الحكومة السودانية تشكل مجلسا أعلى لضبط الوجود الأجنبي في البلاد

ممثل الأمم المتحدة اجتمع بزعماء معارضين

TT

قررت الحكومة السودانية تقييد حركة الاجانب في البلاد، وحظرت حمل السلاح، بدون ان تقدم تفصيلات حول الكيفية التي سيتم بها التقييد او حظر حمل السلاح، غير انها شكلت مجلسا اعلى برئاسة نائب الرئيس علي عثمان محمد طه لضبط الوجود الاجنبي في السودان.

وفي تطور آخر لافت، استجاب الرئيس السوداني عمر البشير لمبادرة لجمع الشمل الوطني وتماسك الجبهة الداخلية لمجابهة المخاطر مقدمة من شخصيات سودانية ابرزها الرئيس السوداني الانتقالي السابق المشير عبد الرحمن سوار الذهب التي اطلقت على نفسها «هيئة جمع الصف الوطني»، وفي اتجاه آخر عقد الممثل الخاص للأمين العام للامم المتحدة في السودان يان برونك اجتماعا نادرا مع زعماء المعارضة الرئيسية في البلاد، طالب خلاله الزعماء بإيجاد حل قومي لأزمة دارفور.

وعقد البشير لقاء مع اعضاء «هيئة جمع الصف الوطني» في قاعة الصداقة بالخرطوم، شدد فيه على أن قوة السودان تكمن في تماسك جبهته الداخلية، وقال ان اخطر ما يكون عليه هو الخلافات والانشقاقات الداخلية، وأضاف ان الحكومة تسعى لجمع ووحدة الصف الوطني. وقال البشير انه لأول مرة تكون هناك محاولة وجهد مشترك حقيقي لجمع وحدة الصف الوطني، معتبرا ان المبادرة «بشارة خير»، وتوقع ان تصل إلى نتائج ايجابية.

ونبه البشير الى اهمية الاستشعار بالخطر باعتبار ذلك عنصرا للعمل الجاد لتجنب الاخطار المحدقة بالبلاد، وأضاف ان القرار 1706 هو بداية النهاية للسودان ويضعه تحت الوصاية، مشيرا الى المؤامرات التي تستهدف وحدة السودان، وقال ان التآمر ضده لم يتوقف وانه متجدد ويتغير ولكن الاستراتيجية لم تتغير.

وكرر البشير التأكيد على ان الدولة حريصة على حل قضية دارفور، وأضاف «المطلوب منا جميعا هو جمع الصف وردم الهوة التي نجمت عن مشكلة دارفور» مشيرا الى الجهود التي بذلتها الدولة لتحقيق الاستقرار والسلام في البلاد.

من ناحية اخرى، عقد ممثل الأمين العام للأمم المتحدة يان برونك ظهر أمس لقاءً مغلقاً مع أبرز قادة المعارضة السودانية، وضم الاجتماع رئيس حزب الأمة الصادق المهدي، والسكرتير العام للحزب الشيوعي محمد ابراهيم نقد، والأمين العام للمؤتمر الشعبي الدكتور حسن عبد الله الترابي، واستغرق اللقاء زهاء الساعة ونصف الساعة بمقر بعثة الأمم المتحدة بحي غاردن سيتي في الخرطوم.

وطبقا لمصادر مطلعة فإن الاجتماع بحث تطورات الأوضاع في البلاد لا سيما أزمة دارفور ورؤية المنظمة الدولية لمعالجة الوضع المتأزم في الإقليم. وينتظر ان يجري لقاء آخر بين قادة المعارضة وبرونك، وحسب المصادر فإن نقد والمهدي والترابي أيدوا نشر قوات دولية في دارفور لحفظ الأمن في الإقليم وحملوا الحكومة مسؤولية تدهور الأوضاع في دارفور. ويعتبر اللقاء هو الثاني من نوعه الذي يجمع قادة المعارضة ببرونك، حيث عقد الاجتماع الأول قبل عدة أشهر بفندق الهيلتون في الخرطوم، علماً بأن الشهر الماضي شهد لقاءات ثنائية ضمت المهدي ونقد، ثم الترابي ونقد، كل على حدة. وقالت المصادر ان برونك طلب من الزعماء الثلاثة لعب دور ايجابي لتسريع حل ازمة دارفور واقناع رافضي اتفاق ابوجا بالانضمام الى الاتفاق، وتقديم مقترحات في هذا الشأن، وكشفت ان الزعماء انتقدوا مسلك الحكومة تجاه الازمة وطالبوا بحل قومي تشارك فيه كل القوى السياسية.

وقالت المصادر إن الرجال الثلاثة تحاشوا الكشف عن نتائج اللقاء لوسائل الاعلام بعد الضجة التي أعقبت لقاء مماثلا حول نشر القوات الأممية في دارفور تم في فندق الهيلتون في وقت سابق، وذكرت ذات المصادر ان الزعماء اتفقوا على عدم التصريح للصحف، كما ان قيادات بارزة في تلك الأحزاب لم تكن ملمة بتفاصيل الاجتماع.

واكتفت الناطق الرسمي باسم حزب الأمة الدكتورة مريم الصادق المهدي في تصريحات ان اللقاء يأتي كحلقة أولى ضمن سلسلة لقاءات تتعلق بالشأن السوداني وتبادل الآراء في اٍطار متابعة قيادات الأحزاب لمهمة الأمم المتحدة بالسودان، وأمسكت مريم عن الحديث حول تفاصيل الاجتماع. من ناحية اخرى، صادق مجلس الوزراء السوداني على حزمة من التوصيات بشأن الخطوة ابرزها تقييد حركة القوات الأجنبية داخل المدن ومنع ظاهرة حمل السلاح فضلا عن تشكيل مجلس اعلى لضبط الهجرة والوجود الأجنبي برئاسة نائب رئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه.

وذكر تقرير قدمه وزير الداخلية بروفيسور الزبير بشير طه لمجلس الوزراء أعداد الأجانب في السودان وصنف حالات وجودهم، ولكن تعذر على التقرير تقديم احصائية عن الوجود الأجنبي غير القانوني واكتفى بوصفه بالوجود الكبير جدا مؤكدا اهمية ابعادهم. وأبلغ الأمين العام لمجلس الوزراء عمر محمد صالح الصحافيين أن مجلس الوزراء اجاز تقريرا وتوصيات وزير الداخلية حول الوجود الأجنبي في السودان والهجرة العائدة والحدود مع الدول المجاورة، وكشف عمر عن تسع توصيات لضبط الوجود الأجنبي في السودان على خلفية احصائية تضمنها التقرير عن اعدادهم ممثلة في تقييد حركة القوات الأجنبية داخل المدن، ومنع مظاهر التسلح وضبط تأشيرة الدخول الى السودان وتحديد معسكرات لإيواء اللاجئين وضبط حركتهم، الى جانب الحد من تجنيس غير السودانيين وإبعاد الوجود الأجنبي غير القانوني، اضافة الى إكمال مشروع السجل المدني ومنح وثيقة المواطنة لكل سوداني خلال فترة زمنية قصيرة جدا، واستكمال ترسيم الحدود مع دول الجوار وتشكيل مجلس اعلى لقضايا الهجرة برئاسة نائب رئيس الجمهورية لضبط الهجرة والوجود الأجنبي.

وكان تقرير وزير الداخلية صنف حالات الوجود الأجنبي، واكد ان عدد اللاجئين الأجانب يقدر بحوالي (668462)، وبلغت العمالة الرسمية للأجانب (479731) في 850 شركة اجنبية مستثمرة في السودان. وأشار التقرير الى كثافة الوجود الأجنبي غير القانوني موضحا عدم وجود احصائية محددة للذين دخلوا البلاد بصفة غير قانونية. وحوى التقرير عدد السودانيين العاملين في الخارج والمقدر بحوالي (672938) شخصا، وعدد اللاجئين السودانيين بـ(731) الف فرد. وأكد التقرير وجود 16 الف لاجئ في الولايات المتحدة الأميركية. وبشأن حدود السودان مع الجوار أبان التقرير ان حدود السودان تمتد بحوالي 8443 كيلومترا مع 99 دولة، وأكد مواجهة الحدود لمشكلة افتقارها الى معالم ثابتة بحسبان ان تحديدها في زمن الاستعمار كان بصورة عشوائية وأن الحدود تواجه اشكاليات اعادة الترسيم.