واشنطن تحتفي بوزير فرنسي مؤيد لها.. وتأمل أن يرأس بلاده العام المقبل

ساركوزي: شعبنا يحب أميركا.. والنخبة الفرنسية تشوه صورة الأميركيين

TT

من النادر جدا أن يسمع الرئيس الأميركي جورج بوش كلمات باللغة الفرنسية مؤيدة له، لكن وزير الداخلية الفرنسي نيكولاي ساركوزي المرشح المحتمل للرئاسة الفرنسية في انتخابات العام المقبل أسمعه على ما يبدو أثناء لقائهما في البيت الأبيض، الليلة قبل الماضية، ما يطمح لأن يسمعه أي رئيس أميركي من حلفائه الفرنسيين العنيدين.

ولم يعلن البيت الأبيض مسبقا عن لقاء بوش مع الوزير الفرنسي الزائر، إذ أن اللقاء كان مرتبا له مع مستشار البيت الأبيض لشؤون الأمن القومي ستيفن هادلي، لكن المباحثات امتدت، فجاء الرئيس بوش بنفسه إلى مكتب هادلي للترحيب بالوزير الفرنسي المعروف بتوافق رؤاه مع النظرة الأميركية تجاه الإرهاب وقضايا كثيرة أخرى، وامتد اللقاء لأكثر من نصف ساعة. ونقلت وسائل الإعلام الأميركية عن مرافقين للرجل الثاني في الحكومة الفرنسية القول إن زيارته المقرر أن تمتد إلى أربعة أيام جاءت لإظهار تضامن فرنسا مع الشعب الأميركي في الذكرى السنوية الخامسة لهجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001، لكن مسؤولين أميركيين أشاروا إلى أن مباحثات الوزير الفرنسي مع بوش وهادلي ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس ومسؤولين آخرين لم تقتصر على إظهار التضامن بل شملت قضايا التعاون في الحرب على الإرهاب ومواجهة احتمالات تلقي أميركا أو أوروبا ضربة إرهابية جديدة من تنظيم «القاعدة» في ظل التهديد المستمر لقادة التنظيم بشن مثل هذه الهجمات. واوضح الوفد الفرنسي ان لقاء ساركوزي ـ رايس استمر قرابة الساعة وتناول البحث خلاله الارهاب والعراق وايران والشرق الاوسط والعلاقات الاطلسية وروسيا. ورغم أن المسؤولين الأميركيين تعاملوا مع ساركوزي كوزير في الحكومة الحالية، فان احتفاءهم الكبير به أظهر وجود أمل لديهم أن يرشح الرجل نفسه لرئاسة فرنسا ويفوز بها في انتخابات عام 2007 على أمل أن يؤدي فوزه للتخفيف من حدة النقد الموجه في فرنسا للولايات المتحدة وسياساتها الخارجية. وأكد ساركوزي علنا في واشنطن أن النقد الذي توجهه الصحافة الفرنسية للسياسات الأميركية لا يعكس الشعور الحقيقي للشعب الفرنسي تجاه الأميركيين، وحمل النخبة الفرنسية وكبريات الصحف المسؤولية. كما أبدى تأييدا لإسرائيل قائلا إن حربها الأخيرة في لبنان جاءت للدفاع عن النفس وهو ما يتوافق مع وجهة النظر الأميركية في هذا الشأن. وحمل ساركوزي «حزب الله» اللبناني المسؤولية كاملة في اندلاع الحرب الأخيرة، مشيرا إلى أن بلاده تعاونت مع الولايات المتحدة لإصدار قرار من مجلس الأمن الدولي ينص على وقف الحرب.

كما اشار ساركوزي في تصريحات متكررة إلى أن إيران جعلت من نفسها دولة خارج القانون مقتربا أكثر من وجهة النظر الأميركية فيما يتعلق بالخلاف الأوروبي ـ الأميركي حول إيران. وقال الوزير الفرنسي إن امتلاك إيران للسلاح النووي سيكون أمرا مرعبا للغاية.

وشدد الوزير الفرنسي على وجوب «ترك كل الخيارات متاحة (بشأن ايران) حتى تتمكن الدبلوماسية من التحرك». واقترح اقامة «بنك دولي للوقود النووي» برعاية الوكالة الدولية للطاقة الذرية «يضمن تسليم شحنات من الوقود النووي المدني وإعادة معالجة المواد الانشطارية لكل الدول التي ترغب في تطوير الطاقة النووية المدنية لأهداف سلمية وتتخلى بالطبع عن الخيار النووي العسكري».

وإضافة إلى لقائه بوش وهادلي ورايس، التقى ساركوزي ايضاً مع مسؤولين أمنيين أميركيين كما التقى مع أعضاء بارزين في مجلسي الشيوخ والنواب الأميركيين.

والتقى ساركوزي مع السناتور باراك اوباما، احد ابرز اعضاء الكونغرس الديمقراطيين، وبحث معه الوضع في دارفور. وقال الضيف الفرنسي في ختام اللقاء في مكاتب اوباما: «اعتقد اننا نتشاطر المخاوف ذاتها». من جهته، قال اوباما في تصريحات لاذاعات فرنسية: «في ما يتعلق بمسألة السودان ودارفور، فان الاتحاد الاوروبي ابدى بطئاً في التحرك حيال هذه المشكلة، وهذا امر مفاجئ». واضاف «يدهشني ان تكون وسائل الاعلام والحكومات الاوروبية لم تبد مزيدا من الاهتمام بهذه المسألة». ولفت اوباما الى انه يتابع «مسار» ساركوزي، و«لا يجدر بي اطلاق تكهنات بالنسبة للانتخابات الفرنسية، لكنني على يقين بأن فرصه جيدة في قيادة فرنسا مستقبلا». والتقى ساركوزي بعد ذلك السناتور الجمهوري جون ماكين الذي قد يكون مرشحا للانتخابات الرئاسية الاميركية المقبلة عام 2008.