أبو مازن يسلم حقيبة الخارجية إلى «القدومي» ويضع 3 أهداف للحكومة الجديدة

الرئيس الفلسطيني يوفد قريع إلى دمشق للقاء الأسد وأكد دفع رواتب الموظفين قبل رمضان

TT

أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس قراراً رئاسياً أوكل فيه مسؤولية حقيبة وزارة الخارجية، التي يتولاها حاليا محمود الزهار، الى رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية فاروق قدومي، في خطوة اعتبرها مراقبون بأنها تهدف الى منع حكومة الوحدة الوطنية المرتقبة من أي دور في الإشراف على العلاقات الخارجية للسلطة. كما حدد أبو مازن من ناحية ثانية، ثلاثة اهداف للحكومة الجديدة، وهي «حل قضية الأسرى، واطلاق سراح الجندي الاسرائيلي الأسير، والتهدئة».

وأكد أبو مازن في رسالة وجهها الى السفارات الفلسطينية في الخارج، ان القدومي هو وزير خارجية دولة فلسطين والمخول بالتحدث عن الشؤون الخارجية للفلسطينيين وتمثيلهم في المحافل الدولية بتكليف منه. وشدد في الرسالة التي وجهها ايضا الى الامانة العامة للجامعة العربية، على أن الدائرة السياسية لمنظمة التحرير هي التي تقوم بدور وزارة الخارجية، وان القدومي بوصفه رئيساً لها هو المسؤول عن ملف العلاقات الخارجية للسلطة الفلسطينية. وحسم أبو مازن بذلك القرار الخلافات كبيرة، التي نشبت بين وزير الشؤون الخارجية في الحكومة الحالية محمود الزهار وفاروق القدومي على خلفية قيام الأخير بتمثيل فلسطين في المنتديات الدولية والعربية. وسبق للزهار أن اتهم القدومي بأنه أرسل رسائل للسفراء وممثلي المنظمة في إرجاء العالم يطالبهم بعدم اعارة اهتمام للتعليمات الصادرة من الزهار على اعتبار أن ملف الشؤون الخارجية يتبع منظمة التحرير فقط.

واعتبر الزهار، أن ما قام به القدومي هو تحريض للسفراء واعضاء السلك الدبلوماسي على التمرد على وزارة الشؤون الخارجية الفلسطينية. وتؤكد مصادر في ديوان الرئاسة الفلسطينية أن الحكومة الفلسطينية الحالية هي حكومة ذات مسؤولية عن الشأن الداخلي، ولا علاقة لها بتوجيه او تحديد خطوط السياسة الخارجية للسلطة. وعلق مصدر حكومي فلسطيني من حركة حماس على قرار ابو مازن، قائلاً «في حال تم التأكد من حقيقة ارسال هذه الرسالة، فإنها لن تكون الخطوة الأنسب لتنقية الأجواء الفلسطينية». واعتبر المصدر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن خطوة ابو مازن هذه تأتي في سياق مخططه القاضي بسحب الصلاحيات من الحكومة الحالية. واعاد المصدر للأذهان حقيقة أن ابو مازن هو الذي «أغضب القدومي، وأخرجه عن طوره»، عندما اصر على أن يقوم وزير الخارجية السابق ناصر القدوة بالاشراف على العلاقات الخارجية للسلطة. واستدرك المصدر قائلاً «مع ذلك فإن حركة حماس استنبطت العبر، ولن تصر على أن تواصل الاحتفاظ بوزارة الشؤون الخارجية»، التي ستصر على أن يتولاها شخصية مستقلة. من ناحية ثانية، حدد أبو مازن ثلاثة اهداف لحكومة الوحدة الوطنية، وهي حل قضية الاسرى، واطلاق سراح الجندي الاسرائيلي الاسير، والتهدئة، مشدداً على وجوب الإفراج عن النواب والوزراء الفلسطينيين الذين اختطفتهم اسرائيل بعد اسر شليط، قبل الاعلان عن تشكيل حكومة الوحدة. وخلال كلمة ألقاها أمس أمام مجموعة من كوادر حركة «فتح» في رام الله، وصف أبو مازن البرنامج السياسي لحكومة الوحدة الوطنية، التي تم الاتفاق على تشكيلها بـ«المعقول»، مشيرا إلى وجود ضغوط كثيرة تعترض تشكيل هذه الحكومة. وحول اقتراح بتشكيل حكومة «طوارئ»، قال أبو مازن إنه يعارض هذا الاقتراح، قائلاً «لا امكانية لتشكيل حكومة طوارئ، لأنها تشبه ما يسمى «حبة اسبرين لعلاج مرض السرطان»، فهي في احسن احوالها تكون لمدة شهر، وبعد ذلك تذهب للتشريعي ليمنحها التزكية، وفي هذه الأحوال قد لا يعطها التشريعي التزكية».

من ناحية ثانية، نفى غازي حمد الناطق بلسان الحكومة الفلسطينية، أن يكون قد تم الاتفاق بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس وزرائه اسماعيل هنية على تقديم استقالة حكومته.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، قال حمد إن الاتصالات تتواصل بين مختلف الأطراف في الساحة الفلسطينية لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية. وشدد حمد على أن الجهود تنصب حالياً على توزيع الحقائب الوزارية في الحكومة العتيدة. وقال صالح زيدان عضو المكتب السياسي في الجبهة الديمقراطية لـ«الشرق الأوسط» إن الجبهة ستمثل في الحكومة الجديدة بوزير، مشيرا على أن الجبهة لم تحدد هوية الشخص الذي سيتولى هذا المنصب، مستدركاً أنه سيكون من قطاع غزة.

من جهة ثانية كلف عباس، رئيس الوزراء السابق أحمد قريع بالسفر لسورية كمبعوث له للعاصمة السورية دمشق. وأشار مصدر فلسطيني الى أن قريع سيلتقي الرئيس السوري بشار الأسد لوضعه في صورة التطورات الفلسطينية الداخلية.

الى ذلك أعرب ابومازن عن أمله أن يحصل الموظفون في دوائر السلطة على رواتبهم قبل حلول شهر رمضان، قائلاً «بالنسبة للاضراب، لم ولن ادعو للاضراب، رغم اني اقر أنه حق للموظفين». وانتقد أبو مازن بشدة ما سماه «بطء الحراك الداخلي في حركة فتح»، مطالباً ببلورة وسائل اكثرة نجاحا في معالجة شؤون الحركة وتهيئة الظروف امام انعقاد المؤتمر العام السادس لها.

من جهتها عبرت الحكومة الفلسطينية امس عن «استهجانها» موقف الادارة الاميركية من حكومة الوحدة الوطنية التي يجري الفلسطينيون مشاورات لتشكيلها، معتبرة انه «متعجل» و«غير مدروس»، ويندرج في اطار «سياسة الابتزاز» حيال الفلسطينيين. وقال الناطق باسم الحكومة الفلسطينية غازي حمد في بيان ان «الحكومة الفلسطينية تستهجن موقف الادارة الاميركية المتعجل وغير المدروس، حول تشكيل حكومة الوحدة الوطنية»، معبرا عن استغرابه هذا الموقف الذي «يتخذ فقط في اطار المصالح الاسرائيلية وحدها».

واضاف أن «الادارة الاميركية دأبت (...) على فرض شروط مسبقة واتباع سياسة الابتزاز تجاه الفلسطينيين لتقديم تنازلات لصالح الاحتلال ولم تفرض على اسرائيل اي شروط تلزمها بوقف الاستيطان وسياسة الاغتيالات، وهدم المنازل وازالة الجدار العنصري واطلاق سراح الاسرى والمعتقلين».

ودعا حمد الادارة الاميركية الى «التراجع عن مواقفها وسياساتها المنحازة لاسرائيل»، مؤكدا ان برنامج حكومة الوحدة الوطنية «المستند الى وثيقة الوفاق الوطني، هو اقصى ما يمكن الذهاب اليه».

وكانت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس، اكدت في مؤتمر صحافي مع نظيرتها الاسرائيلية تسيبي ليفني اول من امس، ضرورة التزام الحكومة الفلسطينية الجديدة «مبادئ اللجنة الرباعية التي تشكل توافقا للاسرة الدولية، حول طريق التقدم بين اسرائيل والفلسطينيين».

واضافت «لا حاجة الى القول انه من الصعب ان تكون شريكا في السلام، اذا لم تقبل حق الشريك الآخر في الوجود (...) ومن الصعب ايضا تحقيق تقدم على طريق السلام اذا لم تتخل عن العنف».