الفوضى تعم محطات الوقود.. وميليشيات «البحارة» تعاود احتكارها توزيع المشتقات

مجموعات مسلحة محسوبة على أحزاب تعتدي على عمال المحطات وتستأثر بما فيها

TT

خلال الايام القليلة الماضية بدأت تطفو على السطح ازمة وقود جديدة في العراق من شأنها ان تعصف بالبلاد وتعيد الازمة الخانقة للواجهة من جديد، والتي تمت معالجتها بشق الانفس من قبل المسؤولين في القطاع النفطي والقائمين عليه.

وبدأت طوابير السيارات الواقفة على ابواب محطات الوقود المنتشرة في مناطق بغداد المختلفة تزيد مسافتها على مئات الامتار في شوارع ضيقة احيانا وداخل المناطق السكنية احيانا اخرى، فضلا عن الوقوف بالاتجاه المعاكس لسير المركبات، وهذا الامر ينطبق على الافراد الذين بدأوا هم ايضا بالوقوف امام المحطات من اجل التزود بالوقود لساعات طويلة قد تمتد نهارا كاملا خلال هذه الايام التي يؤدون فيها احد فروض الطاعة واصول الدين الاسلامي، ومقابل كل ذلك فان ميليشيات «البحارة» المسلحة اخذت تبسط سيطرتها على تلك المحطات وعمليات توزيع المشتقات النفطية فيها ولا سيما ان اغلب هذه الميليشيات مدعومة من قبل بعض الاحزاب السياسية، وبالتالي تعتبر تلك الميليشيات نفسها فوق سلطة القانون وتلغي بذلك كافة القوانين الحكومية وتضرب بها عرض الحائط تبعا لمصلحتها الشخصية.

واكد شهود عيان من اصحاب المحلات المجاورة لمحطة وقود الصرافية وسط بغداد لـ«الشرق الأوسط» حصول عملية اعتداء اول من امس على قوات حماية الطوارئ التابعة لوزارة النفط من قبل افراد ميليشيا البحارة الذين بسطوا سيطرتهم وبصورة كاملة على مفاصل تلك المحطة على مرمى ومسمع الاجهزة الامنية والكادر الحكومي في المحطة.

احد العاملين في تلك المحطة قال «ان الوزارة عاجزة عن توفير الحماية لكادر المحطة او غيرها من المحطات لذلك فنحن مضطرين لمسايرة اولئك، والعمل في الغالب تبعا لاوامرهم، والا سيحصل ما لا تحمد عقباه، وان الوزارة لم تقم سياجا من الطابوق او الكونكريت لحمايتنا وانما اكتفت بسياج هزيل يتم تمزيقه بين الحين والاخر من قبل الناس او حتى من قبل افراد الشرطة الذين يتركون واجباتهم من اجل التزود بالوقود في ايام الازمات».

كذلك الحال بالنسبة لمحطة وقود علاوي الحلة حيث ترى السيارات العاطلة واخرى التي لا تحمل ارقاما والتي يتم دفعها من قبل الاشخاص لمسافات طويلة وايقافها ضمن طابور التزود بالوقود، اضافة الى العربات الخشبية والتي تحمل عشرات الحاويات الصغيرة ذات احجام مختلفة تتراوح بين (20 ـ 60) لترا هي الاخرى لها طابور خاص، فضلا عن طابور المواطنين المتجمعين منذ ساعات الصباح الاولى امام باب المحطة. وقال صالح النعيمي 55 عاما وهو متقاعد «نقف يوميا من الساعة السابعة صباحا من اجل التزود بالوقود الذي نستخدمه في المولدات الكهربائية الصغيرة التي نمتلكها في بيوتنا لتولد لنا الطاقة الكهربائية المحرومين منها منذ ايام وبصورة كاملة، وحتى ان وجد التيار الكهربائي الوطني فانه يكون لساعات معدودة في اليوم الواحد، لذلك نحن نحتاج الى الوقود وبشكل يومي، فتلاحظنا نتواجد هنا يوميا، فضلا عن احتياجاتنا الاخرى للوقود كاستخدامه في تجهيز واعداد الطعام على المدافئ النفطية او المطابخ النفطية (الجولة)».

واضاف النعيمي بلهجة التذمر من الاوضاع التي تحيط بالبلاد «اذا كانت الحكومة عاجزة عن توفير مستلزمات الحياة اليومية من خدمات ومتطلبات ضرورية، فما هو الداعي لوجودها اذا، فدائما تحصل ازمات لا تستطيع حلها، مما يخلق مشاكل اضافية للعراقيين هم في غنى عنها».

من جهته قال احمد عبد الكريم، 28 عاما، احد افراد حماية المنشآت النفطية والذي يعمل في احدى المحطات ببغداد «ان البحارة هم سبب الازمة اضافة الى انقطاع التيار الكهربائي الذي يزيد الطين بلة، فمثلا نحن في هذه المحطة اربعة افراد حماية لا نستطيع مواجهة مجموعة من المسلحين يصل عددهم في بعض الاحيان الى عشرين فردا، يأتون ومعهم كتاب من احدى الاحزاب السياسية الكبيرة يعطيهم الاذن بتسيير امور المحطة والاشراف عليها». واضاف عبد الكريم «بعد سيطرتهم تأتي السيارات الخاصة بهم او باقاربهم والتي غالبا ما تكون خزانات الوقود فيها خاضعة لعملية تحوير ويقومون بادخالها للمحطة للتزود بالوقود ولاكثر من مرة وبكميات كبيرة، ولا يستطيع احد منعهم من ذلك».

وبدأت سيارات البحارة الخاضعة لعمليات تحوير في خزانات وقودها تتوافد على تلك المحطات وتتزود بالوقود ولاكثر من مرة وبكميات كبيرة جدا قد تصل في بعض الاحيان الى الاف اللترات، فضلا عن اصحاب الحاويات الصغيرة الذين يعتاشون على هذه المهنة، التي تتطلب منهم دفع رشاوى لمديري وعمال المحطات الذين لا حول لهم ولا قوة ولا يستطيعون مواجهة تلك الميليشيات ولو حتى بالكلام، او قد يكونون افراد في تلك الميليشيات واصحابا للسيارات المحورة او حتى لسيارات الحمل التي يتواجد على سطحها خزانات كبيرة كتب على سطحها خزان لنقل مياه الشرب لكنها في الواقع معدة خصيصا للتزود بالوقود، من اجل التلاعب وايهام الاجهزة الامنية التي تلاحق اصحاب تلك السيارات والصهاريج.