بوش يدافع عن أساليب المخابرات في التحقيقات مع الإرهابيين المفترضين

أسير حرب سابق ومرشح جمهوري محتمل للرئاسة يتزعم معارضة المشروع

TT

دافع الرئيس الأميركي جورج بوش عن مشروع قانون اقترحه البيت الأبيض يسمح رسميا لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة في حال إقراره باستخدام أساليب استجواب للإرهابيين المفترضين تشبه إلى حد كبير ما تستخدمه بعض دول العالم الثالث الديكتاتورية.

وحرص واضعو المشروع المقدم للكونغرس على عدم وصف تلك الأساليب بأنها نوع من أنواع التعذيب واستخدموا بدلا عن ذلك عبارة «تقيات قاسية للاستجواب». وفي مواضع أخرى استخدم المشروع عبارة «أساليب غير مريحة للمستجوبين»، في حين يصف بعض منتقدي المشروع المقترح تلك الأساليب بأنها مقززة ولا تتماشى مع قيم الحضارة والإنسانية التي نادى بها الآباء المؤسسون للولايات المتحدة.

وقال بوش في خطابه الاذاعي الاسبوعي إنه سيحاول البحث عن «تفاهم» بشأن التشريع لكنه أصر على أن الصياغة النهائية للقانون يجب أن تسمح باستمرار التحقيقات التي تجريها وكالة المخابرات المركزية (سي آي ايه) لانها ساعدت على احباط مؤامرات على أمن الولايات المتحدة.‏ ‏وقال بوش إن «برنامج الوكالة أنقذ حياة الاميركيين وحياة الناس في دول أخرى». وأضاف «هناك أمر واحد يعنيني في هذا التشريع.. وهو أن تكون أجهزة المخابرات قادرة على أن تخبرني بأن القانون سيسمح باستمرار هذا البرنامج الضروري». ويسمي بوش الأساليب المستخدمة في التحقيق والاستجواب للمشتبه فيهم الأجانب في قضايا إرهابية بـ«مجموعة بديلة من الاجراءات» للتحقيقات التي تجريها الوكالة.

وكان الرئيس الأميركي قد أشار في أحد خطاباته الأخيرة إلى أن استجواب أبو زبيدة القيادي في تنظيم «القاعدة» أدى إلى كشف معلومات أسفرت عن القبض على خالد شيخ محمد، ورمزي بن الشيبة، واصفا إياهما بالمدبرين الرئيسيين لهجمات الحادي عشر من سبتمبر. وكانا يخططان لشن هجمات أخرى بتوجيه مباشر من أسامة بن لادن. وأعلن بوش أخيرا عن نقل المعتقلين الثلاثة إلى معسكر غوانتانامو بدون أن يكشف عن الجهة التي جرى نقلهم منها، ويعتقد على نطاق واسع أن المعتقلين الثلاثة إلى جانب 11 آخرين كانوا في معتقلات سرية خارج الأراضي الأميركية بشكل يسمح لوكالة الاستخبارات الأميركية استخدام أساليب استجواب مبتكرة من دون التعرض لمساءلات قانونية.

وتبنت مجموعة من الجمهوريين الاقوياء؛ من بينهم السناتور جون ماكين من ولاية أريزونا تشريعا يوفر حماية لحقوق المعتقلين. والمعروف عن ماكين أنه أسير حرب سابق في حرب فيتنام وتعرض شخصيا لأساليب قاسية في الاستجواب، ولذا يعارض بشدة أن تستخدم الولايات المتحدة مثل هذه الأساليب، وتهدد معارضته بإحباط مساعي الرئيس بوش لأن الرجل يحظى باحترام كبير في أوساط الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء كما أنه من المرشحين المحتملين للرئاسة في انتخابات 2008.‏ ‏ويقول ماكين وآخرون يعارضون اقتراح الادارة انه سيضعف الحماية التي تكفلها اتفاقيات جنيف التي تحظر المعاملة غير الانسانية للأسرى. ويأتي الشقاق بين الجمهوريين حول المشروع المقترح في وقت يحاول فيه الرئيس بوش تجميع حزبه وراء مسعى لتأكيد الامن القومي قبل انتخابات الكونغرس النصفية في نوفمبر (تشرين الثاني) القادم.‏ ‏ووافقت لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ في الاسبوع الماضي على مشروع‏ القانون الذي قدمه ماكين، بينما ساند مجلس النواب مشروع الرئيس. وإذا لم يتمكن الكونغرس من الاتفاق على مشروع قانون قبل الانتخابات، فمن المحتمل أن يزداد موقف الرئيس والبيت الأبيض صعوبة بعد أن يحصل الديمقراطيون على أغلبية المقاعد في مجلس النواب، وهو أمر متوقع بشكل واسع بسبب المعارضة الشعبية الواسعة لسياسات الرئيس بوش فيما يتعلق بالعراق ومحاربة الإرهاب.

الى ذلك، نفى الرئيس بوش فكرة ان ادارته أصبحت مشغولة وابتعدت عن جهود ملاحقة بن لادن زعيم تنظيم «القاعدة»، واصفا ما يتردد بأنه «اسطورة» غير صحيحة. وتعرض بوش الذي أحيا الذكرى السنوية الخامسة لهجمات 11 سبتمبر ايلول بزيارة لنيويورك الاسبوع الماضي لانتقادات من الديمقراطيين لفشله في القبض على بن لادن، في حين كانت هناك فرصة اواخر عام 2001. وقالت صحيفة «واشنطن بوست» ان البحث عن بن لادن أصبح فاترا تماما.

ويقول الديمقراطيون ان حرب العراق حولت الموارد والاهتمام بعيدا عن ملاحقته.

وقال بوش: «كما تعلمون هناك اسطورة غير صحيحة تتردد هنا في واشنطن بشأن كيف ان هذه الادارة لم تستمر في التركيز على بن لادن. واضاف انسوا ذلك». وسعى بوش للتأكيد على الامن القومي على انه قضية لها الاولوية في انتخابات الكونغرس القادمة، وألقى سلسلة كلمات تظهر حرب العراق على انها جزء حيوي في الحرب الأشمل على الارهاب. لكن الديمقراطيين الذين يسعون لانهاء هيمنة الجمهوريين على الكونغرس يقولون انه تبين ان العراق شتت الانتباه عن الكفاح ضد الارهاب. ويعتقد ان الزعيم الروحي لـ«القاعدة» يختبئ في الجبال الواقعة على الحدود الافغانية ـ الباكستانية.

ووسط هجمات متزايدة في أفغانستان من جانب مسلحي طالبان، اتهم السناتور جون كيري الديمقراطي عن ولاية ماساتشوستس الادارة بالتعامل مع افغانستان على انها مسألة ثانوية. وقال كيري الاسطورة الحقيقية هي ان العراق وليس افغانستان هو مركز الحرب على الارهاب. واضاف: «الادارة تراجعت فيما كان بن لادن ورجاله يختبئون ويتآمرون في منطقة حرام يغيب عنها القانون.