نائب رئيس الحزب الحاكم في السودان لـ«الشرق الأوسط»: السودان في حالة حرب مع أي دولة تشارك في القوات الدولية

TT

جدد البروفسور ابراهيم احمد عمر نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان رفض بلاده دخول القوات الدولية إلى اقليم دارفور، معتبرا أن السودان سيكون في حالة حرب مع أي دولة تشارك في هذه القوات.

وأعلن عمر في حوار مع «الشرق الأوسط» عن اتخاذ تدابير امنية واقتصادية وسياسية لمواجهة الموقف مع العمل على توحيد الجبهة الداخلية، وقال «اذا دخلت قوات غازية السودان ورحبت الحركة الشعبية الشريك في الحكم بها، فلن تكون هناك حكومة وحدة وطنية، ولن تبقى اتفاقيات نيفاشا». وأضاف: «ان الاغلبية ضد التدخل الدولي باستثناء الحركة الشعبية والمؤتمر الشعبي والحزب الشيوعي وجزء من حزب الامة القومي، ولدى بعض هذه الأحزاب اجندة لإسقاط الحكومة». وقال: «ان اتفاق الترتيبات الامنية في شرق السودان يفضي للاستقرار ويمهد الطريق لإنجاح مفاوضات الثروة والسلطة».

وكشف عن ان محادثاته مع رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي المعارض محمد عثمان الميرغني في القاهرة، كان هدفها الوصول الى رؤية مشتركة تجاه التدخل الاجنبي وليس لشراكة سياسية بين الحزبين. وتحدث عن التحرك في الساحة السياسية الداخلية، وعلى مستوى الجامعة العربية والاتحاد الافريقي والدور الذي تقوم به مصر تجاه الازمة.

وفيما يلي نص الحوار:

> ما هو الموقف من التطورات الاخيرة تجاه القرار رقم 1706 بدخول القوات الدولية اقليم دارفور بغرب السودان؟

ـ أولا، القرار 1706 قوبل برفض كبير ومبدئي من قبل الحكومة وبرفض كبير من قبل الشعب، صحيح هنالك من رحب بدخول قوات اجنبية، ولكن من الواضح ان هذا الامر يتم بسبب ضغوط خارجية او مرارات حزبية سياسية، ولكن من الملاحظ ان شريحة هامة من المعارضة ترفضه، ولم يكن فقط البشير او الميرغني، وإنما هنالك خليل ابراهيم وحاج مضوي، وقطعا لم يبق من يساند هذا الأمر الا اقلية في الحكومة وأقلية من الشعب.

> ما هو المقصود..؟

ـ في الحكومة، الحركة الشعبية تمثل 28%، وفي الشعب، حزبا المؤتمر الشعبي والشيوعي وجزء من حزب الامة القومي. وأيضا اشير الى ان الموقف من هذا القرار، تحول من عدم اهتمام او قبول عند بعض الدول الافريقية الى مواقف مؤيدة للسودان في رفضه، أي رفض القرار الأممي 1706 بعد ان شرح لهم الرئيس عمر البشير في لقاءات هافانا ونيويورك تفاصيل هذا القرار. فقد كان عدد كبير من الرؤساء يظن ان القرار الاممي هو مجرد مساعدة للسودان وحماية للمواطنين ولكنهم فوجئوا بأن القرار فيه تغول كبير على سيادة السودان لأنه يعطي هذه القوات الحق في السيطرة الكاملة على دارفور، وهنالك تدريب للشرطة وتأهيل للقضاء وحراسة في الحدود، وهنالك تدخل عسكري ليس فقط للدفاع عن النفس وإنما لترتيب الامور أمنيا حسبما يرونه، وبالتالي اصبح القبول بهذا القرار عند القادة الافارقة ضعيفا. اضف الى ذلك ان الطريقة التي تبنت بها الولايات المتحدة وبريطانيا تقديم هذا القرار لمجلس الامن، والتهديدات التي اطلقت ضد السودان وحكومته، الى جانب ما قامت به الجمعيات الاميركية والبريطانية والتي اتضح انها قيادات صهيونية، كل هذه العوامل عندما تكشفت للناس اكدت صحة مخاوف الحكومة السودانية ومالت بالميزان لصالح موقف الحكومة المعارض لدخول القوات الاجنبية.

> ألا تعتقد ان التصعيد الاميركي سيفضي الى تطبيق القرار الأممي 1706؟

ـ الواضح الآن ان هذا القرار لن يجد طريقه للتنفيذ لأن الدول التي دعتها وزيرة خارجية الولايات المتحدة لتقف معها فيما يتعلق بتشكيل القوات الدولية رفضت كلها الالتزام بأي قوات.

> وما هو موقف السودان من الدول التي تشارك في القوات الدولية؟

ـ السودان اعلن ان أي دولة ترسل بقوات للسودان تعتبر في حالة حرب مع السودان.

> هل التحركات الاخيرة في عواصم اوروبية وافريقية وعربية تفتح الباب لخيار آخر؟

ـ المؤشرات الأخيرة في الامم المتحدة تعكس البحث عن طريق آخر غير هذا القرار.

> هل يقبل السودان بقرار آخر؟

ـ موقف السودان واضح، والطريق الآخر هو ان تظل قوات الاتحاد الافريقي مسؤولة عن دارفور، ولا بأس ان تقوم الامم المتحدة بإعانة هذه القوات ماليا وفنيا وبخبرات اخرى. هذا هو الطريق.

> هل سيتم تمديد فترة اخرى لقوات الاتحاد الافريقي؟

ـ الحكومة تسعى لان يكون الوضع في دارفور طبيعيا ولذلك هي تقبل ان تستمر هذه القوات حتى يتم التطبيع المطلوب.

> هل قلت بانهيار اتفاقيات سلام نيفاشا اذا قبلت الحركة الشعبية دخول قوات اجنبية لدارفور؟

ـ قلت اذا كان كلام الحركة الشعبية بقبول قوات دولية في اطار نظري وسياسي، بمعنى في اجواء او في وقت لم تدخل فيه قوات معتدية للسودان فهذا لن يؤثر على الشراكة ولا على اتفاقية نيفاشا، ولكن في حالة دخول قوات معتدية، ويكون الرئيس البشير مع القوت المسلحة في حرب حقيقية مع هذه القوات في دارفور، فإني لا اتصور ان تكون هنالك مجموعة تعتبر انه لا شأن لها بما يجري هنالك، ناهيك من الترحيب بالقوات الغازية.

وفي تقديري ان مثل هذا الموقف يعني انه لا توجد حكومة وحدة وطنية، وإذا انهارت حكومة الوحدة الوطنية بسبب هذا الموقف الغريب فكيف تبقى نيفاشا؟

> وأين وصلت الجهود الاقليمية وبوجه خاص الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي من التدخل الدولي في دارفور؟

ـ الاتحاد الافريقي في قلب المشكلة وزاد اعداد قواته في دارفور ومدد فترة بقائها الى نهاية العام، والجامعة العربية تعهدت بالتزاماتها تجاه دفع مساهمات مالية للقوات الافريقية والتنمية في دارفور وأمينها العام عمرو موسى يعقد اجتماعات واتصالات بالقادة العرب ووزراء الخارجية لاحتواء الموقف في دارفور طبقا لقرار القمة العربية. اما بالنسبة لمنظمة المؤتمر الاسلامي فان دورها يتمثل في دعم معنوي في قضية دارفور.

> وماذا عن الجبهة الداخلية؟

ـ ان توحيد الجبهة الداخلية يحظى بالأسبقية، والرئيس البشير شدد على ضرورة توحيد الجبهة الداخلية لان القضية لم تعد قضية حكومة وإنما قضية الوطن وتجرى المشاورات والاتصالات لجمع المواطنين على رؤية موحدة ولكن في اطار رفض القرار، وهنالك لجنة وطنية قومية برئاسة المشير عبد الرحمن سوار الدهب تتحرك في اطار توحيد الجبهة الداخلية في هذه الظروف الدقيقة.

> وماذا عن بعض القوى المؤيدة لدخول القوات الدولية؟ ـ الحكومة تحرص على توحيد الجبهة الداخلية لصالح حماية الوطن من المهددات الخارجية، ولكن هنالك طرفا آخر وهو المعارض سياسيا للحكومة وأجندته اسقاط الحكومة، ولا شأن له بتوحيد الصف الوطني.

> ماذا يعني التوصل الى اتفاق بين الحكومة وجبهة الشرق حول الترتيبات الامنية في أسمرة؟

ـ الوصول الى اتفاق بين وفدي الحكومة وجبهة الشرق حول الترتيبات الأمنية في الشرق يساعد على الاستقرار وهو يشكل اهمية خاصة فهو يعني التمهيد لإنجاح المفاوضات الخاصة بالثروة والسلطة وفي مدى قريب ان شاء الله.

> ما هو الموقف المصري من التطورات المتلاحقة الخاصة بالقوات الدولية ودارفور؟

ـ لقد حضرت اجتماعات الحزب الوطني الحاكم، وقال الرئيس حسني مبارك ان مصر ترفض دخول قوات اجنبية في السودان، وكذلك امين عام الحزب الوطني صفوت الشريف ومجلس الشعب وهنالك تحرك مصري مكثف تجاه قضية دارفور، وبالتالي فان موقف مصر مع حكومة السودان بالنسبة للتدخل الأجنبي.

> هل تناولت اللقاءات مع رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي محمد عثمان الميرغني في القاهرة موضوع شراكة سياسية بين المؤتمر الوطني والاتحادي الديمقراطي؟

ـ لقد تحدثنا عن رؤية مشتركة خاصة فيما يتعلق بالقوات الأجنبية، وليس في شراكة سياسية.

> هل التعبئة السياسية ضد التدخل الأجنبي ستوقف العملية السياسية والتحول الديمقراطي؟

ـ كل الترتيبات والخطوات السياسية الخاصة بالانتخابات العامة والقوانين والتحول الديمقراطي مستمرة ما دام لم يحدث تدخل فعلي ولكن هذا لا يعني ان لا تتخذ الحكومة من التدابير الأمنية والاقتصادية والسياسية ما يجعلها على استعداد لمواجهة التحديات.