مصدر فرنسي رفيع لـ«الشرق الأوسط»: مطمئنون إلى استقرار لبنان .. ولا مصلحة لإيران بـ«المزايدة»

TT

الكلام الذي «تصيدته» التلفزة الفرنسية قبل أيام للرئيس الفرنسي جاك شيراك في القمة الأوروبية ـ الآسيوية في هلسنكي وهو يحادث رئيس الحكومة الإسبانية خوسيه لويس ثاباتيرو في العاشر من الشهر الحالي ـ وفيه تحدث عن فترة هدوء في لبنان من 3 الى 4 أشهر قد تعقبها عودة المشاكل مع تأزم الملف النووي الإيراني ـ تعكس على حد قول مصادر فرنسية رفيعة المستوى «حقيقة التفكير الفرنسي». وما قاله شيراك في محادثة خاصة مع ثاباتيرو كان يفترض أن يبقى بعيدا عن سمع الصحافة.

تقول المصادر الفرنسية إن باريس «مطمئنة» لاستتباب الهدوء في لبنان في المرحلة المقبلة بفضل تراكم مجموعة من الأسباب تتناول إسرائيل وحزب الله وإيران (وسورية) والمجموعة الدولية على السواء. وباريس ترى ان تفاعل الأزمة السياسية في إسرائيل على خلفية نتيجة الحرب على لبنان والانتقادات الموجهة لطريقة قيادة الحرب وبدء سلسلة الاستقالات العسكرية وربما السياسية غدا «تجعل الحكومة في وضع سياسي هش وتضعف فرص نشوب الحرب مجددا شرط ألا تستفز إسرائيل عن طريق عملية ما لحزب الله توقع عددا كبيرا من الضحايا». وبالمقابل فإن الطرف الآخر، أي حزب الله، الذي «حشد نجاحا على المستويين العربي والإسلامي أكثر من النجاح الذي حصده على المستوى اللبناني»، ليس في الوقت الحاضر في وضع يسمح له بالتسبب بحرب جديدة .

وترى المصادر الفرنسية أن «علامات النقمة» التي بدأت بالظهور على ما أفضت اليه الحرب «ليس فقط عند المسيحيين او عند السنة والدروز ولكن أيضا داخل الطائفة الشيعية وإن كان بدرجة أقل» من شأنها أن تحفز حزب الله على «تحاشي حرب جديدة» خصوصا أن الحزب «أصيب بخسائر حقيقية على المستويين العسكري والسياسي». يضاف الى ذلك أن استكمال انتشار الجيش اللبناني ووصول جزء مهم من قوة اليونيفيل المعززة بصيغتها الجديدة الى جنوب لبنان «يغل نوعا ما حركة حزب الله ويمنعه من التحرك ضد إسرائيل» خصوصا أن اليونيفيل الجديدة «في وضع يتيح لها الدفاع عن نفسها وإكمال مهمتها».

ومن العوامل الإيجابية التي ترى فرنسا أنها تلعب «لمصلحة التهدئة» في لبنان أن إيران ـ الداخلة في مفاوضات حساسة مع المجموعة الدولية واحتمال أن يفضي ذلك إما الى اتفاق ما أو الى المواجهة الدبلوماسية والعقوبات وربما أبعد من ذلك ـ «لا مصلحة لها بالمزايدة في الوقت الراهن» ولذا فإن كل المؤشرات تدفع الى «التهدئة راهنا». لكن «الخطورة»، كما تقول المصادر الفرنسية، تتمثل «في مرحلة لاحقة» وهي التي قدرها شيراك بأربعة أشهر.

وتبدو المصادر الفرنسية غير متفائلة وغير متشائمة وإنما واقعية في موقفها. ويختصر مصدر دبلوماسي رفيع هذا الوضع بقوله: «مفتاح الحل هو القرار 1701 وتطبيقه بشكل كامل». غير أنها تعترف أن حزب الله ومعه إيران «يمتلكان القدرة على التأثير ودفع الأمور بهذا الاتجاه أو ذاك». تقول باريس إن فشل التفاوض الدولي مع إيران «يمكن أن يدفع طهران الى تحريكه في جنوب لبنان». لكن المصادر الفرنسية كشفت لـ«الشرق الأوسط» أمرا مهما هو أن السيد حسن نصر الله عمل لدى إيران من أجل أن تقبل القرار 1701 وأن تعد كوفي أنان بالمساعدة على تطبيقه وهي بالتالي ترى أنه يمكن اعتبار نصر الله «أولا رجلا سياسيا لبنانيا رغم تبعية حركته لإيران عسكريا وماليا، ولديه هامش من التحرك السياسي المستقل». وثانيا، أن نصر الله «يفهم ميزان القوى» وبالتالي «سيصل الى قراءة واقعية للوضع» من المرجح ان تمنعه «من المغامرة بحرب جديدة».

وتدفع باريس باتجاه «توفير العناصر الإضافية» التي تعزز الهدوء وتفتح الباب لقيام «التفاهم السياسي» الذي ينص عليه القرار الدولي. وتقول باريس إن أنان «يعمل بقوة وثبات» على إيجاد حل لمسألة الجنديين الإسرائيليين وللأسرى اللبنانيين في إسرائيل.