ارتفاع خسائر القوات الأميركية مع تنامي دورها المباشر في منع الحرب الأهلية في العراق

الشهر الماضي شهد جرح 776 جندياً اميركياً وهو أعلى رقم منذ نوفمبر 2004

TT

ارتفع عدد الجنود الأميركيين في العراق إلى أعلى مستواه خلال فترة عامين مع انغمارهم في القتال حاليا من بناية إلى أخرى داخل بغداد، سعيا لإيقاف العنف الطائفي الذي يحذر القادة العسكريون الأميركيون من أنه قد يقود إلى حرب أهلية.

ففي الشهر الماضي جرح 776 جنديا أميركيا في العراق، وهذا هو أعلى رقم منذ الهجوم الذي شنته القوات الأميركية على مدينة الفلوجة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2004 حسب أرقام وزارة الدفاع الأميركية. وهذا هو أكبر رقم يمثل عدد الإصابات الشهرية منذ قادت الولايات المتحدة هجومها على العراق في مارس (آذار) 2003. وجاءت الزيادة الكبيرة في الإصابات بين الأميركيين ـ بزيادة ما يقرب من 300 في الأسبوع الأول من أكتوبر (تشرين الأول) ـ لتعبر عن مدى الجهود الأميركية المبذولة لإيقاف الانزلاق إلى حرب أهلية شاملة، حسبما يقول المسؤولون والخبراء العسكريون. فخارج بغداد يقاتل جنود المارينز المتمردين السنة في محافظة الأنبار، وعانت القوات الأميركية هناك أعلى رقم من الجرحى خلال الشهر الماضي منذ أواخر عام 2004.

وجرح حتى الآن اكثر من 20 ألف جندي أميركي في القتال داخل العراق وحوالي نصفهم رجعوا إلى الخدمة، بينما يركز الإعلام على القتلى الذين بلغ عددهم 2700. وقال الخبراء العسكريون إن عدد الجرحى مقياس أكثر دقة ويعبر عن مدى حدة القتال لأن التقدم في مجال الدروع والعلاج الطبي اليوم سمح للمقاتلين كي يبقوا على قيد الحياة بعكس أولئك الذين ماتوا في الحروب السابقة. وتبلغ نسبة الجرحى إلى القتلى في حرب العراق بالنسبة للقوات الأميركية 8 إلى 1 مقارنة بما كانت عليه في حرب فيتنام حيث كانت نسبة الجرحى إلى القتلى تساوي 3 إلى 1.

ومنذ يوليو (تموز) الماضي، أضيف آلاف الجنود الأميركيون إلى بغداد لتقوية الجنود والشرطة العراقيين الذين فشلوا في إيقاف العنف الطائفي، الذي خلف وراءه حتى الآن مئات القتلى في صفوف المدنيين على يد منظمات مسلحة سنية وشيعية.

وظل القادة العسكريون الأميركيون يطالبون بزيادة في عدد الجنود بمقدار 3000 شخص للمساعدة على توفير الأمن لبغداد لكنهم لم يتلقوا سوى مئات فقط يوم الخميس الماضي حسبما قال مسؤولون عسكريون في العراق.

وقال المحلل العسكري مايكل أوهانلون من معهد بروكنغز بواشنطن إن «خطة توفير الأمن لبغداد والتوسع في العمليات يقودنا إلى حالة من الفعاليات أكثر مما كانت عليه في الأشهر الماضية. نحن لدينا عدد أكبر من الجنود يخرجون في دوريات لذلك فإنهم يتعرضون للقتل أو الإصابة بجروح في المعارك». وفي مارس (آذار) الماضي، قال وزير الدفاع دونالد رامسفيلد ان القوات العراقية، وليس القوات الأميركية، ستتعامل مع حرب أهلية في العراق في حال ظهورها. ويقول خبراء ان العمليات الحالية في بغداد تظهر أن ذلك الهدف ليس واقعيا. وقال أوهانلون انه «بمعنى ما فان خطة أمن بغداد هي رفض كامل لمذهب رامسفيلد السابق حيث قال ان العراقيين سيمنعون الحرب الأهلية».

وعلى الرغم من التضحيات المتصاعدة في أعداد القتلى والجرحى من القوات الأميركية، بمن فيهم 13 جنديا أميركيا قتلوا في معركة ببغداد خلال ثلاثة ايام الأسبوع الماضي، فان مسؤولي وزارة الدفاع يقولون ان العمليات العسكرية في العاصمة العراقية هي في أحسن الأحوال حل قصير الأمد وجزئي، في مسعى لاستثمار الوقت من أجل تسوية سياسية يصفونها بأنها السبيل الوحيد من اجل الحفاظ على وحدة العراق. وقال مسؤول في البنتاغون عمل في العراق ان «خطة أمن بغداد ستكون حلا مؤقتا ليس إلا. والأمر يحتاج الى معالجة الأسباب الجذرية».

ويعكس ارتفاع اعداد الجرحى المعركة الحامية المستمرة في الأنبار، وكذلك في بغداد حيث تواجه القوات الأميركية تصعيدا في الهجمات، وهي تدخل الى أحياء المدينة الأكثر عنفا من اجل ملاحقة فرق الموت الطائفية والمليشيات والمتمردين. وقال الكولونيل جوناثان ويذينغتون، المتحدث باسم قيادة القوات العسكرية الأميركية في المدينة انه «من المؤكد أن الهجمات على قوات التحالف زادت» في 12 من المناطق المقسمة دينيا في شرق بغداد وغربها. هناك الكثير من الأسلحة في بغداد، وهو ما يسهم في هجمات للعدو باستخدام اسلحة صغيرة». وقال انه ليس مخولا بالإعلان عن عدد الجرحى من العسكريين الأميركيين في بغداد او عدد الهجمات في المدينة، على الرغم من أن الجيش نشر مثل هذه المعلومات في الماضي.

غير أن دراسة للتقارير حول القتلى في المعارك من أغسطس حتى أوائل الشهر الحالي تظهر زيادة في أعداد من قتلوا في بغداد بسبب نيران اسلحة صغيرة وكذلك قنابل على الطرق. وتقلل طبيعة الأماكن في مدينة يبلغ عدد سكانها ستة ملايين نسمة، حيث الأعداء لديهم الكثير من اماكن الاختفاء وشن الهجوم من مواقع قريبة، يقلل من فائدة القوات الأميركية المدربة والمؤهلة على نحو أفضل. وقال جون بايك مدير موقع غلوبال سكيورتي على الانترنت بولاية فرجينيا ان «شهر سبتمبر كان مرعبا» في اطار عدد الجرحى، واذا كانت اتجاهات بداية اكتوبر تستمر، فان هذا الشهر يمكن أن يكون «الأسوأ في الحرب».

وادى تدهور العنف في بغداد الى انتقاد بعض مسؤولي البنتاغون القرارات التي اتخذها الجيش منذ أوائل 2005 لنقل المسؤولية عن الأمن في مناطق واسعة من بغداد الى القوات العراقية وتقليص الحراسات الأميركية. وقال المسؤول في البنتاغون «اتخذنا قرارات من اجل القيام بدور غير مباشر، وهو أمر عظيم اذا ما اردنا معدلات اقل من الاصابات في صفوف القوات الأميركية. غير ان نقل المسؤولية الى العراقيين لا يعادل إلحاق الهزيمة بالارهابيين وتحييد المتمردين».

*خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»