي يواجهون مقاتلي طالبان في الجنوب المضطرب. الا ان جونز طلب من الدول المشاركة بجنود منح قواتها الجديدة تخويلا بخوض معارك عنيفة. وتعاني القوات البريطانية والهولندية والكندية الموجودة هناك من الضغوط من حيث العدد. وقد التزمت كل من فرنسا وايطاليا بارسال قوات الى لبنان بينما رفضت اسبانيا وتركيا ارسال مزيد من القوات. اما رومانيا التي ارسلت نحو 560 جنديا الى افغانستان، فانها تستعد لارسال كتيبة جديدة مما سيرفع عدد قواتها الى اكثر من الف جندي، الا ان بوخارست كانت قد اعلنت عن ارسال الكتيبة الاضافية قبل ان يوجه جونز دعوته. وينتشر نحو 79 جنديا من استوانيا في قندهار وهلمند والعاصمة كابل، وتنوي استوانيا زيادة العدد الى 120 جنديا بنهاية العام وربما الى 150 العام المقبل. اما لاتفيا الصغيرة التي لا يتجاوز عديد جيشها ستة آلاف جندي، فتعتزم رفع مساهمتها من 36 الى 56 جنديا. وقالت وسائل الاعلام الكرواتية ان الحكومة قد تضاعف عديد قواتها ليبلغ نحو 300 الا انه لم يصدر اي تاكيد رسمي لذلك. ولم تستبعد اليونان او بولندا ارسال تعزيزات.ويخشى مسؤولو حلف الاطلسي من ان يلجأ الافغان الفقراء في جنوب البلاد الى طالبان في حال فشلت مهمة الحلف.