رايس تجتمع مع مقربين من البرغوثي وترتب للقاء بين عباس وأولمرت

تساؤلات طرحت في اجتماع القاهرة حول التزام بوش بتحقيق السلام قبل نهاية مدته

TT

قال مصدر سياسي اسرائيلي كبير ان كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الاميركية التي بدأت امس زيارة الى اسرائيل والاراضي الفلسطينية تهدف الى ترتيب اللقاء الاول بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت من اجل تحريك عجلة الحوار بين الفلسطينيين والاسرائيليين. والتقت رايس بعد وصولها من القاهرة شخصيتين مقربتين من مروان البرغوثي الذي تعتقله اسرائيل.

وكشف المصدر ان عباس (أبو مازن)، هو الذي يرفض لقاء أولمرت، وليس العكس. وأن سبب رفضه يعود الى طلبه بأن يتم التحضير بشكل جيد للقاء فيما الاسرائيليون يريدون لقاء غير مشروط، يكون الأول ضمن سلسلة لقاءات بين الرئيسين يتم خلالها التقدم على المسار التفاوضي ببطء، خطوة خطوة، من دون سقف عال للتوقعات ومن دون أن تكون نتائج فورية لكل لقاء.

وحسب المصدر فان رايس تتفق مع الجانب الاسرائيلي على أن تعقد سلسلة لقاءات قمة من دون تحضير مسبق بهدف اجراء حوار مفتوح بينهما وخلق آلية عمل وتعاون ليس فقط في الأطر الرسمية والتقدم الحذر الى الأمام في كل شيء، خصوصا في ظل وجود «حماس» في السلطة. وهي ترى ان أي تقدم في العلاقات بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية يجب ان يأخذ في الاعتبار أن لا يكون فيه أي مكسب لحركة «حماس». ولكنها تريد من اللقاء الأول بين أبو مازن وأولمرت، أن يخرج بنتائج ملموسة وواضحة ومتفق عليها مسبقا، وهي بالأساس التخفيف من معاناة الفلسطينيين وفك الحصار الاقتصادي المفروض عليهم منذ ست سنوات والذي تم تشديده بشكل قاس منذ تسلم «حماس» الحكومة. ويردون على ذلك في اسرائيل بالقول ان اللقاء في ظروف التدهور الداخلي في السلطة الفلسطينية لن يحقق المرجو منه.

وكانت رايس قد وصلت الى اسرائيل بعد ظهر أمس، قادمة من القاهرة، وعقدت بمبادرتها اجتماعا مع كل من النائب قدورة فارس، عضو المجلس التشريعي السابق عن منطقة القدس، وحسين الشيخ، قائد حركة «فتح» في الضفة الغربية وهما شخصيتان فلسطينيتان معروفتان بقربهما الشديد من مروان البرغوثي، عضو المجلس التشريعي الفلسطيني وقائد «فتح» في الضفة الغربية الأسير في اسرائيل. واعتبر مجرد اللقاء حدثا يشير الى أن الادارة الأميركية تعير اهتماما لشخصية البرغوثي ومعنية بمعرفة مواقفه وفي الوقت نفسه ترسم للمستقبل الفلسطيني ما بعد عهد أبو مازن.

وتوجهت رايس الى رام الله بعد ذلك، للقاء أبو مازن حسب برنامج زيارتها بينما كان من المقرر ان تلتقي في ساعة متأخرة من الليل أولمرت. وفي صباح اليوم سوف تتناول طعام الافطار برفقة وزيرة الخارجية الاسرائيلية، تسيبي ليفني، ثم تلتقي وزير الدفاع الاسرائيلي، عمير بيرتس. وحتى اللحظة ما زال غير مؤكد موضوع سفرها الى بيروت. وفي مؤتمر صحافي مشترك مع رايس اكد محمود عباس انه سيكون على أي حكومة فلسطينية مقبلة احترام الاتفاقات الاسرائيلية الفلسطينية المبرمة. وقال «اكدنا ان برنامج أي حكومة فلسطينية يجب ان يستند الى الشرعية الفلسطينية والعربية والدولية، وأي حكومة يجب ان تكون ملتزمة تماما بالاتفاقات الموقعة في الماضي من السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية».

واكد ان الحوار مع حركة حماس، المقطوع في الوقت الراهن، لتشكيل حكومة وحدة وطنية، «يجب الا يستمر الى ما لا نهاية». وقال انه اذا لم يتم التوصل الى اتفاق «ستتخذ القيادة الفلسطينية التدابير اللازمة لإخراجنا من هذه الأزمة».

وردا على سؤال عن احتمال اجراء انتخابات مبكرة أكد ان «كل الاحتمالات مطروحة باستثناء الحرب الاهلية التي يجب ان نتجنبها بكل الوسائل».

من جانبها قالت رايس إن الولايات المتحدة ستضاعف جهودها لتحسين أوضاع الفلسطينيين في الاراضي الفلسطينية.

وكانت مصادر مقربة من اولمرت قد أنزلت سقف التوقعات من زيارة رايس هذه، بل نقل على لسان أحد مساعديه القول ان الهدف الأساسي من زيارة رايس هو اللقاء في القاهرة مع وزراء الخارجية العرب. ولم تكن تنوي الوصول الى اسرائيل والسلطة الفلسطينية. لكن ادارة البيت الأبيض طلبت منها القيام بالزيارة لأن وصولها الى المنطقة من دون زيارة كهذه سيفسر على انه اهمال للقضية الفلسطينية. وقال الاسرائيليون انهم سيبلغون رايس بأن الفوضى العارمة في قطاع غزة والضفة الغربية والاقتتال الدامي بين التنظيمات المسلحة على اختلاف انتماءاتها الداخلية والخارجية وفقدان أبو مازن السيطرة على الأوضاع، كلها أسباب لا تتيح أي تقدم مع السلطة الفلسطينية وتجعل كل امتياز «تعطيه» اسرائيل لها بلا قيمة. وكانت رايس قد اجتمعت في ختام زيارتها الى مصر صباح امس مع الرئيس حسني مبارك، لبحث إحياء عملية السلام، والجهود التي تبذلها مصر والتحرك الاميركي لتحقيق هذا الهدف، وتحقيق الأمن والاستقرار في العراق ولبنان ومشكلة دارفور واستعراض تطورات الملف النووي الإيراني، كما تطرقت المباحثات إلى العلاقات الثنائية بين مصر والولايات المتحدة.

وكانت رايس قالت فى تصريحات صحافية مساء أول من أمس في القاهرة عقب اجتماع مشترك شاركت فيه دول مجلس التعاون الخليجي الست + مصر والاردن مع رايس أن الاجتماع بحث أفكارا لدعم الحكومة اللبنانية برئاسة فؤاد السنيورة وتقويتها حتى يتضاءل دور حزب الله، وكذلك لدعم محمود عباس (ابو مازن) رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، كما «عبرنا عن القلق الكبير لأعمال العنف بين الفلسطينيين»، وأكدت رايس أن الفلسطينيين بحاجة إلى حكومة تلبي مطالب الشعب الفلسطيني وتعبر عن رغباته بما يتوافق مع الاتفاق العام بالمنطقة على حل الدولتين. واعتبرت رايس ان على حركة حماس ان تعلن التزامها بخطة خارطة الطريق ومقررات اللجنة الرباعية الدولية. ونقلت واشنطن بوست عن مسؤولين عرب كبار ان جهود واشنطن لاقامة كتلة من الدول العربية المعتدلة اصطدمت بحائط صلب من الوزراء العرب الذين قالوا ان بلادهم لا تريد ان تستخدم ضد حكومات عربية اخرى، واكدوا ان حل المشكلة يكمن في قيادة اميركية قوية لحل النزاع العربي الاسرائيلي. كما واجهت رايس ضغطا من الدول الثماني من اجل تنفيذ رؤية الرئيس جورج بوش في حل الدولتين الفلسطينية والاسرائيلية بينما كانت هناك تساؤلات عما اذا كانت الادارة الاميركية لديها الطاقة للالتزام بحل قبل ان يترك بوش الرئاسة بعد نهاية فترته الثانية.

وفي مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرها احمد ابو الغيط في القاهرة حذرت رايس من احتمالات تفاقم الوضع الإنساني في دارفور مشيرة الى انه تم الاتفاق على العمل معا من اجل التوصل إلى حل يسهم في المضي قدما نحو تنفيذ قرار مجلس الامن الدولي بنشر قوات دولية في دارفور مؤكدة ان ذلك لا يمثل تحديا لسيادة السودان وانما مسعى لتلبية احتياجات انسانية عاجلة.

وحول ما أعلنته مصر بشأن رغبتها في انشاء محطات نووية لتوليد الطاقة الكهربية قالت رايس ان مصر ما زالت تناقش موضوعها النووي، مشيرة الى ما أعلنه الرئيس الاميركي من ان واشنطن ستدعم الدول الراغبة في الاستخدام السلمي للطاقة النووية للحصول على حاجتها من الوقود النووي من الخارج دون السماح لها بتخصيبه في الداخل.

وحول الاصلاح الديمقراطي في مصر قالت رايس ان واشنطن مهتمة بالاصلاح الديمقراطي في مصر مؤكدة ان الولايات المتحدة ستواصل التحدث مع مصر حول اهمية ان تقود القاهرة الاصلاح الديمقراطي بالمنطقة، لكنها قالت ان بلادها شعرت بخيبة أمل لما جرى في الانتخابات البرلمانية المصرية، وان كانت ترى ان اختيار الرئيس المصري بطريق الانتخاب هو خطوة الى الأمام.

وسئلت رايس عن موقف واشنطن من احتمال ان يصبح جمال مبارك الرئيس القادم للبلاد فقالت انه قطعا أمر يخص شعب مصر ورئيس مصر. وقاطعها ابو الغيط قائلا قطعا.

بينما علق ابو الغيط على السؤال ذاته متعهدا بأن عام 2007 سوف يشهد اصلاحات دستورية كثيرة مؤكدا ان بلاده تتقدم نحو الاصلاح السياسي بخطى ثابتة.