رايس تطلب من السعودية استخدام نفوذها في العراق والمساعدة على فرض الاستقرار بلبنان

آدم ايرلي لـ«الشرق الأوسط»: اتفاق حول تأثير سورية السلبي واختلاف حول طريقة التعامل معها

TT

قالت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس انها تعتزم أن تطلب من السعودية المساعدة على فرض الاستقرار في العراق، ودعتها لممارسة تأثيرها على العراقيين السنة ليصيروا أكثر مشاركة في العملية السياسية. وقالت رايس لدى مغادرتها متوجهة للشرق الاوسط انها تعتزم خلال رحلتها التحدث لحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة بشأن كيفية تقديم المساعدة للحكومتين العراقية واللبنانية وللرئيس الفلسطيني محمود عباس. وجولة رايس التي تشمل السعودية ومصر واسرائيل والمناطق الفلسطينية هي أول رحلة لها للمنطقة منذ زيارة في يوليو (تموز) الماضي خلال الحرب بين اسرائيل وحزب الله في لبنان.

وتعتزم رايس خلال الرحلة التى تستمر 4 أيام عقد اجتماع في القاهرة يضم وزراء خارجية مصر والاردن ودول مجلس التعاون الخليجي الست السعودية والكويت والبحرين وقطر والامارات العربية المتحدة وعمان لبحث سبل تعزيز قوى الاعتدال في المنطقة. وقالت رايس للصحافيين أمس «حينما حدث موضوع لبنان كان هناك مؤشر واضح لدينا بأن هناك قوى متشددة وقوى معتدلة في الشرق الاوسط». وأضافت «ان الدول التي سنجتمع معها.. هي مجموعة تتوقعون منها أن تساعد القوى المعتدلة في لبنان والعراق والمناطق الفلسطينية». وقالت رايس «أريد تدخل السعوديين في فرض الاستقرار في العراق. أريد تدخل السعوديين في فرض الاستقرار في لبنان من خلال الموارد والدعم السياسي». وأوضحت رايس «ان السعودية لديها حظوة كبيرة لدى عدد من القوى في العراق وساعدت كثيرا في اشراك السنة في الانتخابات». وأضافت «لذلك فإنني أعتقد انه سيكون من المفيد جدا اذا ساهموا في دعم خطة المصالحة الوطنية التي قدمها رئيس الوزراء نوري المالكي». وتابعت «ان بمقدورهم حشد الناس وراء حكومة المصالحة الوطنية. ولديهم اتصالات كثيرة مع القبائل.. لقد قدموا المساعدة بالفعل.. أود أن يستمروا في المساعدة». وخلال الحرب بين اسرائيل وحزب الله، وضعت السعودية مليار دولار في مصرف لبنان المركزي لدعم الليرة اللبنانية وقدمت تبرعات منفصلة بقيمة 500 مليون دولار للمساعدة في اعادة إعمار لبنان. كما قالت رايس ان الولايات المتحدة تعول على «صياغة جديدة» لحلفائها العرب المعتدلين تجمع دول مجلس التعاون الخليجي الست ومصر والاردن لاعادة اطلاق مسيرة السلام العربية ـ الاسرائيلية. وقالت في الطائرة التي تقلها الى الشرق الاوسط التي توقفت صباح امس في شانون بايرلندا «لدي قناعة بان جهود مجلس التعاون الخليجي زائد 2 تشكل شيئا جديدا يمنحنا فرصة التعاون، في اطار صياغة جديدة، مع الدول والاصوات المعتدلة في المنطقة». وأضافت «ان هذه الصياغة يمكن ان تكون فعالة جدا في مكافحة القوى المتطرفة». واوضحت انها تعتبر ضمن «الاصوات المعتدلة» الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة وايضا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي.

وفي مصر المحطة الثانية من جولتها بعد السعودية، ستعقد رايس اجتماعا مع وزراء خارجية مصر والاردن والدول الست الاعضاء في مجلس التعاون الخليجي (السعودية والكويت وسلطنة عمان والبحرين وقطر والامارات العربية المتحدة)، كما ستلتقي الرئيس المصري حسني مبارك، ونظيرها احمد ابو الغيط. وبعد ذلك، ستتوجه الوزيرة الاميركية الى اسرائيل والاراضي الفلسطينية. وستلتقي في اسرائيل رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني. اما فى فلسطين فستلتقي مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. وتبدأ جولة رايس غداة اعنف صدامات مسلحة منذ الانتخابات التي جرت في يناير (كانون الثاني) الماضي، اسفرت عن سقوط ثمانية قتلى بين انصار حركة فتح التي ينتمي اليها محمود عباس وحركة المقاومة الاسلامية (حماس) في الاراضي الفلسطينية.

وحول ايران، قالت رايس انها اجرت محادثات خلال نهاية الاسبوع وعبر الدائرة الهاتفية المغلقة حول المسألة الايرانية مع نظرائها البريطاني والفرنسي والروسي والصيني والالماني والممثل الاعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا الذي اجتمع الاسبوع الماضي مع كبير المفاوضين الايرانيين حول الملف النووي علي لاريجاني. وقالت «ناقشنا اهمية التمسك بحزم بالقرار 1696 الذي يفيد اننا سنتوجه الى مجلس الامن الدولي طلبا لفرض عقوبات على ايران اذا لم يعلق الايرانيون» تخصيب اليورانيوم. وقالت مشيرة الى تصريحات نسبت للرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد ورفض فيها أي تعليق لتخصيب اليورانيوم «أعتقد أن من العدل ان نقول اننا لم نسمع أي شيء يفيد بان الايرانييين سيوقفون» التخصيب. وأضافت «أعتقد ان خافيير سولانا سيستوثق على الارجح من مصادره مرة أخرى ليرى إن كان هناك شيء آخر. أجرينا بالفعل نقاشا حول أهمية أن نبقى حازمين فيما يتعلق بقرار مجلس الامن الدولي رقم 1696، الأمر الذي يعني أنه اذا لم يعلق الايرانيون التخصيب فسنتوجه الى مجلس الامن لفرض عقوبات». وأشارت وزيرة الخارجية الاميركية الى ان وزراء خارجية الدول الست الكبرى (الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي والمانيا) قد يجرون محادثات حول البرنامج النووي الايراني نهاية الاسبوع في اوروبا. وتابعت «من المحتمل ان نعقد اجتماعا للدول الست في نهاية الاسبوع، الا ان الامر غير مؤكد بعد». وتابعت «ولكن، بما انني سأكون في طريق عودتي من الشرق الاوسط، لن يكون من الصعب بالنسبة اليَّ التوجه الى اوروبا»، مضيفة «سيعطينا ذلك الفرصة لعقد جولة محادثات جديدة حول طريقة احراز تقدم».

وقال نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي الشيخ د. محمد الصباح ان مشاركة الكويت في اجتماع رايس مع وزراء خارجية دول الخليج، بالاضافة الى مصر والأردن يأتي في اطار جهود للدفع بعملية السلام في الشرق الأوسط. وأشار الشيخ د. محمد الصباح في تصريحات صحافية أمس الى ان رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس قد تشاور مع امير الكويت الشيخ صباح الاحمد خلال زيارته للكويت منذ يومين حول الدور العربي المطلوب في هذا الاجتماع. من ناحيته، قال آدم ايرلى المستشار الخاص لوكيل وزارة الخارجية الاميركية للدبلوماسية العامة لـ«الشرق الأوسط» ان رايس ستناقش في السعودية عددا من القضايا المتداخلة وليس قضية واحدة، موضحا ان السعودية زعيمة للاعتدال فى الشرق الاوسط، فيما المنطقة مهددة بالمتطرفين من ايران وسورية و«القاعدة». وتابع «هؤلاء المتطرفون يريدون استخدام الارهاب والعنف لتحقيق أجندة تتناقض مع المجتمع المفتوح والتعددية». وأوضح ان «رايس تريد من الحوار مع مصر والسعودية وباقي دول الخليج تحديد كيف نعمل معا لمنع قوى التطرف من النجاح. أما في زيارتها للاراضي الفلسطينية واسرائيل فتريد بحث انشاء دولة فلسطينية والعمل من اجل هذا»، مشيرا إلى ان الهدف الاساسي من الزيارة هو العمل من هذه البلدان التي لها اجندة متماثلة لمواجهة التطرف. وأضاف «في العراق هناك شخصية مثل الزرقاوي الذي ينتمي للسنة، وجماعته تعمل من اجل حرب أهلية في العراق. وبهذا المعنى، السعودية ونحن لدينا مصلحة مشتركة للعمل معا من اجل منع حدوث هذا». وأوضح ايرلي ان السعودية يمكن ان تستغل نفوذها بين سنة العراق لاقناعهم بترك العنف والانخراط اكثر في العملية السياسية، وذلك نظرا لمكانتها الروحية والدينية، بالاضافة الى انها يمكن ان تساعد على منع المتطرفين من استخدام المنطقة الحدودية لزعزعة الحكومة المركزية في العراق. وشدد ايرلي على انه ليست هناك علاقة بين تقوية المشاركة السياسية للسنة في العراق من ناحية، وبين اضعاف النفوذ الايراني في العراق من ناحية اخرى. وحول لماذا اختيرت دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والاردن لتكون «نواة» للمبادرة، وتم استثناء دول اخرى كالمغرب، قال ايرلي ان تشكيل المجموعة حدد على اساس القضايا التي تريد رايس التركيز عليها خلال زيارتها، وهي العراق ولبنان والمسألة الفلسطينية وايران، مشيرا الى ان دول الخليج ومصر والاردن هي الانسب جغرافيا واستراتيجيا لمناقشة هذه القضايا. وأكد المسؤول الاميركي انه برغم صعوبة الاوضاع في الاراضي الفلسطينية المحتلة، فان رايس لديها اهداف محددة وهي: اولا تعزيز الاتصالات بين محمود عباس وايهود اولمرت، ثانيا، تعزيز قوات الامن التابعة لعباس، وثالثا، تحريك عملية نقل البضائع بين الضفة الغربية وغزة، لان هذا هام اقتصاديا. واوضح ان رايس ستحاول كذلك دفع الامور للتحرك للامام برغم موقف حماس الرافض للاعتراف بالسلام والاتفاقيات مع اسرائيل. وأوضح ايرلي ان هناك اتفاقا بين اميركا ودول بالمنطقة على ان سورية تلعب دورا غير مساعد على احلال الاستقرار في المنطقة، غير انه اشار الى ان النقاش يدور حول ما اذا كان يجب عزل ام ادماج سورية كسبيل لحل هذه المعضلة، موضحا انه من وجهة نظر واشنطن فإن نظام الرئيس بشار الاسد يواصل اتخاذ الخيارات الخطأ ومن ضمنها الابقاء على رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل في دمشق.