سولانا يلوح بالذهاب إلى مجلس الأمن بعدما رفضت إيران وقف التخصيب

لندن تؤكد أن العقوبات لن تستهدف اقتصاد طهران

TT

بينما حذر المنسق الاعلى للسياسة الخارجية والدفاعية للاتحاد الاوروبي خافيير سولانا ايران أمس انه لا يمكن مواصلة التشاور حول امكانية العودة الى طاولة المفاوضات الى ما لا نهاية، اعلن الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد ان العقوبات لن تؤثر على مواصلة البرنامج النووي. وعلى خلفية تصريحات ايرانية واوروبية حول فشل التوصل الى اتفاق بين الطرفين حول الازمة النووية، استمرت الاتصالات أمس بين الدول الخمس الدائمة العضوية والمانيا من اجل التوصل الى صيغة نهائية لفرض عقوبات على ايران، في مرحلة وصفها مسؤول بريطاني انها «لعبة دبلوماسية مكثفة». وعلى رغم التكتم حول شكل هذه العقوبات، الا انه اكد انها لن تستهدف الاقتصاد الايراني. وفي بروكسل، ابلغ سولانا البرلمان الاوروبي نتائج لقاءاته مع كبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي علي لاريحاني أمس، مؤكداً ان طهران لم توافق على تعليق تخصيب اليورانيوم على رغم محادثات استمرت اربعة أشهر. وعن لقاءاته المتكررة مع لاريجاني، قال سولانا: «توصلنا الى موقف مشترك حول بعض النقاط لكننا لم نتفق حول القضية الرئيسية، اي تعليق الانشطة (النووية) قبل بدء المفاوضات». واوضح ان القوى الست الكبرى المعنية بالتفاوض مع ايران «سلكت طريقين: الحوار او احالة الملف على مجلس الامن» الدولي. وتابع سولانا «لا يمكن ان يستمر الحوار الى ما لا نهاية، على الايرانيين الان ان يقرروا اذا انتهى الوقت، اذا كان الامر على هذا النحو فعلينا ان نبدأ بسلوك الطريق الثاني القاضي بـ(احالة الملف) على الدول الخمس (الدائمة العضوية) في مجلس الامن».

ومن جهته، اكد الرئيس الايراني ان بلاده تريد اجراء مزيد من المحادثات لمعالجة مخاوف الغرب بخصوص برنامجها النووي ولكنها لن تتخلى عن مساعيها لانتاج الوقود النووي. وقال أحمدي نجاد في اجتماع حاشد في بلدة غرب طهران أذاعه التلفزيون على الهواء مباشرة: «نحن مستعدون لاجراء محادثات لتبديد المخاوف، نريد أن تستمر المحادثات ولكن اذا اعتقد أحد أن من الممكن استخدام المحادثات للضغط علينا فهو مخطئ». وأضاف: «انهم مخطئون اذا اعتقدوا أن الامة الايرانية في مسعاها للحصول على التكنولوجيا النووية سيوفقها ولو لدقيقة واحدة رفضهم والحاحهم». وتأكيداً على التمسك بتوليد الطاقة النووية، اعلن الرئيس الايراني يوم 9 ابريل (نسيان) «يوما وطنيا للتكنولوجيا النووية». وهذا هو تاريخ تمكن طهران من تخصيب اليورانيوم بنسبة 3.5 في المائة في ابريل الماضي.

وفي لندن، قال مسؤول في الخارجية البريطانية لـ«الشرق الأوسط» امس ان الاتصالات بين الدول الست مستمرة هاتفياً من اجل التفاوض حول اجراءات رادعة تدفع ايران الى وقف تخصيب اليورانيوم. وشدد المسؤول على ان نوعية العقوبات المحتملة ضد ايران «ليست اقتصادية»، محذراً من «تقارير اعلامية خاطئة تتحدث عن عقوبات اقتصادية». وأضاف المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه: «سنطرح عقوبات محددة تستهدف النظام الايراني مثل تقليص فرص النظام الايراني للحصول على تكنولوجيا تطوير الصواريخ». وتابع: «لا نريد استهداف الاقتصاد الايراني أو الشعب، فآخر ما نريده هو ايذاء الشعب الايراني»، موضحاً: «هذه النقطة هي التي ستحدد نوع الاجراءات التي سنتخذها». واكد المسؤول البريطاني ان عملية فرض العقوبات تهدف الى «الضغط المتواصل على النظام الايراني وتصعيده تدريجياً، ولكن من الممكن العودة عن هذه العملية في أي وقت يوافق فيه الايرانيون على التفاوض». وفي اشارة الى تقرير وكالة «رويترز» بأن وزراء خارجية الدول الست سيجتمعون في لندن غداً، قال المسؤول البريطاني: «لم تتخذ اية قرارات نهائية بعد حول موعد او مكان الاجتماع». وهذا ما كررته ناطقة باسم الخارجية الالمانية لـ«الشرق الأوسط»، قائلة ان المكان لم يحدد بعد رداً على التقارير الصحافية التي اشارت الى عقد الاجتماع في برلين.

وناشدت الترويكا الاوروبية (فرنسا وبريطانيا والمانيا) ايران أمس للموافقة على التفاوض في شأن ملفها النووي، محذرة من عقوبات محتملة ضدها. وقالت فرنسا ان العقوبات التي يمكن فرضها على ايران في حال استمرت في رفض تعليق تخصيب اليورانيوم يجب ان تكون ذات طابع «تدريجي ومتناسب وقابل للمراجعة». وقال الناطق باسم الخارجية الفرنسية جان باتيست ماتيي «اذا لم تمتثل ايران للشروط الناجمة عن القرار رقم 1696 لمجلس الامن الدولي التي طلبت منها تعليق تخصيب اليورانيوم قبل 31 اغسطس (آب) الماضي فان «الدول الست (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا والمانيا) ستستخلص النتائج» المترتبة على رفض مماثل. ومن جهتها، أعربت مصادر فرنسية رسمية عن «أسفها» لعدم استجابة إيران لمقترح فرنسي عرض عليها ويقوم على وقف نشاطاتها النووية الحساسة إبان المفاوضات مع الترويكا الأوروبية. وقالت هذه المصادر لـ«الشرق الأوسط» إنه «من المؤسف» أن طهران «لم تقم على الأقل بمحاولة الاستفادة من هذه الفرصة وتحاشي دخول الملف النووي الإيراني حلقة من التصعيد سيكون أول مظاهرها البحث عن فرض عقوبات على إيران».

وقالت مصادر فرنسية لـ«الشرق الأوسط» انه يجب أن تتركز العقوبات على المجالين النووي والصاروخي الإيراني، ما يعني في المرحلة الأولى حرمان المسؤولين الإيرانيين والعلماء الذين على علاقة بالنشاطات النووية أو ببرامج الصواريخ من السفر الى الخارج. فضلاً عن ذلك، يتعين أن يفرض حظر على تصدير المواد والمعدات التي يمكن أن تستخدم في هذين المجالين.

وترى باريس أن «الصعوبة» هي في «إقناع» روسيا والصين لقبول العقوبات والسير بها في مجلس الأمن. وتتخوف المصادر الفرنسية من «المماطلة» الروسية والصينية بالقول إنه «لم يحن وقت العقوبات» وإن الحل في التفاوض مع الجانب الإيراني. وقالت هذه المصادر: «حتى الآن، لا نعرف ما سيكون عليه» موقف هذين البلدين. ورأت مديرة البحوث في «المعهد الملكي للشؤون الدولية» وخبيرة شؤون الشرق الاوسط روزماري هوليس ان «الاوروبيين والاميركيين يشعرون بأنه من الواجب عليهم فرض العقوبات من اجل البرهنة لايران ان هناك حدا نهائيا للمفاوضات التي لا تجلب اتفاقا، وليس بالضرورة لأنهم مقتنعون بأن العقوبات ستدفع طهران للتخلي» عن البرنامج النووي. وأضافت في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «ان العقوبات غير الرسمية هي التي تقلق الايرانيين اكثر، فعلى سبيل المثال قوانين مكافحة الارهاب التي تمنع التحويلات المالية بالاضافة الى تردد شركات دولية من اجراء تحويلات مالية مع ايران بسبب مخاوف من عقوبات محتملة تخلق جواً متوتراً يضر بها اكثر». وعلى صعيد ذي صلة، تراجعت ايران أمس عن اقتراح قدمته الى فرنسا حول انشاء شركة دولية لانتاج اليورانيوم المخصب في الاراضي الايرانية، مؤكدة انه لم يتم اتخاذ اي قرار حتى الآن. واعلن الناطق باسم وزارة الخارجية الايرانية محمد علي الحسيني في بيان: «لم يتم اتخاذ اي قرار حتى الان حول طريقة انشاء الكونسورتيوم والاطراف المدعوة للمشاركة فيه». وكان مساعد مدير الوكالة الايرانية للطاقة الذرية محمد سعيدي اعلن اول من امس ان «الحل الافضل لتبديد الشكوك بشأن النشاطات النووية الايرانية لا يتمثل في تعليق هذه النشاطات» بل في انشاء «كونسورتيوم مع (شركتي) اوروديف واريفا (الفرنسيتين) لتخصيب اليورانيوم في ايران». وكانت باريس استبعدت القبول بهذا الاقتراح في هذه المرحلة ما دامت طهران لم تعلق تخصيب اليورانيوم.

على صعيد اخر اعلن المسؤول الايراني عن قطاع السياحة اسفنديار رحيم مشائي أمس انه سيسمح للسياح الاجانب بزيارة المنشآت النووية الايرانية، بينما تواجه طهران تهديدات بعقوبات دولية بسبب نشاطاتها الحساسة في هذا المجال.

وقال رئيس منظمة السياحة والتراث الثقافي: «بناء على أوامر الرئيس يمكن للسائحين أن يزوروا كل المواقع النووية في ايران»، مضيفاً ان الجهات الايرانية مازالت تدرس كيفية تنظيم الزيارات الى المنشآت. ونقلت وكالة الانباء الايرانية الرسمية عن مشائي الذي يشغل ايضاً منصب نائب الرئيس قوله ان «هذه الموافقة صدرت لان النشاط النووي الايراني سلمي».