المخابرات الإسرائيلية تتعقب أطباء القطاع لمعرفة مكان احتجاز شليط

روايات متضاربة حول صفقة تبادل الأسرى

TT

ذكرت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي الليلة قبل الماضية أن جهاز المخابرات الإسرائيلية الداخلية (الشاباك) يقوم منذ أسر الجندي شليط بمراقبة تحركات الكثير من أطباء الجراحة في جنوب قطاع غزة، على اعتبار أن تشكيلات المقاومة التي أسرت شليط ستقوم بجلب اطباء لمعالجته من الجراح التي أصيب بها اثناء عملية الأسر.

وحسب تحقيق بثته القناة فإن «الشاباك» يستعين بعملاء فلسطينيين، يقومون بشكل دائم بمتابعة تحركات هؤلاء الأطباء، في حين يتم التنصت على هواتف هؤلاء الأطباء بشكل دائم. وأكد التحقيق أن حالة من الاحباط وخيبة الأمل تسود المستويات السياسية والعسكرية بسبب عجز جهاز «الشاباك» وشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية المعروفة بـ«أمان» في توفير معلومات تقود الى الكشف عن مكان تواجد شليط، على الرغم من مرور ثمانين يوماً على اسره من قبل حركات المقاومة. ونوه التحقيق الى أن كلاً من الجيش والمخابرات يتبادلان الاتهامات حول المسؤولية عن نجاح المقاومين في أسر شليط. فمن ناحية يدعي جهاز «الشاباك» أنه قدم تحذيرات استخبارية واضحة حول نية حركات المقاومة الفلسطينية في استهداف موقع «كرم أبو سالم» الذي كان يتمركز فيه شليط، في حين يدعي الجيش أن «الشاباك» رفض تقديم مثل هذه المعلومات للجيش. ومن الأمور بالغة الدلالة التي يكشف عنها التحقيق هو حقيقة أن الموقع العسكري الذي كان يتمركز فيه شليط كان يخضع للمراقبة بواسطة شبكات انذار مبكرة معقدة، والتي كان يتوجب أن تكتشف عملية تسلل المقاومين الذين ساروا على الأقدام مسافة طويلة نسبياً بعدما خرجوا من النفق الذي قادهم الى القرب من الموقع العسكري. وحسب التحقيق فقد فشلت المجندات اللاوتي كن يتابعن من على شاشات رقمية ضخمة متصلة بأجهزة الانذار المبكر في قاعدة عسكرية تقع في عمق إسرائيل في فهم ما حدث فعلاً، حيث يؤكد الذين أعدوا التحقيق أن الجيش لم يدر أن أحد جنوده قد أسر، إلا بعد ساعة من الحادث، حيث كان عناصر المقاومة الذين اسروا شليط قد تجاوزوا به الخط الفاصل بين قطاع غزة واسرائيل غرباً. وأشار التحقيق الى أن جهاز «الشاباك» قد أعد قائمة بأسماء 400 اسير فلسطيني لكي يتم الإفراج عنهم في الدفعة الأولى من الأسرى التي سيتم اطلاق سراحهم مقابل اطلاق شليط. واشارت القناة الى أن الاتصالات حول الصفقة التي يتولاها المصريون تكثفت في الآونة الأخيرة بشكل كبير. ونوه المراسل السياسي للقناة اودي سيغل الى أن هناك بعض الخلافات التي ما زالت تعترض اتمام هذه الصفقة بشكل نهائي. وقد جاء ذلك بعيد اعلان السفير المصري في السلطة الفلسطينية أشرف عقل الذي صرح لوكالة رمتان للانباء أن «أخبارا سارة» ستسمع قريباً حول قضية الإفراج عن الجندي المختطف. من ناحيتها نفت حركة حماس الانباء التي تحدثت عن انجاز صفقة تبادل اسرى. وفي تل أبيب بدأت طواقم العمل في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي تعمل على تمهيد الأجواء أمام احتمال التوصل في وقت قريب الى صفقتين لتبادل الأسرى بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية من جهة، وبين اسرائيل ولبنان من جهة ثانية، لاطلاق سراح الجنود الإسرائيليين الثلاثة مقابل بضع مئات من الأسرى الفلسطينيين والعرب.

ويرى أحد أعضاء الطاقم المهتم بالمسار الفلسطيني ان الأجواء في اسرائيل ايجابية ازاء أية صفقة، حتى لو تضمنت اطلاق سراح أسرى خطرين ممن يطلق عليهم «ذوي الأيدي الملطخة بدماء الإسرائيليين». لكن الصعوبة تكمن في الرسالة الختامية التي يمكن ان تبث من خلال صفقة كهذه. فالحكومة كانت قد أعلنت انها لن ترضخ للخطف ولن تفاوض الخاطفين وعليها أن تقنع الجمهور من جهة والخاطفين من جهة أخرى بأنها لا ترضخ فعلا. والسبيل لذلك هو في البرهنة على ان خاطفي الجنود الثلاثة في لبنان وفي السلطة الفلسطينية دفعوا ثمنا باهظا مقابل هذا الخطف.

وقال المسؤول الاسرائيلي انه في نهاية المطاف دفع لبنان ثمن خطف الجنديين بمقتل 1400 شخص بينهم المئات من نشطاء حزب الله وبذلك الدمار الذي حصل في بلداته، خصوصا البلدات التي يسيطر فيها حزب الله. ودفع الفلسطينيون الثمن بمقتل 228 شخصا بينهم 208 مسلحين و474 جريحا بينهم 451 من المسلحين وحوالي خمسمائة معتقل جديد بينهم 60 شخصية كبيرة من وزراء ونواب. واضاف المسؤول الاسرائيلي ان هذا الثمن سيجعل كل جهة عربية تفكر في خطف إسرائيليين، تعيد النظر في خطتها. وقال انه يعرف أن هناك تنظيمات مسلحة لا تكترث لهذا الثمن وهي مستعدة لتكرار عمليات الخطف في كل يوم إلا ان عدد هذه التنظيمات يتقلص وتأييد الجمهور لها يتآكل بفعل الممارسات الاسرائيلية.

الجدير بالذكر أن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية بدأ يمهد لتمرير صفقة تبادل أسرى منذ بداية المفاوضات على اطلاق سراح الجنود الأسرى. فقد قال ايهود أولمرت نفسه انه كان ينوي اطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين بعد لقاء القمة المخطط مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس «أبو مازن»، من دون علاقة مع خطف الجندي جلعاد شليط وأن خطف الجندي هو الذي أدى الى التأخير في تنفيذ خطته. واعترفت مصادر اسرائيلية ان قسما من الأسرى الفلسطينيين المحررين سيكونون أسرى نوعيين، حيث سيطلق سراح النساء بمن في ذلك منفذات عمليات خطيرة وشبان صغار وأسرى قدامى. بيد ان اسرائيل ما زالت تصر على ابقاء قادة التنظيمات الأساسيين في سجونها، أمثال مروان البرغوثي من «فتح» وعبد الرازق عبد الخالق من «حماس» وأحمد سعدات من الجبهة الشعبية وغيرهم.