هدوء مشوب بالحذر يسود غزة واعتداء على سيارة نائب رئيس الوزراء في نابلس

الإضراب العام يعم مدن الضفة الغربية احتجاجا على أحداث القطاع

TT

ما كادت الأوضاع تهدأ في قطاع غزة بعد يوم دام أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 8 فلسطينيين وجرح أكثر من 100، حتى تعرضت للاعتداء سيارة نائب رئيس الوزراء وزير التعليم العالي الدكتور ناصر الدين الشاعر الذي أطلقت إسرائيل سراحه في الاسبوع الماضي. ووقع حادث الاعتداء الذي نفذته عناصر من كتائب شهداء الاقصى الجناح العسكري لحركة فتح على موكب الشاعر قرب مركز إسعاد الطفولة التابع لبلدية نابلس شمال غربي الضفة الغربية.

وأسفر الاعتداء عن جرح 3 اشخاص على الاقل احدهم من حراس الشاعر وهو ثامر دروزة، 26 عاما، بجروح خطيرة، والثاني من حركة حماس والثالث من كتائب الاقصى. واتهمت حماس من اسمتهم بـ«التيار الانقلابي في حركة فتح بالوقوف وراء هذا الاعتداء». وقالت إن هذا «التيار يواصل التحريض واستغلال دماء الضحايا الذين سقطوا يوم الأحد، ويصعِّد لمنع استعادة الهدوء في الشارع الفلسطيني».

وعم مدن الضفة الغربية امس الاضراب الشامل الذي دعت اليه كتائب الاقصى احتجاجا على الاشتباكات في قطاع غزة. واغلقت المحال التجارية ومكاتب الخدمات ابوابها منذ الصباح في مختلف المدن الفلسطينية.

ويأتي الاضراب الشامل في مختلف انحاء الضفة الغربية في ظل مواصلة الموظفين في القطاع العام اضرابهم عن العمل احتجاجا على عدم صرف رواتبهم بالكامل منذ نحو ستة أشهر.

وقالت مصادر نقابية فلسطينية لوكالة فرانس برس ان موظفي القطاع العام ينوون تصعيد احتجاجاتهم النقابية خلال اليومين المقبلين من خلال تفعيل الاضراب في اوساط العاملين في هيئة الطاقة والمحروقات.

ودعا رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية الفلسطينيين إلى التحلي بـأعلى درجات الهدوء، لا سيما في ظل التصعيد الخطير الذي تشهده محافظات غزة، داعياً إلى وقف التحريض، والتمسك بالوحدة الوطنية وخيار الشعب الديمقراطي. وقال في مؤتمر صحافي عقده في غزة الليلة قبل الماضية «إن قرار وزير الداخلية بنشر القوة التنفيذية في شوارع غزة كان مستلزماً وضرورياً لإعادة الهدوء والاستقرار». واعتبر ان مشاركة بعض منتسبي الأجهزة الأمنية في الإضرابات والاحتجاجات زاد الأمر تعقيداً، لا سيما أن إضرابات الموظفين الحكوميين تجاوزت حدودها المسموح بها، قائلاً «لقد صبرنا على الحصار الظالم وبعض الاتهامات المغرضة». وأضاف «إنّ احتجاجات الأجهزة الأمنية شكلت مخالفة صريحة لأوامر الرئيس (محمود) عباس (ابو مازن) وأوامر وزير الداخلية عند مشاركتهم في الإضراب». وكان اتصال هاتفي قد جرى عصر أول من امس، بين ابو مازن الذي كان في عمان قادما من جولة خليجية، وإسماعيل هنية، في غزة، بحثا فيه التطوّرات الأخيرة خصوصاً ما اسماه مكتب رئيس الوزراء بـ«الأحداث المؤسفة التي وقعت في قطاع غزة ورام الله (حرق مقر الحكومة ووزارة التربية والتعليم). وأكد هنية خلال الاتصال «حرص الحكومة على استتباب الأمن ومنع مظاهر الشغب والفوضى» حسب ما جاء في بيان صادر عن مكتب رئاسة الحكومة. كما اكد «على ضرورة العمل المشترك بين الحكومة والرئاسة، بهدف إعادة الأمور إلى نصابها، وإلغاء كل مظاهر التوتر والاحتقان، والتزام القانون والنظام». وعم الهدوء النسبي المشوب بالحذر قطاع غزة بعدم استجاب وزير الداخلية والأمن الوطني سعيد صيام، لقرار ابو مازن سحب أفراد القوة التنفيذية التابعة له من شوارع قطاع غزة وإعادة تموضعها إلى أماكنها السابقة، وكذلك بعد الخطاب المتلفز لابو مازن من عمان الليلة قبل الماضية، دعا فيه منتسبي الأجهزة الأمنية للعودة إلى مواقع عملهم «فوراً»، وأفراد «القوة التنفيذية» التابعة لوزارة الداخلية إلى الانسحاب من الشوارع. وفي لوم واضح لتصرف القوة التنفيذية لوزارة الداخلية واستخدامها السلاح في محاولة لتفريق المحتجين، قال ابو مازن إنه لا يحق لاحد مواجهة الاحتجاج بالرصاص، لكن في الوقت نفسه لام المحتجين بقوله ان «الاحتجاج يجب ألا يعني أيضاً التخريب والتدمير»، في اشارة الى حرق مقر الحكومة ووزارة التعليم ومكاتب نواب حركة حماس في الضفة الغربية. واعتبر ابو مازن أنّ ما جرى تجاوز كل «الخطوط الحمراء والمحرمات والكبائر»، متعهداً بملاحقة المتسببين فيها قولاً أو فعلاً، أشخاصاً أو مؤسسات «مهما علا شأنهم»، كما قال، مشيراً إلى أنه أمر بفتح تحقيق في الأحداث. من جهته قال خالد أبو هلال، الناطق باسم وزارة الداخلية، «إن الوزير قرر الاستجابة لقرار الرئيس محمود عباس وإعادة تموضع القوة التنفيذية إلى ما كانت عليه سابقاً»، مضيفاً أنّ «الرئيس عباس بصفته القائد الأعلى لقوات الأمن أصدر قراراً بسحب كل قوات الأمن من الشارع الفلسطيني ووزير الداخلية استجاب له»، معتبراً أنّ قرار الوزارة «يضع الجميع أمام مسؤولياتهم». وكان قطاع غزة قد شهد اول من امس اعنف اشتباكات مسلحة بين القوة التنفيذية التابعة لوزارة الداخلية أي حركة حماس وبين عدد من الاجهزة الامنية في مقدمتهم حرس الرئاسة الخاصة اسفر عن مقتل 9 اشخاص (3 منهم من امن الرئاسة وقوات الـ 17 والامن الوقائي) حسب احصائيات حركة حماس وجرح حوالي 130 شخصا. وبدت الاشتباكات يوم الخميس الماضي، بأعمال احتجاجية قام بها بعض منتسبي الاجهزة الامنية احتجاجا على عدم تسلمهم رواتبهم. وقام المحتجون باغلاق الطرق والشوارع. وعندما تدخلت القوة التنفيذية في محاولة لفتح الشوارع وازالة المتاريس، وقعت اشتباكات مسلحة اسفرت عن جرح عدد من الاشخاص. واستؤنفت الاحتجاجات التي تصفها حماس بالتمرد يومي السبت والأحد، وتخللتها عمليات قطع للطرقات الرئيسة ونصب للمتاريس العشوائية وإحراق إطارات السيارات بكثافة، والاعتداء على الممتلكات العامة وتخريب محولات الكهرباء واقتحام البنوك، فضلاً عن إطلاق النار أحياناً. وتطور تدخل القوة التنفيذية الى اشتباكات مسلحة متفرقة تطورت الى اشتباكات واسعة شملت معظم انحاء القطاع، عند مقتل احد اعضاء حرس الرئاسة.