بابا الفاتيكان: أكن احتراما للمسلمين ولم أقصد بأي شكل تبني أقوال الأمبراطور البيزنطي

المغرب يعيد سفيره وثاباتيرو يدعو للتهدئة

TT

اعرب البابا بنديكتوس السادس عشر الذي يواجه مطالبا بتقديم اعتذار صريح مباشر عن تعليقاته حول الاسلام والجهاد في محاضرته الاسبوع الماضي في المانيا عن «احترامه الكبير للديانات الكبرى وعلى الأخص للمسلمين»، وذلك خلال الاجتماع العام الاسبوعي امس في الفاتيكان.

واكد البابا في ثالث بيان يعلنه الفاتيكان خلال اسبوع في محاولة لتهدئة الاحتجاجات في الدول الاسلامية انه يكن «احتراما كبيرا للديانات الكبرى وعلى الأخص للمسلمين الذين يعبدون الله الواحد».

كما تعد تصريحاته امس المرة الثانية التي يتحدث فيها البابا بنفسه عن كلامه الذي اثار موجة غضب في الأوساط المسلمة، بينما كان البيان الأول صدر باسمه عن وزير خارجية الفاتيكان. واعرب البابا عن أسفه لكون الكلمة التي القاها الاسبوع الماضي في راتيسبون بالمانيا «اسيء فهمها». وقال «آمل ان يشكل كلامي في راتيسبون حافزا لاقامة حوار ايجابي بين الديانات».

وكان البابا اورد في 12 سبتمبر (ايلول) اقتباسا سلبيا عن الدين الاسلامي والنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) عن امبراطور بيزنطي كان يرد على مسلم فارسي. وقال البابا امس «من الواضح انني لم اقصد بأي شكل من الاشكال تبني اقوال الامبراطور (البيزنطي) السلبية وان مضمونها المثير للجدل لا يعبر عن قناعاتي الشخصية».

واضاف البابا امس «كانت نيتي مختلفة تماما. كنت اود ان اوضح بان الدين لا يتماشى مع العنف بل يتماشى مع العقل». وتابع «اكدت كم هو مهم احترام ما هو مقدس لدى الاخرين».

ومضى يقول «انني بالتالي مقتنع بان كلامي في جامعة راتيسبون بعد صدور ردود الفعل الأولى يمكن ان يعطي دفعا ويشكل حافزا لاطلاق حوار ايجابي».

وكان البابا اعلن الأحد في مقر اقامته الصيفي في كاستيل غاندولفو قرب روما عن اسفه لما سببته تصريحاته معتبرا انه اسيء فهمه.

«من جهة اخرى اعلن رئيس الوزراء الاسباني خوسيه لويس ثاباتيرو امس ان البابا بنديكتوس السادس عشر لم يقصد «احداث مواجهة» من خلال الكلمة التي القاها بشأن الاسلام داعيا المسلمين الى التهدئة.

وقال ثاباتيرو خلال لقاء مقتضب مع الصحافيين في كواليس مجلس الشيوخ الاسباني «انني ادعو جميع ممثلي المجتمعات الاسلامية التي تحرك سكانها القلقون من تصريحات البابا الى تهدئة الخواطر».

واضاف «انني مقتنع بان البابا لم يشأ في أي وقت من الاوقات اثارة جدل او مواجهة او توجيه انتقاد الى الاسلام او الاشخاص الذين ينتمون الى هذا الدين».

وفي تطور يشير الى تهدئة في الازمة قالت وزارة الخارجية المغربية ان عاهل المغرب الملك محمد السادس الذي استدعى سفيره لدى الفاتيكان احتجاجا على تصريحات البابا بشأن الاسلام طلب من المبعوث العودة الى روما امس واستئناف عمله.

وكان الملك محمد السادس قد استدعى علي عاشور للتشاور يوم الاحد الماضي وبعث برسالة الى البابا يطلب فيها من رئيس الكنيسة الكاثوليكية اظهار نفس الاحترام للاسلام مثلما يفعل مع المسيحية واليهودية.

وقالت الوزارة في بيان اذاعته وكالة انباء المغرب العربي مساء اول من امس انه وفقا لتعليمات الملك محمد السادس عاد سفير المغرب لدى الفاتيكان علي عاشور صباح امس الى روما ليستأنف مهامه.

واشادت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس بالبابا لحبه للانسانية وقالت ان الناس احيانا ما يسيئون الى الآخرين دون ان يقصدوا. وقالت رايس في مقابلة مع تلفزيون «ايه. بي. سي» كلنا نحتاج الى فهم افضل، كلنا نحتاج الى ان نفهم ان الآخرين قد يشعرون بالاساءة دون ان ندري.

وكان الرئيس الاميركي جورج بوش تدخل في الازمة يوم الاثنين الماضي وقال ان البابا بنديكت كان مخلصا في اعتذاره عن تصريحاته بشأن الاسلام وان كلماته اسيء فهمها.

ووجد البابا بعض الكلمات المواتية من الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد.

وقال احمدي نجاد في مقابلة مع محطة تلفزيون «ان. بي. سي» في نيويورك اعتقد انه رجع فعلا عن تصريحاته ولا توجد مشكلة. واضاف قوله الناس الذين يشغلون مناصب مهمة يجب ان يتوخوا الحذر فيما يقولون. وما قاله قد يعطي جماعة اخرى ذريعة لاشعال حرب.

وقال رئيس الوزراء الايطالي رومانو برودي في الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك انه لا يوجد سبب يدعو للانزعاج في ايطاليا وان كانت وسائل اعلام محلية تحدثت عن زيادة الامن حول البابا.

وفي اثينا نشر بيان للبطريرك ثيوظوروس الثاني بطريرك الاسكندرية وسائر افريقيا لطائفة الروم الارثوذكس قال: «نرفض التعصب الديني ولا بد من احترام الديانات الاخرى للانسانية»، واعرب عن اسفه للحادث، وذكر ان على رجال الدين التحلي ببناء روح التضامن ونشر السلام بين شعوب الانسانية بغض النظر عن الجنس او المال او الديانة، كما اشار الى ان الدور الاساسي للبطريركية في الاسكندرية هو التأكيد على التحلي بروح التعايش السلمي بين الشعوب.

واشاد البطريرك ثيوظورس الثاني في بيانه بالحكومة المصرية موضحا انه بالرغم من اختلاف الديانات، فهناك ترحيب كبير من قبل الدولة بدور البطريركية، وان الشعب الارثوذكسي يتعايش باخلاص مع شعب مصر المسلم، وذكر ان البطريركية ترفض التعصب وخاصة التعصب الديني ويجب تفعيل التعاون بين الديانات المختلفة، بحيث يقود هذا التعاون الى الاحترام والسلام، ولا بد من تجنب أي شيء قد يثير التوترات بين الشعوب او الاديان.

الى ذلك ارسل التركي محمد علي آغا الذي سبق وحاول اغتيال بابا الفاتيكان السابق يوحنا بولس الثاني عام 1981 برسالة الى البابا بنديكت السادس عشر حذره فيها من زيارة تركيا.

وجاء في الخطاب الذي نشرت صحيفة «بيلد» الالمانية في عددها الصادر امس مقتطفات منه: «لا تأتي الى تركيا فحياتك الآن في خطر».

ومن ناحية اخرى تقدمت مجموعة من هيئة علماء الدين في تركيا امس بالتماس الى وزارة العدل طلبوا فيها القبض على البابا ومقاضاته خلال زيارته المقبلة لتركيا والمخطط لها خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل بتهمة التعدي على الاديان.