بيكر لا يستبعد التوصية بتقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم لحل المشكلة الأمنية

اللجنة التي كلفه الكونغرس رئاستها ستقدم توصياتها قريبا للرئيس بوش

TT

أقر وزير الخارجية الأميركي الأسبق جيمس بيكر، بأن لجنة العمل التي يرأسها بتكليف من الكونغرس الأميركي، وموافقة الرئيس جورج بوش ستعلن قريبا عن توصيات جديدة لإنقاذ العراق من حرب أهلية مدمرة، يمكن أن تمتد لدول المنطقة، لكنه لم يؤكد ولم يستبعد أن توصي اللجنة بتقسيم العراق، قائلا لمحطة أي بي سي الأميركية، «إن اللجنة لم تفرغ من عملها بعد ولم تتوصل إلى تقرير نهائي».

ورفض بيكر الإفصاح عن التوصيات المقترحة، لكن صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية، ذكرت أمس أن اللجنة تتجه نحو اقتراح تقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم ذات استقلالية عالية، يتولى كل إقليم فيها مسؤولية حفظ الأمن داخل نطاقه، على أن يناط بالحكومة المركزية في بغداد مسؤولية السياسة الخارجية وحراسة الحدود وتوزيع الثروة النفطية.

ونقلت مراسلة الصحيفة في واشنطن، عن مصدر وثيق الصلة بعمل اللجنة أ‏نها تستعد للإعلان عن تقريرها بعد الانتخابات النصفية للكونغرس الشهر المقبل، وسط تصاعد أعمال العنف الطائفية في العراق وخروج الهجمات على قوات التحالف عن نطاق السيطرة.

وذكر المصدر ذاته، أن لجنة بيكر استحسنت فكرة تجزئة العراق إلى إقليم شيعي في الجنوب وإقليم سني في الوسط وكردي في الشمال، كبديل وحيد لخيارين صعبين آخرين، هما الانسحاب من العراق أو بقاء الأوضاع كما هي عليه. وقال جيمس بيكر، في حديث تلفزيوني أدلى به لمحطة أي بي سي، إن اللجنة لن تعلن عن مضمون توصياتها، إلا بعد أن تقدم تلك التوصيات للرئيس بوش، لكنه أكد أنها لن توصي بسحب القوات الأميركية من العراق، لأن الانسحاب لن يعني سوى اندلاع حرب أهلية واسعة قد تتدخل فيها أطراف كثيرة، من بينها إيران وسورية وتركيا، وربما الأصدقاء في منطقة الخليج، وقد يتصرف كل طرف على هواه. وقال بيكر إنه لم يكن ليشارك في اللجنة المشار إليها، لو أن الرئيس بوش لم يوافق على مشاركته ولم يكن ليذهب للعراق، مشيرا إلى أ‏ن الإدارة على معرفة بأن اللجنة تعمل بشكل حثيث للتوصل إلى توصيات ذات قبول واسع بين الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء. ويشارك في رئاسة اللجنة من الجانب الديمقراطي لي هاملتون الرئيس السابق للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي.

وقال بيكر في حديثه، إنه يأمل في أن تستمع الإدارة لتوصيات اللجنة وفي أن تجد التوصيات دعما من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، مؤكدا أن الخيارات التي ستطرحها اللجنة «سوف تتعدى الخيارين المتوفرين حاليا، وهما البقاء من دون تغيير أو الانسحاب من العراق، كما يطالب البعض بأفكار أخرى، وستعلن تلك الأفكار في نفس اليوم الذي تعرض فيه على الرئيس بوش وليس قبل ذلك». وردا على سؤال عن مدى تفضيل بعض أعضاء اللجنة توفير استقلالية أكبر للأقاليم العراقية، قال بيكر «نعم هناك توجه يفضل وجهة النظر هذه على الانسحاب، لكن هناك من الخبراء في الشأن العراقي من حذر بأن مثل هذا التوجه في حد ذاته قد يؤدي إلى اندلاع حرب أهلية واسعة، لأن المدن العراقية الكبرى متعددة عرقيا وطائفيا». وأوضح بيكر قائلا: «إنه لا توجد حدود بين السنة والشيعة والكرد في مدن مثل بغداد والبصرة والموصل وكركوك، كما لا توجد حدود بين المناطق السنية والشيعية في العراق». لكن بيكر أكد أن الفكرة لم ترفض بعد هذا المقترح، ولم ترفض مقترحات أخرى مضيفا «إ‏ننا بكل بساطة لم نصل إلى توصيات نهائية لتقريرنا بعد». يشار إلى أن جيمس بيكر (76 عاما) صديق قديم لعائلة بوش، كان وزيرا للخارجية أثناء حرب الخليج في 1991، وكان قد ذكر أخيرا أنه التقى الرئيس بوش عدة مرات في الآونة الأخيرة، لمناقشة السياسة الأميركية في العراق.

ووفقا لصحيفة «التايمز»، فإن لجنة بيكر ابتكرت أسلوبا جديدا لطرح أفكارها، وهو عدم استخدام عبارة تقسيم البلاد، والاستعاضة عن ذلك بعبارة نقل السلطة والأمن إلى الأقاليم والإبقاء على حكومة قومية هيكلية في بغداد تكون مسؤولة عن الشؤون الخارجية وحماية الحدود وتوزيع الثروة النفطية.

ومن المتوقع أن يتم تشجيع الحكومة العراقية على عقد مؤتمر دستوري لتمهيد الطريق أمام نقل أكبر للسلطات إلى الأقاليم، كما سيتم حث سورية والعراق على دعم تسوية إقليمية، ربما يتم التفاوض عليها في مؤتمر دولي. وذكرت المصادر ذاتها أن بيكر التقى بالفعل مع ممثلين عن الحكومة السورية ويخطط للقاء السفير الإيراني في الأمم المتحدة بمدينة نيويورك، وكان قد صرح قبل أسبوع أنه لا يكفي الحديث مع الأصدقاء، ولكن يجب الحوار مع الأعداء في سبيل التحرك قدما نحو سلام دبلوماسي. يشار إلى أن وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، قالت أثناء زيارتها الأخيرة إلى بغداد، إن الوقت ينفد وعلى الحكومة العراقية أن تتوصل إلى حل يتعلق بتوزيع الثروة وإجراء تغييرات دستورية.

ويطمح الكثير من الكرد لإقامة دولتهم المستقلة في شمال العراق، في حين يسعى الشيعة في جنوب العراق إلى تحقيق حكم ذاتي واسع الصلاحيات، في الوقت الذي يعارض فيه السنة العرب تقسيم العراق بأي شكل من الأشكال.