حظر التجول وتردي الوضع الأمني ينذران بانقراض أسواق الجمعة في بغداد

حتى في الأيام العادية تغلق معظم المحلات أبوابها عند الساعة الثانية ظهرا بسبب تردي الأمن

TT

اصبحت اسواق الجمعة والاماكن التجارية، التي تنتعش تجارتها وبشكل خاص ايام الجمع والعطل الرسمية من كل اسبوع في العاصمة بغداد، مهددة بالانقراض، بعد ان كانت مركزا لتجمع المتسوقين ورواد تلك الاسواق والاماكن، الذين يتوافدون عليها من كافة انحاء المدينة، ومن مختلف المدن العراقية وبالخصوص تلك القريبة من بغداد، بسبب حظر التجوال الذي فرضته الحكومة العراقية على العاصمة كل يوم جمعة.

وتسبب هذا الحظر في شل الحياة التجارية لمعظم تلك الاسواق والاماكن والشوارع التجارية، التي باتت تشهد كسادا وركودا كبيرين لم تشهدهما من قبل. فقد اجبرت حالة حظر التجوال هذه الكثير من اصحاب المحلات على غلقها، كما حصل في سوق الغزل الكائن في شارع الجمهورية، الذي يختص ببيع حيوانات الزينة والطيور والدواجن الاخرى، وسوق (الوكفة) في الباب الشرقي، الذي يختص ببيع الملابس الرجالية الجديدة والمستعملة، وسوق هرج، الكائن في منطقة الميدان بالقرب من بناية وزارة الدفاع القديمة المختص ببيع الانتيكات التراثية والاجهزة المنزلية المستعملة، فضلا عن بعض الاشياء التاريخية كالاواني والاحجار الكريمة وغيرها من السلع النادرة.

وعن هذه الحالة تحدثت مجموعة من اصحاب المحلات ورواد تلك الاسواق عن الاضرار التي لحقت بهم من جراء ذلك، قال نجاح الدبيسي، صاحب محل لبيع طيور الزينة في سوق الغزل: «لقد اضرت بنا حالة منع التجوال هذه في كل يوم جمعة من كل اسبوع وتكبدنا خسائر كبيرة نتيجة لها ولغيرها من الاسباب، فلم يعد الزبائن يأتون للسوق بعدما كانوا يتواجدون فيه بكثرة منذ ساعات الصباح الاولى ليوم الجمعة، قادمين من كل صوب من بغداد وبعض المدن القريبة منها، كالمحمودية وديالى واليوسفية وبلد وغيرها». واضاف «كما هو معلوم فان تجارة السوق تزدهر في يوم الجمعة فقط، اما باقي الايام فلا توجد فيه حياة اصلا، فالمحال تغلق في الساعة الثانية ظهرا، بسبب الاوضاع الامنية السيئة والتفجيرات التي دائما ما تحصل بالقرب من السوق المحاط بمناطق تجارية كبيرة كالشورجة وعكد النصارى، الذي يختص ببيع الكهربائيات، اضافة الى هلاك عدد كبير من الحيوانات والطيور التي تبقى في الاقفاص داخل المحلات لعدة ايام قد تصل احيانا الى اسبوع، بسبب منع التجوال او حدوث اشتباكات في مناطقنا يتعذر علينا الوصول للسوق بسببها».

واضاف الدبيسي «لقد افنيت حياتي في تربية الطيور والدواجن، ولا اعرف مهنة غيرها، وليس بمقدروي العمل في وظائف واعمال تتطلب جهدا بسبب الامراض التي اعاني منها، وها انا انتظر كغيري من اصحاب المحلات في السوق ان تعود الحياة الطبيعية لبغداد اولا ومن ثمة للسوق الذي يشكل مصدرا رئيسيا للعيش للكثير من العوائل، من اجل ان نعاود نشاطنا وتجارتنا التي تضررت كثيرا».

سعد فيكة، صاحب بسطة لبيع الملابس الرجالية في سوق الوكفة في منطقة الباب الشرقي ببغداد، هو الاخر تضرر مثل غيره من اصحاب البسطات في السوق، من قرار منع التجوال الذي اقرته الحكومة من الساعة الحادية عشرة صباحا ولغاية الثالثة من بعد الظهر، وهو الوقت الذي يجتمع فيه زبائن السوق الذين اغلبهم من الشباب، لانه مختص وبشكل كبير ببيع الملابس الشبابية، سواء كانت جديدة او مستعملة، فضلا عن الملابس الرياضية بانواعها.

وقال فيكة «كان يرتاد السوق الكثير من الشباب الذين يجدون في بضاعتنا الرخيصة غاياتهم ومتطلباتهم، لانها مستوردة اولا ومن مناشئ اوروبية، ولسعرها الرخيص ثانيا مقارنة باسعارها في محلات الملابس في مناطق بغداد الاخرى، واحيانا تجد في هذا السوق بضاعة ما لن تجدها في بقية اسواق العراق كله، وذلك لانه تصلنا عن طريق بعض لاعبي الاندية الرياضية والمنتخبات الوطنية، الذين يسافرون كثيرا ويعتبرون من اهم زبائننا او من بعض الاشخاص الذين يبعث اليهم اقاربهم في الخارج في بداية ونهاية كل موسم، اما الان ومنذ تطبيق هذا القرار فلم يعد يرتاد السوق سوى عدد محدود من الشباب ولفترة قصيرة من الزمن، مما سبب لنا خسائر كبيرة، وبدا السوق بالانحسار مما اجبر بعض اصحاب البسطات الى ترك نشاطهم هذا والبحث عن وظائف تساعدهم في اعالة عوائلهم».

اما نبيل مهنا، صاحب محل لبيع الانتيكات التراثية والاحجار الكريمة في سوق الهرج في منطقة الميدان ببغداد، فقال «ليست الخسارة المادية فقط التي تحملناها من جراء تطبيق منع التجوال هذا، وانما هناك خسائر اخرى لحقت بنا نحن اصحاب محلات الانتيكات والحاجات التراثية تتمثل بالاهمال والركود الذي اصاب السوق، فقد قام بعض التجار الذين يعتبرون خبراء في الاثار والتحفيات بتصفية ممتلكاتهم والهروب خارج العراق وهي خسارة حقيقية لهذا القطاع، فضلا عن النفايات والازبال التي بدأت تتكدس امام بوابة السوق، الذي يعتبر سوقا سياحيا تاريخيا». واضاف مهنا «لقد كان يوم الجمعة يعتبر يوم المبيعات بالنسبة الينا وذلك لكثرة الزبائن الذين يأتون من خارج العراق لشراء الانتيكات والتحفيات النادرة، وقد كان بعض الاشخاص الذين يعملون مع القوات الاميركية كمترجمين يأتون لشراء الكثير من الحاجات وبيعها على الجنود الاميركان، لكن ومنذ بداية العام انحسر وبشكل تدريجي عملنا الى ان وصلت الحالة بنا الى عدم فتح محلاتنا لايام عديدة، بسبب الاوضاع الامنية السيئة جدا في العاصمة بغداد، مما سيشكل تهديدا بانقراض هذا السوق وغيره من الاسواق التي تزدهر تجارتها يوم الجمعة بالذات».