سيلاجيتش: أديب «اضطر» لولوج السياسة

TT

يفتخر حارث سيلاجيتش الذي يتجه للفوز بالمقعد المسلم في المجلس الرئاسي الثلاثي بالبوسنة، بأنه ترعرع في رحاب مسجد «الغازي خسروف بك»، وهو أكبر وأقدم مسجد في البلقان. فقد بدأ منذ طفولته في تعلم اللغة العربية وأصول الدين على يد والده كامل «أفندي»، وهذه الكلمة تعني لدى البوسنيين الاحترام والوقار.

كان والده، كما يقول هو، يدربه على تعلم العربية بوسائل كثيرة بينها الاستماع إلى الإذاعات العربية ليصقل لغته العربية، وينمِّي ثقافته ويطلعه على أحوال العالم العربي الذي كان والده شديد الشغف به. التحق حارث بجامعة بنغازي «كطالب منتظم» مثله مثل بقية الطلبة العرب الآخرين. وكانت تلك بداية حقيقية لتعرف سيلاجيتش الشاب على العالم الاسلامي وقلبه النابض، الوطن العربي. ومما لا يعرفه كثيرون عن حارث سيلاجيتش معرفته بعدد من اللهجات العربية، ومن ذكائه وسرعة بديهته أنه يحدد موطن محدثه العربي من بداية الحوار معه. ونفى الدكتور سيلاجيتش في رده على سؤال سابق لـ«الشرق الأوسط» أنه كان يفكر في أن يكون سياسياً، بل كان يحلم بأن يكون مفكراً مسلماً يعتني بشؤون الثقافة والتاريخ، لكن الظروف الاستثنائية التي مرَّت بها بلاده البوسنة والهرسك لم تجعله مكتوف اليدين ودفعته للمساهمة في تأسيس حزب سياسي يدافع عن حقوق المسلمين في يوغوسلافيا السابقة، وذلك من خلال العمل على تحرير المسلمين والدعوة لإرساء علاقات متكافئة ومساواة تامة بين البوسنيين المسلمين وبقية الشعوب التي تشاركهم الأحياء والمدن والأرض ومن ثمَّ دولة البوسنة والهرسك بعد نيلها الاستقلال، حيث يمثل المسلمون الأغلبية.

وعن مغزى موافقته تقلد منصب أول وزير خارجية للبوسنة والهرسك بعد استقلالها يذكر سيلاجيتش أنه وافق ذلك المنصب عشية استقلال البوسنة رغبة منه في توطيد علاقات البوسنة مع الدول العربية والإسلامية ومع محيطها الدولي بشكل يفتح آفاق انخراطها كدولة وشعب أوروبي ذي هوية إسلامية. ويقول إنه حاول استغلال هذه الميزات الفريدة لصالح ربط البوسنة روحياً مع الشرق، مؤكداً انتفاء التناقض بين شرقية الروح وغربية الملامح.

كما يؤكد سيلاجيتش أن الإسلام دين عالمي جاء للبشر أجمعين، وهو ليس ديناً دخيلاً على أوروبا، بل هو دين أوروبي أيضاً، وليس من الناحية الروحية أو الفكرية فحسب، بل الجغرافية أيضاً. وحول ما اذا كانت دراسته في الولايات المتحدة لنيل درجة الدكتوراه أسهمت في تكوين صداقات داخلها لصالح بلاده، قال سيلاجيتش: «بعد انتهاء دراستي الجامعية استأنفت على الفور دراسة الماجستير في جامعة بنغازي، وكان لديَّ طموح شديد لدراسة الدكتوراه في الولايات المتحدة، وكان موضوع أطروحتي للدكتوراه «علاقات دول البلقان مع الولايات المتحدة». ويؤكد انه كسب صداقات عديدة ساهمت في خدمة القضية البوسنية.

وعن اهتماماته الأدبية يقول سيلاجيتش: «رغم انشغالي بالسياسة، فانني لا أعتبر السياسة مهنتي، بل هي قدر وضرورة وطنية وأفضل أن أكون مثقفاً وأديباً وكاتباً من أن أكون مجرد سياسي». ويذكر سيلاجيتش أن له 3 مسرحيات والكثير من القصائد والروايات لم ينشر غالبيتها حتى الآن، حيث ان كل ما يعرفه البعض هو مسرحيته الشهيرة المعروفة «حمدي بك «التي جرى عرضها أخيراً في عدد من العواصم الأوروبية.