موسى: مشاركة قوات عربية إسلامية في دارفور يجب أن تتم في إطار أفريقي

الحركات المسلحة في الإقليم تعلن إلحاقها هزيمة كبيرة بقوات الحكومة

TT

قال الأمين العام للجامعة العربية، عمرو موسى، إن جهودا مكثفة تبذل للتوصل الى حل لمشكلة دارفور خلال مهلة الأشهر الثلاثة القادمة حتى نهاية ديسمبر (كانون الأول) القادم، مؤكدا أن الجامعة تعطي أولوية كبيرة لهذه القضية. فيما دعا رئيس التجمع الوطني الديمقراطي السوداني المعارض محمد عثمان الميرغني، عقب مباحثاته مع موسى أمس، الجامعة العربية، إلى القيام بدور كبير لتوحيد كافة السودانيين للنهوض بالوطن والتنمية بالإضافة إلى دورها الحالي الذي تقوم به في دارفور بالتعاون مع الاتحاد الأفريقي، معربا عن اعتقاده بأن ذلك لن يتم إلا عندما يسود الوئام والوفاق بين السودانيين.

وفي غضون ذلك أعلنت الحركات المسلحة في إقليم دارفور انها أوقعت هزيمة كبيرة في صفوف الجيش السوداني في معارك دارت بينهما بشمال الإقليم على مدى يومين متتاليين، اصفرت عن مقتل وجرح المئات، وأسر نحو 200 من قوات الجيش بينهم على الأقل 3 ضباط برتبة العقيد، وقالت الحركات ان قوات الحكومة استخدمت الطائرات في تلك المعارك بصورة طالت المدنيين.

ولكن الجيش السوداني نفى تلك الهزائم، كما نفى استخدامه الطائرات بطريقة غير مشروعة، ووصف تصريحات المسؤولين في الحركات المسلحة حول المعارك بأنها متناقضة، قبل ان يتهم جهات أجنبية بتقديم الدعم لها.

وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» عما إذا كان إرسال قوات عربية وافريقية تحت علم الأمم المتحدة يمثل حلا للمشكلة والخلافات بين الولايات المتحدة والسودان، قال موسى إن مشاركة أية قوات عربية وإسلامية في دارفور يجب ان تتم في إطار أفريقي وتحت عنوان الاتحاد الأفريقي .

وعما إذا كان قد أحيط علما بمحتوى أو مضمون اجتماع وزراء خارجية مجموعة دول 6 + 2 مع وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس بشأن دارفور وما إذا لمس ليونة فى الموقف الأميركي، أجاب موسى «إن الجامعة العربية تلقت عدة تقارير من بعض وزراء الخارجية العرب المشاركين في الاجتماع بينهم وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط»، لكنه رفض الخوض في مضمون ما حدث من تقدم بشأن قضية دارفور خلال هذا الاجتماع. وردا على سؤال حول مهمة بعثة الجامعة العربية في الصومال قال موسى «هذه المهمة ليست جديدة وهي تأتي استمرارا لدور الجامعة التي تعطي أولوية كبيرة لمنطقة القرن الأفريقي بصفة عامة وللسودان والصومال بصفة خاصة»، معتبرا أن «أمنها يعد جزءا لا يتجزأ من أمن منطقة الشرق الأوسط الكبير وأنه يرتبط بصورة وثيقة بأمننا كعرب بالإضافة الى تداخل العلاقة الوثيقة بين العرب وأفريقيا».

وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول اتهامات صومالية للجامعة العربية بالغياب لمدة 16 عاما عن الصومال وقضاياه، قال موسى «إن هناك تحاملات كثيرة بالفعل من بعض الإخوة الصوماليين على الجامعة العربية، لكننا نلتمس لهم العذر للمناخ الصعب والأجواء المتوترة التى يعيشون فيه».

وردا على سؤال حول إعادة بعض وسائل الإعلام الدنماركية نشر رسوم مسيئة للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قال «هذا الموضوع سياسي وليس دينيا وإنه يتطلب منا كعرب ومسلمين إعادة النظر في كيفية التعامل معه، ليس فقط من منطلق الاحتجاج أو الإدانة ولكن بالقدرة على مناقشة هذا الأمر رأيا برأي وفكرا بفكر ونأمل أن نتمكن من ذلك عن طريق مجموعة من المفكرين الأكفاء الذين يملكون القدرة على أداء هذه المهمة» .

وجدد موسى تأكيده بأن هذا الموضوع كبير لا يتعلق فقط بدين أو ثقافة وانه يتطلب عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي للنظر في ما يثار عن صراع الحضارات لخطورته على أمن واستقرار العالم.

ومن جانبه دعا الميرغني كافة أبناء الشعب السوداني إلى ضرورة التوحد في هذه الظروف الدقيقة، داعيا إلى عقد مؤتمر دارفوري ـ دارفوري بالتعاون مع الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية يتقرر فيه حاضر ومستقبل دارفور، وقال «إن الرؤى متفقة على ذلك، كما أن هناك جهودا تبذل من اريتريا لمعالجة الأوضاع في جبهة شرق السودان، ونتمنى أن تحسم هذه الخلافات». وأضاف «نحن الآن أيضا نتطلع إلى حل كل مشاكل الوطن»، مشيرا إلى أن «هناك بعض الشخصيات الخيرة الآن تسعى لجمع الصف الوطني والاستقرار والتوحد بين السودانيين جميعا في مجابهة التحديات الداخلية والخارجية» .

وقال إنه التقى مع النائب الأول للرئيس السوداني، سيلفا كير، في العاصمة الإريترية أسمرة وتحدث معه في أمور الوطن وضرورة تعزيز وحدة السودان .

وعما إذا كانت الجامعة العربية مطالبة بالتدخل لاحتواء الخلافات بين السودانيين، قال إن هذا الأمر طرح للأمين العام للجامعة العربية، وبدوره سوف يفكر في الأمر، مؤكدا أنه لا يمكن للجامعة العربية أن تقف موقف المتفرج، وهنالك مشاكل بين أبناء السودان، وهو عضو في الجامعة العربية. وأكد رفضه لمحاكمة أي من السودانيين خارج وطنهم.

وعما إذا كانت هناك ضرورة لعقد قمة عربية لبحث الوضع في دارفور قال الميرغني «إن من المهم تعزيز قوات الاتحاد الأفريقي، لكن أن تعقد مؤتمرات فلن تحل القضية»، مشيرا الى أنه سبق أن عقدت القمة العربية في الخرطوم فى شهر مارس (آذار) الماضي وتقرر دعم دارفور بمبالغ كبيرة من المال ونأمل ان يوضع هذا الأمر موضع التنفيذ لدعم قوات الاتحاد الأفريقي، وأكد ضرورة أن يقوم الإخوة العرب المشاركون في الاتحاد الأفريقي بإرسال قواتهم إلى دارفور حتى لا يكون هناك نقص في القوات التي تحفظ الأمن والاستقرار في الإقليم، مشيرا إلى أن المبالغ التي تقررت من القمة العربية يجب أن تكون في متناول الجامعة العربية حتى تنفق في الأوجه المختلفة سواء تعزيز القوات أو معاونة النازحين واللاجئين.

وفي الخرطوم قالت مصادر في «جبهة الخلاص» المسلحة في دارفور لـ«الشرق الأوسط» إن معارك عنيفة دارت على مدى يومين بين قوات «جبهة الخلاص» والقوات الحكومية في منطقة كاري جاري في شمال دارفور تكبدت فيها القوات الحكومية هزيمة كبيرة، مخلفة مئات القتلى والجرحى وأسر نحو 200 من قوات الجيش بينهم 3 ضباط برتبة عقيد، وقالت المصادر ان القوات الحكومية استخدمت في المعارك طائرات لقصف المدنيين في القرى المجاورة.

وقال أحمد عبد الله جمجوم، المستشار الإعلامي لحركة العدل والمساواة والقيادي في جبهة الخلاص، إن قواتهم استولت في معارك كاري جاري على جميع عتاد الجيش في المنطقة ودمرت معسكرهم المجاور تدميرا كاملا.

من جانبه كشف مالك تيراب، القيادي في العدل والمساواة، أن قواتهم استولت فى معارك كاري جاري على كميات من المعدات تكفيها لمقاتلة الحكومة لعشر سنوات، وقال «نحن نأسر الآن عددا من الضباط والجنود برتب مختلفة ويمكن أن نرتب الفرص للحديث معهم» .

من ناحيته، أقر مدير مكتب الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة بوجود تلك المعارك في شمال دارفور، ونفى بشدة أن تكون القوات المسلحة استخدمت الطيران في الإقليم بصورة غير مشروعة، كما نص على ذلك اتفاق أبوجا للسلام، وقال «نعم دارت معارك بيننا، ولكنها لم تصل الى مرحلة تشتيت قواتنا في المنطقة كما زعم المتمردون»، ونوه الى وجود تناقض في خطاب الحركات المسلحة حول المعارك، وقال «كيف يتحدثون بنشوة عن تلك المعارك والانتصارات وفي ذات الوقت يتحدثون عن قصفهم بالطائرات».

وفى السياق، كشف الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير علي الصادق عن ملامح مبادرة جديدة للرئيس عمر البشير لمعالجة الوضع في دارفور ومن أبرزها التأكيد على دور الاتحاد الأفريقي في قضية دارفور «علما بأن اتفاقية أبوجا لم تخول للأمم المتحدة أي دور في هذا الشأن».

وقال الناطق الرسمي باسم الخارجية إن من ملامح المبادرة دعم القوات الأفريقية في دارفور وتكملة ما ينقصها من مال وعتاد وجنود من أجل القيام بتفويضها وتفعيل الحوار بين مختلف القوى السياسية والشعبية والقبلية في دارفور من أجل المصالحة وتهدئة الأوضاع، على أن يقوم المجتمع الدولي بواجبه ازاء الحركات المسلحة التي لم توقع على الاتفاق وذلك بهدف إقناعها بالانضمام لركب السلام.

وحول قرار مجلس الأمن 1714 الذي صدر أول من أمس والذي حمل قلقا على الأوضاع في دارفور واعتمد تمديد قوات الاتحاد الأفريقي حتى نهاية العام، أوضح الناطق باسم الخارجية السودانية أنه في ما يتعلق بالتمديد لبعثة الأمم المتحدة في الجنوب فهذا عمل روتيني وفقا لاتفاق نيفاشا، وفي ما يتعلق بموضوع دارفور فقد تم إقحامه في القرار الذي أخذ من ملامح خطة الرئيس البشير حول دعم قوات الاتحاد الأفريقي لتمكينها من أداء المهام الموكلة لها والسعي لتحسين الأوضاع الإنسانية بدارفور واستمرار الحوار الدبلوماسي من أجل الوصول إلى الغايات المنشودة.