الكويت: لجنة تحقيق برلمانية توصي بإيقاف الشيخ محمد المبارك عن العمل

اختلاف دستوري حول قانونية الإجراء.. والخرافي يقلل مما انتهت إليه اللجنة

TT

قلل جاسم الخرافي رئيس مجلس الأمة الكويتي أمس، من شأن ما انتهت إليه لجنة تحقيق برلمانية مختصة بالنظر في المخالفات التي ارتكبتها الحكومة خلال الانتخابات البرلمانية، بعد أن قررت ضرورة إيقاف رئيس جهاز خدمة المواطن الشيخ محمد العبد الله المبارك عن العمل، لحين الانتهاء من التحقيق معه، حول المخالفات التي ارتكبها جهازه خلال تلك الفترة.

وأكد الخرافي في تصريح للصحافيين بعد لقائه رئيس لجنة التحقيق في المخالفات الانتخابية النائب فيصل المسلم، أن «طلب لجنة التحقيق في المخالفات الانتخابية توقيف رئيس جهاز خدمة المواطن، ليس من حق اللجنة، بل كل ما يمكنها القيام به بحسب رأي الخبراء الدستوريين، أن توصي ثم تعرض التوصية على المجلس ليصوت عليها، وبالتالي تُرفع للحكومة في حال حازت الأغلبية، وذلك انطلاقا من مبدأ فصل السلطات».

وأضاف الخرافي أن «للحكومة في حال رُفعت إليها التوصية بإيقاف رئيس جهاز خدمة المواطن الشيخ محمد العبد الله المبارك، أن تأخذ بها أو لا تأخذ، ونحن كمجلس كل ما يمكننا أن نقوم به هو التصويت على التوصية».

وذكر الخرافي أن «ليس من حق اللجنة مخاطبة السلطة التنفيذية، بل هذا من حق المجلس وهو ما يؤكده الخبراء الدستوريون، ونحن لمسنا من الشيخ محمد عبد الله المبارك كل تعاون، والمهم أن تستمر هذه الروح وأن نخرج بنتيجة واضحة بأنه إذا كانت هناك سلبيات فيجب ألا تتكرر».

أما رئيس لجنة التحقيق في المخالفات الانتخابية النائب فيصل المسلم، فأوضح من جانبه أن «اللجنة قررت الأربعاء الماضي تكليف المستشارين القانونيين إعداد مذكرة تبين توصية اللجنة بإيقاف رئيس جهاز خدمة المواطن الشيخ محمد عبد الله المبارك عن عمله، لمدة ثلاثة شهور لضمان حيادية التحقيق».

وبين المسلم أن «هذا حق للجنة واتخذته بإجماع أعضائها»، نافيا أن تكون هناك «أي شخصنة بالتعاطي مع هذا القرار، فمثلما نحن نملك حق التوصية تملك الحكومة الأخذ بها من عدمه، وكل حينئذ سيتحمل مسؤوليته».

وأشار المسلم إلى أن «اللجنة بعد الاستئناس برأي الخبراء الدستورين رأت أن ترفع لمجلس الأمة ضمن باب الرسائل الواردة في أول جلسة سيعقدها توصيتها بإيقاف رئيس جهاز خدمة المواطن عن عمله، لحين الانتهاء من التحقيق معه، وذلك درءا للشبهة وخوفا من أن يؤثر بقاؤه على رأس عمله على مسار التحقيق، ليقرر المجلس بعدها ما يراه، ثم يحول الأمر للحكومة».

وعلقت مصادر برلمانية على طلب اللجنة، إيقاف الشيخ المبارك عن عمله، وما عقبها من تداعيات وخلاف دستوري، بأن اللجنة لن تتراجع عن قرارها بضرورة إيقافه، وأن الخلاف الآن حول قانونية الآلية الواجب إتباعها وهل يجب أن تمر عبر رئيس المجلس من اللجنة أم يجب أن تعرض على المجلس للأخذ برأيه، وأن قرار اللجنة منته، ولا رجعة عنه، وأن الأمر الآن معروض على المجلس.

يذكر أن طلب لجنة التحقيق في التدخل بالانتخابات البرلمانية إيقاف رئيس جهاز خدمة المواطن الشيخ محمد عبد الله المبارك عن عمله لمدة ثلاثة شهور، كان هو الموضوع الرئيسي لكثير من النقاشات التي شهدتها الدواوين والمنتديات العامة ومحل تساؤلات عدة للنواب والخبراء الدستوريين، حول قانونية ما انتهت إليه لجنة التحقيق مع المبارك حول دور جهازه في تمرير معاملات لمصلحة بعض المرشحين على حساب آخرين خلال فترة الانتخابات البرلمانية الأخيرة.

وكان مجلس الأمة قد شكل في يوليو (تموز) الماضي، لجنة للنظر في التجاوزات الحكومية التي صدرت خلال فترة الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي أقيمت يونيو (حزيران) الماضي، واستفاد منها بعض المرشحين المقربين من الحكومة على حساب مرشحي المعارضة، وضمت اللجنة بعضويتها الدكتور فيصل المسلم رئيسا، والنواب مسلم البراك مقررا، وضيف الله بو رمية، وعبد الله عكاش ووليد الطبطبائي.

وأتى تشكيل اللجنة ردا على قرار صادر من مجلس الوزراء بتحويل كافة المعاملات التي يقدمها المرشحين إلى جهاز خدمة المواطن الذي يرأسه المبارك ومعظمها يتعلق بطلبات علاج لمواطنين بالخارج وترقيات وظيفية وتعيينات في مراكز قيادية.

ويعود سبب التفاعل مع طلب اللجنة بإيقاف الشيخ محمد المبارك إلى الخلاف حول دستورية ما انتهت إليه إذ يرى فريق بأن للجنة الحق بالطلب مباشرة من رئيس الحكومة إيقاف المبارك عن عمله مدة التحقيق الذي تجريه اللجنة كون التحقيق لا يزال جاريا، وأن قوتها مستمدة من البرلمان، فيما يرى فريق آخر أن المخاطبات بين السلطتين يجب أن تتم عن طريق رئيسي المجلسين (الأمة والوزراء)، متى ما تعلق الأمر بإيقاف موظف عام عن العمل مما يعني أن على اللجنة الانتظار حتى بدء دور الانعقاد المقبل نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الحالي لعرض قرارها على البرلمان، وأخذ الموافقة لمباشرة الإجراءات القانونية المترتبة عليه.

يذكر أن لجنة التحقيق في التدخل بالانتخابات البرلمانية، استدعت يوم الأربعاء قبل الماضي، رئيس جهاز خدمة المواطن الشيخ محمد عبد الله المبارك، وحققت معه حول التجاوزات التي حدثت خلال فترة الانتخابات وتمرير المعاملات التي قدمها المرشحين المقربين من الحكومة لمصلحة ناخبيهم على حساب مرشحي المعارضة، وخرجت بإجماع أعضائها يوم الأربعاء الماضي على ضرورة أن يتم توقيف المبارك عن العمل لحين الانتهاء من التحقيق، كما طلبت من نائب رئيس جهاز خدمة المواطن الشيخ ثامر الجابر الصباح المثول أمامها للاستماع لما لديهم من معلومات.

وتضاربت الأنباء احتمال استدعاء اللجنة لرئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد ووزير الصحة الشيخ أحمد العبد الله للغرض ذاته.

ورشح عن اجتماع لجنة التحقيق في التدخل بالانتخابات البرلمانية برئيس جهاز خدمة المواطن الشيخ محمد المبارك الأسبوع الماضي، أن الأخير أبلغ اللجنة بأن ما قام به جهازه «أتى تنفيذا لتعليمات شفوية من رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد، وأن المعاملات لا يمكن حصرها أو توثيقها نتيجة لضغط العمل خلال تلك الفترة»، وهو ما حدا باللجنة إلى التفكير جديا بإيجاد آلية لمخاطبة الجهات الحكومية المعنية، لتزويدها بأي معلومات تتعلق بالتحقيق والنظر في جدية استدعاء رئيس مجلس الوزراء حول هذا الموضوع، متى ما تحصلت على البيانات اللازمة.

وفي تصريحات صحافية بعيد اجتماع اللجنة مع المبارك قبل أسبوع، أكد رئيس اللجنة النائب فيصل المسلم أنها «بحثت حقيقة ما صرح به مجلس الوزراء بتكليف الجهاز استقبال معاملات المرشحين أثناء الانتخابات وحول أداء الجهاز خلال تلك الفترة، كما قررت الطلب من رئيس مجلس الوزراء تزويدها بنسخة وكشف تفصيلي بجميع المعاملات التي استقبلها الجهاز أثناء الانتخابات، وتوجيه سؤال إلى جميع الوزراء عن وزاراتهم والجهات الملحقة بهم حول جميع الخدمات التي قدمتها هذه الجهات للنظر بالتزامها بالقرارات الصادرة من مجلس الوزراء حول قصر استقبال معاملات المرشحين على جهاز خدمة المواطن».

أما رئس جهاز خدمة المواطن الشيخ محمد العبد الله المبارك، فذكر أن «اللجنة طلبت بيانات رقمية عن التكليف الصادر من جهاز خدمة المواطن لبعض الجهات الحكومية، أثناء فترة الانتخابات»، ورد على تمرير الحكومة معاملات لمرشحين على حساب آخرين، أثناء الحملة الانتخابية، «سئلت هذا السؤال في اللجنة وأجبت عليه، وعندما يصدر تقريرها سيتضمن ردي عليه».

وكانت المعاملات محل التحقيق البرلماني على رأس أولويات مرشحي المعارضة، بعد فوزهم في الانتخابات وتشكيلهم أكثر من نصف الأعضاء، باعتبارها إحدى أوجه التدخل الحكومي في الانتخابات، وأحد أوجه الفساد الذي استشرى في الجهاز الإداري، ومتابعة لذلك قرر البرلمان في يوليو (تموز) الماضي تشكيل لجنة للنظر في التجاوزات الحكومية خلال فترة الانتخابات البرلمانية، والتي يتعلق معظمها بملف علاج المواطنين بالخارج والترقيات الوظيفية والتعيين في مراكز قيادية.