منطقة شمال المغرب أصبحت تبيض أصفادا بعد أن كانت تبيض ذهبا

بعد سقوط رؤوس كبيرة وصغيرة على خلفية قضية الإتجار في المخدرات

TT

يتوالى سقوط الرؤوس الكبيرة والصغيرة في المغرب بعد القبض على محمد الخراز، الملقب «الشريف بين الويدان»، في قضية مخدرات، فيما يشبه عملية تساقط قطع الدومينو، من دون أن يدري أحد إن كان هذا السقوط السريع سيستمر حتى النهاية أم أن السلطات ستضطر إلى نزع قطع من السلسلة حتى يتوقف السقوط.

وأصبحت أخبار الأسماء المتورطة في شبكات الاتجار في المخدرات تتوالى وتنذر بمفاجآت، آخرها إمكانية تورط برلمانيين، إضافة إلى محامين قيل انهم كانوا يقبضون مبالغ خرافية مقابل الدفاع عن متهمين مستعدين لدفع كل شيء من أجل «شراء براءتهم».

وفي الوقت الذي كان الكثيرون ينظرون إلى القبض على «بين الويدان» على انه زوبعة في فنجان ستتوقف بعد أيام وسيعود الجميع إلى قواعدهم سالمين، فإن استمرار اعتقال مسؤولين أمنيين بارزين ومسؤولين حكوميين، وانتشار الرذاذ القذر إلى سياسيين ومحامين، سيصيب الكثيرين بالهلع.

وأدى ترك الحبل على الغارب في موضوع المخدرات إلى شيوع اعتقاد عام أنه لا فرق بين الحشيش وبين أي ثروة طبيعية وطنية، واعتقد الكثيرون أن حقول القنب الهندي عوضت المغرب افتقاده لحقول النفط. ويشبه الوضع في شمال المغرب، حيث تزرع مساحة 200 ألف هكتار بالقنب الهندي، الحالة التي سادت عندما اكتشف كريستوف كولومبس القارة الأميركية، حيث أصيب الملايين من الأوروبيين بحمى الذهب وهاجروا بلدانهم نحو تلك القارة الجديدة بحثا عن الحظ والثروة، وكثيرون تحولوا إلى أغنياء، بينما آخرون ماتوا جوعا وفقرا أو تحت أنقاض المناجم البدائية.

وأصبحت منطقة الشمال حلما للكثيرين من الباحثين عن الغنى بينهم مسؤولون وأمنيون وصعاليك وقضاة ومحامون وماسحو أحذية وعاطلون وأشباه صحافيين، كلهم يرون في المنطقة منجما يمنح الغنى، وقليلون منهم ينالون ما يريدون، بينما يغرق الآخرون في خيبتهم أو في زنازين السجون.

وكان الحصول على منصب عمل في منطقة شمال البلاد، سواء في الأمن أو الجمارك أو غيرها من المناصب الادارية الحساسة، يعتبر هدية حقيقية وحظا لا يتكرر للكثير من الناس.

ويتحدث الناس في المنطقة كيف أن مسؤولين يدفعون رشاوى كبيرة لمسؤولين أعلى منهم مرتبة لكي يتم تنقيلهم من مدن مغربية أخرى إلى مدن مثل طنجة أو تطوان أو شفشاون أو العرائش أو الحسيمة والناظور.

لكن هذه الزوبعة التي تعصف بهم اليوم تجعلهم يندمون على اليوم الذي دفعوا فيه رشاوى من أجل الانتقال إلى منطقة الشمال، على الرغم من أن لا أحد يمكن أن يجزم إن كانت الحملة موسمية وتقصد إلى خلق مسلسل رمضاني جديد على غرار المسلسلات التلفزيونية، أم أنها قضية جادة تهدف إلى قطع دابر التواطؤ والفساد في أجهزة الإدارة والأمن.

وليس المسؤولون الإداريون وحدهم من يشتاقون الذهاب إلى الشمال من أجل نيل حظهم من مال الحشيش. فقبل يومين أعلنت شرطة طنجة أنها ألقت القبض على «صحافيين» اثنين جاءا من الرباط، وكانا يبتزان أفرادا من السلطة ويطالبان بمبلغ 20 ألف درهم (حوالي 2000 دولار).

وقال بيان لشرطة المدينة إنه تم إلقاء القبض على شخص يدعى «ادريس.ب»، رفقة «مراسله» في المدينة المدعو «سلام.ب»، وهما يهددان ثلاثة موظفين بأنهما سيكتبان عنهما مقالا يشير إلى تواطؤهم في ملفات المخدرات والبناء العشوائي، اذا لم يمدهما بالمبلغ المطلوب.