وزيرة الدفاع الفرنسية في لبنان اليوم.. ومصدر فرنسي يعتبر الوضع «بالغ الهشاشة»

ميشيل إليو ماري: التهديدات الأخيرة تدفعنا إلى مزيد من الحذر

TT

تصل وزيرة الدفاع الفرنسية ميشيل أليو الى بيروت اليوم، في اول زيارة يقوم بها وزير دفاع فرنسي الى لبنان منذ سنوات. ويترافق وصولها مع انتشار القوة الفرنسية المشاركة في قوة اليونيفيل المعززة، التي وصل عددها الى 1300 رجل، فيما ينتظر أن يكتمل عديد الكتيبة (ألفا رجل) مع نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وقالت مصادر دفاعية فرنسية إن إتمام وصول القوات وانتشارها في اماكن تمركزها مرهون بأمرين اثنين: الأول حل المشاكل المادية واللوجستية، ومنها توفير السكن في «أمكنة آمنة» وتطهير أماكن تمركزها من الألغام الإسرائيلية. والثاني أن تحسم قيادة اليونيفيل بالتفاهم مع الأمم المتحدة، أمر تحديد حاجاتها العسكرية وما تطلبه من فرنسا، بحيث تأتي المساهمة الفرنسية بحسب حاجة اليونيفيل.

وفي لقاء مع عدد محدود من الصحافيين في باريس، قبل مغادرتها الى بيروت، قالت أليو ـ ماري، إن هدف الزيارة هو «التعبير عن دعم فرنسا للبنان وللحكومة اللبنانية، وهو ما يظهر عن طريقين: مساعدة الجيش اللبناني على القيام بمهماته، عبر المساهمة بقوة من ألفي رجل في اليونيفيل، والمساعدة على إعادة الإعمار، من خلال المساهمة الحالية في إعادة المواصلات بين المناطق اللبنانية، عن طريق تركيب جسور معدنية بدل الجسور التي ضربتها إسرائيل.

ومن المقرر أن تزور أليو ماري صباح الاثنين منطقة الجنوب، للقاء القوة الفرنسية المشاركة باليونيفيل، ولقاء قائدها الجنرال الفرنسي الان بللغريني. كذلك ستلتقي طاقم عملية «باليست» البحرية، التي ساهمت في ترحيل الفرنسيين عن لبنان وقامت بتوفير الدعم اللوجستي لقوة اليونيفيل، التي تساهم كذلك في عملية الرقابة البحرية على المياه الإقليمية والسواحل اللبنانية، الى جانب القطع الإيطالية واليونانية.

وتلتقي الوزيرة الفرنسية نظيرها وزير الدفاع اللبناني الياس المر ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة، وعددا من السياسيين اللبنانيين، وبينهم رئيس كتلة نواب المستقبل سعد الحريري، وتشارك في تدشين أحد الجسور التي ركبتها فرقة الهندسة العسكرية الفرنسية. وتصل أليو ماري الى الجنوب، في الوقت الذي تتزايد فيه التهديدات الموجهة الى اليونيفيل والى الكتيبة الفرنسية بشكل خاص، عبر تصريحات الرجل الثاني في القاعدة أيمن الظواهري الأخيرة، وفيها يدعو الى استهداف اليونيفيل وفرنسا بالذات. وقالت الوزيرة الفرنسية، إن العسكريين الفرنسيين الذين ستلتقيهم، «يقومون بمهمة صعبة في وضع محفوف بالمخاطر وفي ظروف مادية معقدة».

ورغم الأجواء الملبدة لبنانيا وإقليميا، فإن باريس «ليست قلقة أكثر من اللازم»، بالنسبة لأمن قوتها في لبنان، وفق ما تقوله الوزيرة الفرنسية، التي تكتفي بالقول إن التهديدات الأخيرة «تدفعنا الى مزيد من الحذر». وفي أي حال، فإن السلطات الفرنسية «تعتبر بشكل عام أن قواتها المنتشرة في الخارج يمكن أن تتعرض لاعتداءات إرهابية، وأن هناك باستمرار دعوات لاستهدافها، بعضها يظهر في الصحافة وبعضها يبقى بعيدا عن الإعلام، ولذا، تقول أليو ماري، فإن دعوة الظواهري لا تقلقني أكثر من اللازم، وإنما تذكرنا أن ثمة تهديدا إرهابيا يمكن أن تتعرض له فرنسا في الداخل والخارج».

ولكن كيف تقوم باريس المرحلة الحالية في لبنان؟

يقول مصدر فرنسي رفيع المستوى إن «الوضع في لبنان يعرف نوعا من الاستقرار، لأن الهدنة محترمة بشكل عام». غير أن هذا الاستقرار «ما زال هشا وأي حادث يمكن أن يتفاعل ويعيدنا الى دورة العنف». ويستطرد المصدر المشار اليه قائلا: «أعتقد وآمل أن لبنان قلب صفحة الحرب.. ولكننا نحن نتحدث عن منطقة هي الأكثر هشاشة في العالم، ولذا فإن مساهمة كل الأطراف ضرورية من أجل الوصول الى حالة من الاستقرار، وثمة عمل كبير ينتظرنا لتحقيق هذا الهدف». ويشير المصدر الفرنسي الى أهمية توفير عناصر التفاهم السياسي المنصوص عليها في القرار 1701 لنزع فتيل التفجير بين لبنان وإسرائيل، ومنها مسألة الأسرى ومزارع شبعا وسلاح حزب الله، المفروض أن يتخلى عنه لتقوم الدولة اللبنانية.ومن الأطراف التي تريد فرنسا منها أن تساهم في الاستقرار، هناك بطبيعة الحال، و رغم العلاقات المتوترة معها، سورية التي يقول عنها المصدر الحكومي إنها «يمكن أن تلعب دورا ايجابيا، لأنها بلد له وزنه ومن الطبيعي أن يكون له دور». غير أن باريس تبدو متشائمة حيال المسلك السوري، لأن دمشق «تنغلق على نفسها بدل أن تلعب الدور الدولي، الذي يمكن أن تلعبه». وربط المصدر بين التوتر السوري ـ الفرنسي وبين دور باريس في الدفع لاستعادة لبنان سيادته وإخراجه من دائرة الهيمنة السورية، حتى إن لم يعجب هذا العمل دمشق. ومع ذلك ما زالت باريس تدعو سورية الى أن تلعب اللعبة الطبيعية والعادية في العلاقات الدولية، وأن تحترم القواعد والقرارات الدولية، الخاصة بلبنان، بما في ذلك تسهيل مهمة لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري.

وما يصح على سورية، يقول المصدر الحكومي الفرنسي، ينطبق على إيران التي تقيم باريس حوارا معها، لأنها لا تريدها «بلدا منبوذا». غير أن الجانب الفرنسي يحذر إيران من أنها «لا تستطيع في الوقت عينه أن تكون داخل اللعبة الدولية وخارجها» وبالتالي يتعين عليها الاختيار. ويؤكد المصدر الفرنسي أن باريس وواشنطن عادا مجددا الى الموجة نفسها بخصوص لبنان بعد اختلافهما إبان الحرب الإسرائيلية في لبنان حول وقف النار ومضمون القرار 1701.