سركوزي لمسلمي فرنسا: الاعتداءات على أماكن عبادتكم اعتداء على كل الوطن

دوفيلبان ينتقد تهديد حياة مفكر هاجم الإسلام في «لو فيغارو»

TT

حث وزير الداخلية نيكولا سركوزي مسلمي فرنسا على التعبير عن رأيهم ورفع صوتهم. ودعا الى حوار حقيقي بينهم وبين الجمهورية الفرنسية، مندداً في الوقت نفسه بالاعتداءات التي تتعرض لها اماكن العبادة الإسلامية في فرنسا، معتبرها «اعتداءات على الوطن كله». وأكد الوزير الفرنسي على اهتمامه بأربعة ملفات إسلامية رئيسية هي إنشاء مؤسسة الأعمال الخيرية الإسلامية وتأهيل الأئمة والحج الى الأماكن المقدسة والعلاقات القانونية القائمة بين الإسلام والديانات الأخرى والسلطات العامة. وذكر وزير الداخلية الذي يتطلع الى الرئاسة الفرنسية بالدور الذي لعبه في تسهيل إنشاء «المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية» ليكون المحاور الرسمي للسلطات الحكومية والمدافع عن مصالح المسلمين في فرنسا.

وجاءت تصريحات سركوزي بمناسبة مشاركته أول من أمس في إفطار رمضاني في مسجد باريس الكبير بدعوة من مدير المسجد ورئيس مجلس الديانة الإسلامية الدكتور دليل بوبكر وحضور أعضائه ومجموعة من الشخصيات المسلمة الفاعلة في المجالات الاجتماعية والسياسية والإعلامية.

وفي كلمته، شدد بوبكر على «الثقة» التي يوفرها حضور وزير الداخلية حفل الإفطار بعد الاعتداءات التي تعرضت لها أماكن عبادة جنوب فرنسا وغربها، وكذلك الاعتداء الذي استهدف في شهر اغسطس (آب) الماضي المسجد الكبير نفسه. وشدد بوبكر على رغبة المجلس الفرنسي الذي انتخب أخيرا هيئة مكتبه بعد فترة من الشلل بسبب خلافات داخلية، في أن يكون «صوت الاعتدال في فرنسا» والضمانة من التطرف السياسي. وفي إشارة الى الاعتداءات التي تتعرض لها أماكن العبادة الإسلامية، قال سركوزي: «عندما يمس مسجد، فإن كل مكونات الوطن تكون قد أهينت». وأضاف: «شعور الكراهية ضد المسلمين (في فرنسا) موجود، وأنتم ليس لديكم إلا أصدقاء. وعندما اعتدت أطراف غير مسؤولة، الأحد الماضي، على مسجدين في كركاسون (جنوب البلاد) وكيمبير (غربها) ولطخوهما بالصلبان النازية والشعارات العنصرية، فإنهم أظهروا وجه الغباء وغياب التسامح والحقد». واردف قائلا: «لا أحد يمكن ان يقبل الاعتداء على أماكن العبادة يتعين ان يعاقب القضاء المجرمين بقساوة لأنهم ينتهكون قوانين جمهوريتنا الأساسية». وتكتسي مشاركة سركوزي في الإفطار الرمضاني اهمية خاصة. فمن جهة يمثل سركوزي بصفته وزيراً للداخلية ومسؤولاً عن شؤون الديانات المرجع الصالح لمعالجة المشاكل التي تناول الديانة الإسلامية في فرنسا، بما فيها تأهيل الأئمة. وفي الأشهر القليلة الماضية، عمدت أجهزة وزارة الداخلية الى ترحيل عدد من الأئمة الى بلادهم لأسباب تتراوح بين الدعوة الى العنف وبين عدم شرعية أوضاعهم في فرنسا. ومن جهة أخرى، فإن نيكولا سركوزي رئيس «حزب التجمع من أجل حركة شعبية» الذي يحكم فرنسا، فضلاً عن أنه المرشح الأفضل حظا في أن يكون مرشح اليمين الكلاسيكي في الانتخابات الرئاسية في الربيع القادم. وكانت تصريحات سركوزي العام الماضي حول «الرعاع» وضرورة «تنظيف» الأحياء الساخنة منهم أحد الأسباب التي ساهمت في إشعال ما سمي «انتفاضة الضواحي» قبل عام. ووجه سركوزي خطابه مباشرة الى المسلمين، قائلاً: «عندما أتحدث اليكم اليوم كوزير لشؤون العبادة وخصوصا كصديق لكم، فإنني أتوجه الى جميع مسلمي فرنسا وجئت لأقول لكم كم أنا فخور بأن أشارككم هذه اللحظة المميزة، لحظة الإفطار. إن مشاركتي رمز للعلاقات الطيبة القائمة بين الجمهورية ومسلمي بلدنا».

بموازاة ذلك، تفاعلت مسألة أستاذ الفلسفة المفكر روبير روديكير الذي قال إنه تعرض لتهديدات بالقتل بعد أن نشر في صفحة الرأي في جريدة «لو فيغارو» مقالا يتهجم فيه على الإسلام ويعتبره ديناً «عنيفاً». وأدان رئيس الحكومة دومينيك دوفيلبان أمس التهديدات التي أطلقت بحق روديكير، معتبراً انه «لا يمكن قبولها وهي تظهر كم يتعين أن نكون متيقظين من أجل أن يكون احترام رأي الآخر تاماً في مجتمعنا». كذلك أدان بوبكر التهديدات واعتبر أنها «لا تصدر عن مسلمين وإنما عن متطرفين راديكاليين، وهم يتحملون تبعة تهديداتهم لأنهم لا يمثلوننا». وطالب فيليب دوفيليه رئيس حزب «الحركة من أجل فرنسا» اليميني المتشدد الرئيس الفرنسي جاك شيراك الى «استضافة روديكير في قصر الأليزيه بدل أن يتركه تائهاً» يتنقل من مكان الى آخر. ويعيش روديكير تحت حماية الشرطة.