السودان يتهم الولايات المتحدة أمام الجمعية الأفريقية بالتدخل في شؤونه الداخلية

دبلوماسي بريطاني: «الجعجعة» الصادرة من واشنطن ولندن حول دارفور غير مستحبة

TT

انتقدت الحكومة السودانية ما ورد في خطاب وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس أمام الجمعية الأفريقية في واشنطن الذي ذكرت فيه إن «الأمر ليس الوضع الإنساني في دارفور بل إعادة هيكلة السودان». واتهم السفير السوداني لدى الأمم المتحدة، عبد المحمود عبد الحليم، واشنطن بالتدخل بالشؤون الداخلية في السودان.

وقال عبد الحليم مخاطبا رايس في بيان له أمام الجمعية «إن شعب السودان وحده هو الذي يحدد كيف يحكم». وجدد سفير السودان التأكيد مرة أخرى على أن حكومة السودان ليست لها أية حواجز في التعامل مع الأمم المتحدة، وقال «إن الدليل على ذلك وجود واحدة من أكبر بعثات الأمم المتحدة الآن في السودان لدعم تنفيذ اتفاق السلام مع الجنوب». وانتقد عبد الحليم مجلس الأمن لإصداره القرار 1706 ولعجزه من معاقبة الذين لم يوقعوا على اتفاق أبوجا للسلام في دارفور، وقال «لقد صدرت عدة قرارات طالبت بفرض عقوبات على الذين لم يوقعوا على الاتفاق أو الذين يعملون على تقويضه، ورغم وجود قرار معتمد من مجلس الأمن ينص على معاقبة هؤلاء لم يتمكن المجلس من فعل شيء ضدهم». واتهم عبد الحليم الولايات المتحدة بمغازلة العناصر الرافضة للتوقيع على اتفاق السلام، قائلا «إن بعض القوى النافذة في مجلس الأمن تغازل معوقي السلام وتستعدي الحكومة الطرف الأكثر حرصا على الاتفاق وتطبيقه». وأضاف «ثم يأتي هؤلاء هنا في هذا المنبر الجامع ليذرفوا دموع التماسيح على الاتفاق وعلى شعب دارفور، فأين كانت هذه الدموع عندما كان شعب لبنان يتعرض للدمار لأكثر من شهر».

وجدد عبد الحليم معارضة الخرطوم نشر القوات الدولية، وأوضح أن السودان متمسك بقوات الاتحاد الأفريقي وطالب بدعمها وتعزيز قدراتها لتنفيذ مهمتها في دارفور، وأكد على أن اتفاقية أبوجا التي نصت على دور الاتحاد الأفريقي في تطبيق الاتفاق «لم تنص من قريب أو بعيد على أي دور للأمم المتحدة».

ومن جهة أخرى، قال دبلوماسي بريطاني بارز امس انه على بريطانيا والولايات المتحدة الامتناع عن التهديد والوعيد في أزمة دارفور بالسودان لأن حكومة الخرطوم تعلم أنهما لا تستطيعان مصاحبة هذه الأقوال بالافعال، حسب تقرير لـ«رويترز».

وصرح مارك مالوخ براون نائب الامين العام للأمم المتحدة الذي تنتهي فترته قريبا لصحيفة «اندبندنت» بأن لندن وواشنطن معزولتان في موقفهما وان عليهما التخفيف من لهجتهما والعمل على تحقيق توافق في الآراء على مستوى العالم.

وقال في الحديث الذي نشر أمس «الجعجعة الدبلوماسية الصادرة من واشنطن ولندن وتقولان فيها اذا لم تسمحوا بنشر قوات الأمم المتحدة فلتحذروا العواقب» غير مستحبة. ولذلك فإن توني بلير رئيس الوزراء البريطاني، وجورج بوش الرئيس الأميركي بحاجة الى تجاوز عمليات الاستعراض هذه».

وأضاف «السودانيون يعرفون أننا لا نملك قوات ننشرها ضد حكومة معادية في الخرطوم اذا عارضنا السودان فلن يكون هناك سلام نحافظ عليه بأي حال. انت هناك لتخوض حربا». وقال مشيرا الى التهديدات الأميركية والبريطانية «انها تهديدات تفتقر الى المصداقية».

ورغم دعوة بريطانيا المتكررة الى التحرك لحسم أزمة دارفور الا انها دعت ايضا الى جهود سياسية منسقة لتطبيق اتفاق سلام هش وقعته الحكومة السودانية مع احدى الجماعات المتمردة في دارفور.

وقال مالوخ براون ان التهديدات الغامضة من جانب واشنطن ولندن تتيح لحكومة الخرطوم فرصة تصوير نفسها على انها «الضحية التالية للحرب الصليبية بعد العراق وأفغانستان».

وصرح بانه بدلا من ذلك على أميركا وبريطانيا ان تطبقا سياسة العصا والجزرة، أي الترهيب والترغيب، على ان يدعم تلك العقوبات والحوافز توافق دولي يمكن ان تفهمه الخرطوم جيدا.

وذكر ان الخرطوم تريد تطبيع العلاقات مع بريطانيا والولايات المتحدة وان تتمتع بالقدرة على الاستفادة من عائداتها النفطية الجديدة كما تريد حماية من المحكمة الجنائية الدولية.

وأضاف «لكن من جهة أخرى هناك حاجة للعقوبات. كل هذه النقاط سواء بالسلب أو الايجاب بحاجة الى ان ترددها مجموعة من زعماء الغرب لكن على نطاق أوسع ليشمل دولا يحترمها السودان ويثق فيها».

وطالب مالوخ براون في الوقت نفسه الغرب بتغطية نقص في المساعدات قيمته 300 مليون دولار تقدم للملايين من سكان دارفور الذين يموتون من الجوع.