مشرف: العقل المدبر لهجمات سبتمبر مرتبط باعتداءات لندن 2005

يوميات «على خط النار» تثير ضجة واسعة في باكستان

TT

أعلن الرئيس الباكستاني برويز مشرف في كتابه «على خط النار» ان العقل المدبر لاعتداءات 11 سبتمبر (ايلول) 2001 في الولايات المتحدة على علاقة ايضا بالعمليات الانتحارية التي ارتكبت في لندن في السابع من يوليو (تموز) 2005.

وقال مشرف في كتابه ان خالد شيخ محمد الذي اعتقل في باكستان في مارس (اذار) 2003 اعترف بأنه تعاون مع تنظيم «القاعدة» للتخطيط للتفجيرات التي استهدفت باصا ومترو الانفاق في لندن ولهجوم فاشل على مطار هيثرو في لندن حسب ما ذكر مشرف في كتابه الذي نشر في مطلع الاسبوع الحالي.

وبحسب الكتاب كشف ناشط في «القاعدة» كلفه خالد شيخ محمد التحضير لهذه الاعتداءات وجود رابط مع اثنين من انتحاريي مترو الانفاق في لندن. واضاف مشرف في كتابه «علمنا من خالد شيخ محمد ان العقل المدبر في «القاعدة» كان يخطط لشن هجمات على مطار هيثرو ومترو الانفاق في لندن».

وتابع ان «المشتبه به كلف من قبل خالد شيخ محمد القيام بجولات استكشافية وبالاعداد لشن هجوم على مطار هيثرو. وبعد التحضيرات الاولية اقترح استهداف «حي الأعمال الجديد» في كناري وورف ومترو الانفاق في لندن».

ولم يكشف مشرف هوية الناشط لكن اخصائيين في قضايا الارهاب في باكستان يقولون انه قد يكون نعيم نور خان الشاب الخبير في المعلوماتية الذي أوقف في لاهور «شرق باكستان» في يوليو 2004. وقدمت باكستان الى السلطات البريطانية المعلومات محفوظة في أجهزة الكومبيوتر التي ضبطت لدى اعتقال خان وحتى امكانية استجوابه. وتابع مشرف انه «في مرحلة لاحقة تبين وجود رابط بين صديق خان وشهزاد تنوير» وهما انتحاريان بريطانيان من اصل باكستاني شاركا في اعتداءات يوليو 2005 في لندن. وكشف الرئيس مشرف في كتابه «ان العالم النووي الباكستاني عبد القدير، سبق ان حث ابنته التي تعيش في لندن على نشر الكثير من دقائق النشاط النووي الباكستاني على الملأ بواسطة بعض الصحف البريطانية»، موضحا ان الحكومة الباكستانية وقفت على هذه المعلومة وغيرها عند عثورها على خطابين اثناء القائها القبض على خان في نوفمبر (تشرين الثاني) 2003، وكان الخطاب الثاني موجها من خان لبعض اصدقائه بايران يطلب منهم التحفظ على اسمه وعدم الادلاء به لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية اثناء عمليات التحقيق التي تقوم بها الوكالة في ايران، مشددا على ضرورة ان يوردوا اسماء شخصيات ميتة كما يفعل هو في باكستان، ناصحا ان ترجع ايران اثار التلوث الذي اكتشفته الوكالة على معدات وأجهزة الى مفتشي الوكالة انفسهم بدعوى انهم لوثوا الاجهزة لاتهام ايران التي عليها ان تنسحب من اتفاقية الحد من التسلح النووي واعدا اياها بمزيد من التعاون والمساعدة.

واضاف مشرف ان «خان اوصى في احدى الرسالتين بعض اصدقائه في ايران بعدم كشف اسمه الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية في اي حال من الاحوال».

وتابع مشرف في كتابه «نصحهم ايضا بكشف خلال التحقيقات اسماء اشخاص توفوا كما كان يفعل هو في باكستان، حتى انه اقترح على الايرانيين ان يحملوا مفتشي الوكالة الدولية مسؤولية نقل آثار يورانيوم عثر عليها في ايران على اجهزة طرد مركزي».

واضاف مشرف ان «الرسالة تضمنت انتقادات للحكومة بشأن سير التحقيق وتعليمات مفصلة لابنته لتكشف أسرار البرنامج النووي الباكستاني من خلال بعض الصحافيين البريطانيين». وكان خان قد اعترف في الرابع من فبراير (شباط) 2004 ببيع اسرار ذرية الى كوريا الشمالية وكذلك الى ليبيا وإيران، وقال انه تصرف من دون دعم من الحكومة او الجيش، وفي اليوم التالي من اعترافات خان اصدر الرئيس الباكستاني «عفوا» عنه.

وفي رده على اتهامات بأن بلاده تأوي متمردي طالبان انتقد الرئيس الباكستاني برويز مشرف الرئيس الافغاني حميد كرزاي قائلا انه فشل في منع الحركة الاصولية المتشددة من استقطاب الناس. وثار خلاف بين الزعيمين اللذين سيجتمعان اليوم مع الرئيس الأميركي جورج بوش بشأن اتهامات افغانية بأن زعماء طالبان يقودون حركة التمرد في افغانستان من مدينة كويتا في جنوب غرب باكستان. ووصف مشرف تلك الاتهامات بأنها «سخيفة» وقال ان حكومة كرزاي في حاجة الي بذل المزيد من الجهود لانهاء تهميش طائفة البشتون العرقية التي تشكل قاعدة التأييد الرئيسية لطالبان. وقال محللون بعد يوم واحد من صدور مذكرات الرئيس مشرف ان مذكراته يمكن أن توضح مكانته على الساحة العالمية لكنها قد تثير جدلا وتوتر العلاقات مع الجيران.

وحير اختيار مشرف كتابة سيرته الذاتية التي تحمل عنوان: «على خط النار» فيما لا يزال متوليا الحكم الكثير من الباكستانيين وشكك البعض في حقه نشر المذكرات. وزاد صدور الكتاب في عام انخفضت فيه شعبية مشرف باعترافه شخصيا من مخاوف الناس. وقال رويداد خان وهو موظف كبير سابق: «أعتقد أنه كتب هذا الكتاب في وقت لا يتمتع فيه بمصداقية على الاطلاق». وكان على مشرف الذي احتفظ بمنصبه كقائد للجيش مما أثار جدلا السير على حبل مشدود منذ تشكيله تحالفا مع الولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر (ايلول) 2001 حيث تختلف أغلبية الباكستانيين بشدة مع السياسة الخارجية الأميركية. وقال خان الذي يعتقد أن نشر المذكرات ربما يعد انتهاكا لليمين الدستورية التي أداها مشرف لهذا المنصب: «انه يخبر الغرب أنه يجب أن يحتفظ به في منصبه اذا كان يريد الفوز بالحرب ضد الارهاب». وبعد أن تولى مشرف الرئاسة في انقلاب ابيض قبل سبع سنوات يتساءل الباكستانيون الان الى متى ينوي مشرف تولي رئاسة البلاد مع العلم بأنه يريد الاستمرار الى ما بعد الانتخابات العامة التي تجرى في نهاية العام القادم.

وقال اسعد دوراني رئيس المخابرات الباكستانية السابق: «هذه التصريحات قد تبيع كتابك لكنها تخلق مزيدا من الجدل»، وأضاف «لا أرى أي أثر جيد لهذا الكتاب على العلاقات بل انه سيضرها». وأبدى محللون قلقهم بشأن كتابة رئيس عن القضايا الامنية والعلاقات مع الدول الاخرى فيما لا يزال موجودا في الحكم.

ومن جهة اخرى في إسلام أباد أثارت مذكرات الرئيس مشرف التي تحمل اسم «على خط النار» والتي صدرت الليلة قبل الماضية في نيويورك جلبة هائلة في باكستان امس. ونشرت جميع الصحف الكبرى مقتطفات من الكتاب الذي يسلط الضوء على جميع القضايا المثيرة للجدل التي تتعلق بالزعيم الباكستاني، ومن بينها مغامرة كارجيل العسكرية ضد الهند في إقليم كشمير المتنازع عليه بين البلدين والتي تسببت في إذلال إسلام أباد. ورغم الهزيمة فقد كتب مشرف إن الصراع الذي اندلع عام 1999 وزعزع الاستقرار السياسي في باكستان وتسبب في الانقلاب العسكري الذي أتى بمشرف إلى السلطة كان أداء «رائعا» للجيش الباكستاني وأن رغبة الهند في السيطرة على أراضي باكستانية أدت إلى نشوب القتال.

ورغم التغطية الاعلامية الواسعة لمذكرات مشرف في باكستان، إلا أن صحيفة واحدة فقط تطرقت إلى هذا الكتاب في مقال افتتاحي وهي صحيفة دون «الفجر» الليبرالية.

وتساءلت الصحيفة «هل من حق الرئيس أن يتخذ موقفا علنيا من قضايا مهمة ربما يظل بعضها محظورا رسميا بموجب القانون لمدة ثلاثين عاما». ونكأت مذكرات الرئيس مشرف جروح الهند ورسخت هناك صورته كحاكم عسكري لا يمكن الوثوق فيه، ورفض المسؤولون في الهند التعليق فورا على المذكرات لكنهم هاجموا في احاديث خاصة تشكيك مشرف في مدى اخلاص ومرونة رئيس الوزراء الهندي مانومهان سينغ في عملية السلام بين الجارتين.

وصرحوا بان توقيت نشر المذكرات التي كتبت في يونيو (حزيران) لكنها ظهرت بعد أسبوع واحد من لقاء ودي بين سينغ ومشرف في كوبا كان غير موفق، واتخذ المحللون امس موقفا سلبيا في تقييمهم لكتاب «في خط النار».

وقال تشيداناند راججاتا مراسل صحيفة تايمز اوف انديا في واشنطن «الكتاب مليء بالمبالغة وتضخيم الذات»، مشرف يبدو غير نادم على غالبية الاشياء التي تهم الهند سواء كان ذلك كارجيل او الارهاب والتسلل. وتتهم الهند الرئيس الباكستاني بتدريب متشددين وارسالهم عبر الحدود لمقاومة الحكم الهندي في كشمير المتنازع عليها.

ومازالت اثار الصراع الذي دار في منطقة كارجيل بشمال كشمير عام 1999 واضحة المعالم في الهند التي تلقي اللوم على مشرف في دفع الانفصاليين بمساندة القوات الباكستانية للاستيلاء على قمم الجبال في عمل اعتبرته نيودلهي «عدونا غير مبرر».