جهات عشائرية وميليشيات تعدد قوائم خاصة بها بالمطلوبين في العراق

البعض مطلوبون من باب الثأر.. وآخرون لارتكابهم جرائم شرف أو سرقة

TT

كثيرة هي قوائم المطلوبين في العراق الجديد، فبعد ان كانت الحكومة العراقية هي الجهة الوحيدة التي تصدر قائمة بالمطلوبين لها قبل غزو البلاد، اصبحت هناك قوائم عديدة للمطلوبين تصدرها جهات مختلفة، فهناك قائمة مطلوبين للقوات الاميركية، واخرى للسلطات العراقية، وثالثة للجماعات والمليشيات المسلحة المنتشرة بكثرة في البلاد، فضلا عن مجموعة من الاشخاص المطلوبين عشائريا لأسباب مختلفة.

«الشرق الاوسط» واثناء تجوالها في شوارع العاصمة بغداد لاحظت الكثير من تلك العبارات المكتوبة على جدران بعض المنازل والعقارات والمحلات والمخازن التجارية، والتي تشير الى ان صاحب هذا العقار او المنزل او المحل مطلوب من باب الثأر نتيجة قيامه بأعمال قتل او سرقة او جريمة تتعلق بالشرف.

ويقول عبد الرزاق المشياخي، 54 عاما، وهو صاحب مخزن كبير لبيع الادوات الاحتياطية والسكراب في منطقة النهضة، مجاور لأحد المخازن الذي كتب عليه عبارة «المخزن لا يباع ولا يشترى ولا يؤجر لأن صاحبه مطلوب عشائريا»، «ان قصة صاحب هذا المخزن فيها نوع من الغرابة حيث قام ببيع اجهزة ومعدات كهربائية مستعملة لأحد الاشخاص تجاوزت قيمتها 100 الف دولار اميركي، لكن وبعد فترة عاد الشخص المشتري طالبا اعادة الاجهزة واسترداد ماله وفوقه فائدة مالية نظير مرور فترة خمسة اشهر على استثمار صاحب المخزن لماله، والذي خدعه ببضاعة مغشوشة بحسب ما يدعي»، مؤكدا انه اثناء عملية الشراء ابلغ صاحب المخزن المشتري انه غير مسؤول عن مدى صلاحية هذه الاجهزة، وبالتالي لا يمكنه ارجاع البضاعة، وهذا الاتفاق كان أمام مجموعة من الشهود. واوضح المشايخي انه وبعد سلسلة من المشادات الكلامية بين الطرفين والتهديدات التي يطلقها المشتري ضد صاحب المخزن، حصلت مواجهات مسلحة بينهما تم على اثرها قتل المشتري من قبل احد ابناء صاحب المخزن الذي ترك المخزن بما فيه من مواد وهرب خوفا على حياته وعلى حياة ابنائه وعائلته، ليأتي بعدها اهل القتيل ويخطوا على باب المخزن هذه العبارة.

وفي إحدى المناطق الشعبية ببغداد كانت عبارة «مطلوب عشائريا» مكتوبة على واجهة احد المنازل الذي بدا مهجورا من ساكنيه، وبعد سؤال احد الشباب من ابناء تلك المنطقة عن قصة اصحاب هذا المنزل وسبب وجود هذه العبارة على واجهته، قال «ان ابن صاحبة هذا البيت قام بنهب واغتصاب ابنة جيرانه ولاذ بالفرار، ليقوم اهل البنت بعد اكتشافهم الجريمة، بحرق منزله واجبار اهله على المغادرة، وقتل ابنتهم غسلا للعار».

ووفقا لتقرير بعثة الامم المتحدة العاملة في العراق (يونامي) فان حالات القتل المتعلقة بقضايا الدفاع عن الشرف في تزايد مستمر، حيث أعربت البعثة وعلى لسان رئيسها اشرف قاضي ممثل الامين العام للامم المتحدة في العراق عن قلقها جراء تزايد عمليات القتل دفاعا عن الشرف، والتي غالبا ما يكون جهازا الشرطة والقضاء العراقيان متعاطفين مع مرتكبي هذه الجرائم.

واشار التقرير الى «ان ما يسمى جرائم الشرف ليست بالظاهرة الجديدة في العراق، وان انهيار القانون والنظام فيه يزيد من خطر ازدياد هذه الظاهرة وتعزيز ثقافة أخذ الناس لزمام الامور بأيديهم بدون اللجوء الى القانون».

وفي منطقة الوزيرية وسط بغداد، تحدث ليث المختار، 34 عاما، صاحب مكتب عقار مجاور لمحل تجاري كتبت على بوابته المغلقة عبارة «مطلوب دم»، قائلا «ان صاحب هذا المحل قام بقتل احد افراد عصابة متكونة من ثلاثة اشخاص قامت بمهاجمته في وقت الظهيرة من اجل سرقته، بعد ان قام صاحب المحل وهو شاب في الثلاثينيات من عمره برد مفاجئ لهم حيث شهر سلاحه الذي كان يحتفظ به في درج مكتبه وأصاب اثنين من المهاجمين قتل على اثرها أحدهم ولاذ الآخران بالفرار». واضاف المختار «بعدها اتت الشرطة ونقلت القتيل وشهد جميع من رأى الحادث بالحقيقة، وتم اعتقال صاحب المحل من اجل اخذ اقواله واجراء التحقيق معه».

واضاف المختار «في العراق وفي مثل قضايا وحوادث كهذه دائما يكون القانون بجانب صاحب المحل لانه هو الطرف المعتدى عليه اولا، والدفاع عن النفس فيها يعاقب عليه القانون بشكل مخفف، لكن في هذه الحالة حصل العكس، حيث فوجئنا بعد مرور اسبوعين على حجز جارنا بان القضية انقلبت بالضد عليه، بعد ان تمت رشوة ضابط الشرطة ودوريته التي حضرت لمكان الحادث من اجل تغيير اقوالهم وكذلك تغيير افادات الشهود، لتكون العصابة هي الضحية وصاحب المحل هو الجلاد». وتابع يقول «ثم جاء احد افراد العصابة ومعه مجموعة من الرجال ضمنهم شيخان كبيران ليقوموا بكتابة عبارة مطلوب دم على بوابة المحل، ويهددوا جميع اصحاب المحلات في حال الشهادة لصالح صاحب المحل».

واشار عدد من الحقوقيين ورجال القضاء العراقي الى انه وفي مثل هذه الحالات والقضايا، فان جزءا كبيرا من العراقيين يلجأون الى عشائرهم وقبائلهم لحل هذه المشاكل من دون الرجوع الى سلطة القانون بحكم انتمائهم العشائري. يذكر ان دور القبائل والعشائر في العراق مؤثر جدا في حياة المجتمع العراقي على الرغم من وجود قانون مدني وسلطة قضاء قد تكون غير قوية في الوقت الحاضر بسبب الظروف الحالية التي يمر بها البلد.