عزام الأميركي اعتنق أفكار «القاعدة» على يد قياديين أحدهما مصري والآخر فلسطيني

حفيد طبيب يهودي تعرف على الإسلام في «أورانج كونتي» وكان صديقا مقربا من أبو زبيدة

TT

قبل عامين لم يكن احد يسمع بآدم غادان.. بينما ينظر كثيرون في الاوساط الاستخباراتية الاميركية الى تحول المسلمين الغاضبين في «اورانج كونتي» باعتباره امرا خطيرا، فان الكثير من المسؤولين عن مكافحي الارهاب صوروا ادم غادان، 25 عاما، كنوع من لاعب على المسرح العالمي للجهاديين. لذا فان الرجل الذي ظهر حتى الان في اربع أشرطة فيديو لـ «القاعدة» والذي يطلق على نفسه الان اسم عزام الاميركي، لا يعتبر من قيادات القاعدة، وتشير لقاءات جرت مع مسؤولي مكافحة الارهاب الى ان عزام الاميركي تحول من مترجم الى صوت دعائي لمنظمة بن لادن. وقال احد المسؤولين الاميركيين انه «ليس شخصا ملثما يظهر في شريط فيديو يدعو لقتل الاميركيين، ولكنه صوت اميركي هدفه الجمهور الاميركي داخل الولايات المتحدة». وتشير مذكرة قضائية في لوس انجليس الى انه اذا اعتقل عزام الاميركي فان تهمة تقديم الدعم للارهابيين ستوجه اليه، وتكشف المذكرة لمحات من حياته الخاصة، وعلاقته بالاصوليين. ومن السفر الى باكستان للقاء زعيم القاعدة اسامة بن لادن، ثم تحوله في وقت لاحق تجاه خالد شيخ محمد الرجل الثالث في القاعدة منسق هجمات سبتمبر، سرعان ما اصبح عزام الاميركي موضع ثقة زعماء «القاعدة»، وفقا لما يقوله المسؤولون الاميركيون. وهناك شريطان ظهر فيهما عزام الاميركي، وظهر فيهما ايضا ايمن الظواهري نائب بن لادن. وقال احد خبراء مكافحة الارهاب الذين تابعوا عزام الاميركي: «انه اليوم اداة مهمة من ادوات القاعدة الدعائية». وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه ان عزام الاميركي هناك في مكان ما يضع البيانات الاعلامية الى جانب الظواهري. وكان آدم غادان، هدد في شريط فيديو بتنفيذ اعتداءات جديدة ضد لوس انجليس وملبورن في شريط مسجل بثته شبكة «اي بي سي» في سبتمبر (ايلول) 2005. وقال الرجل الذي كان ملثما وتحدث بالانجليزية «بالامس لندن ومدريد وغدا لوس انجليس وملبورن. ولا تعتمدوا علينا حاليا لنظهر تعاطفا او نتحلى بضبط النفس». واضاف «اننا مسلمون ونحب السلام لكن السلام بشروطنا، السلام حسب تحديد الاسلام وليس السلام المزعوم للمحتلين والطغاة».

وترى اجهزة الاستخبارات الاميركية ان المتحدث اميركي من اصل كاليفورني نقل رسالة بهذا المعنى عن القاعدة في 2004. وفي حينها تم التحقق من صحة التسجيل. وعزام الاميركي حفيد طبيب يهودي قضى طفولته في مزرعة بمقاطعة «ريفر سايد»، وكان والداه لديهما ميول دينية متعددة، وفي الرابعة عشرة من العمر، تعرف على الاسلام عندما دخل الى المركز الاسلامي في «اورانج كونتي»، حيث تعرف الى اصوليين هما خليل الديك وهشام دياب. ودياب مصري الاصل يمتلك مؤسسة للمحاسبة والتدقيق اما الديك فكان يمتلك متجرا لاصلاح اجهزة الكومبيوتر، وكلاهما كانا يعيشان متجاورين في بناية بالقرب من حي يعرف باسم «غزة الصغيرة» لكثرة المتاجر العربية المنتشرة في شارع بروك هيرست بحي انهايم. وتقول سارة اولسون الزوجة السابقة لدياب: «ان دياب والديك احضرا غادان الى منزلها ذات يوم مثل كلب ضال يحتاج الى الطعام عام 1996». وتضيف: «بعدها بدأ كلاهما في تلقينه افكارهما عن الاسلام». ويقول هيثم بندقي رئيس المركز الاسلامي في «اورانج كونتي» ان دياب وغادان كانا لديهما افكارا اصولية متطرفة، وقد منعتهما بسبب تلك الافكار من الدخول الى المسجد». ويوضح: «كانت لديهما افكار مسبقة عن المسلمين الذين يتعاملون مع المسيحيين واليهود، وكانوا يصفون هؤلاء المسلمين بأنهم من «الكفار»، وكانت لديهما تفسيرات اسلامية خاصة بهما». ويقول مقربون واصدقاء في اورانج كونتي ان دياب والديك، كانا من تلامذة الشيخ الضرير عمر عبد الرحمن الزعيم الروحي للجماعة الاسلامية المصرية المحظورة، الذي يقضي عقوبة السجن مدى الحياة في سجن كولورادو الاميركي بتهمة التورط في مؤامرة تفجيرات نيويورك عام 1993. وتقول السيدة اولسون ان الشيخ الضرير استضافه دياب زوجها السابق في منزلها خلال جولة الشيخ في مقاطعة اورانج عام 1992 و1993، وتضيف انها طبخت بيديها للشيخ عمر عبد الرحمن. ويقول احد اقارب خليل الديك، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه ان عمر عبد الرحمن اقام في شقة الديك لمدة يومين خلال احدى زياراته لاورانج كونتي. وتضيف اولسون ان عزام الاميركي لم يلتق الشيخ الضرير ولكنه كان احد اتباعه من خلال اللقاءات والمحاضرات المسجلة للشيخ الضرير. وفي عام 1995 الذي اعتنق فيه غادان الاسلام، اسس دياب منظمة خيرية بلاحدود، توفر التعليم والخدمات الانسانية الى المحتاجين في اميركا وغيرها من دول العالم. وتقول وثائق المنظمة غير الربحية ان دياب كان الممول الرئيسي فيما سجل اسم غادان كسكرتير لتلك المنظمة في ابريل (نيسان) عام 1999. وتقول اليسون ان المنظمة جمعت 150 الف دولار ارسلتها الى متطرفين في الشرق الاوسط، وبعد يومين من هجمات سبتمبر اغلقت سلطات كاليفورنيا المنظمة الخيرية، وبدأت التحقيق في سجلاتها. ويعتقد مسؤولو مكافحة الارهاب ان الديك وغادان سافرا كلا على حدة الى باكستان عام 1998، وفق تقرير هجمات سبتمبر. وفي عام 1990 كان خليل الديك يعيش في بيشاور الحدودية بباكستان. ويشير تقرير التحقيق في هجمات سبتمبر الى ان الديك كان صديقا مقربا من ابو زبيدة، مدير عمليات القاعدة المعتقل حاليا في معسكر غوانتانامو. ونقل احد اقارب الديك عن ضباط المخابرات الاردنية قولهم ان الديك كان له حساب بنكي مشترك مع ابو زبيدة في بيشاور.

ويضيف مسؤول كبير في مكافحة الارهاب ان الديك هو الذي قدم ادم غادان الى ابو زبيدة، والاخير كتب له توصية للانضمام الى معسكرات القاعدة للتدريب في افغانستان، ومنها تعرف على باقي قيادات تنظيم بن لادن. ويقول المسؤولون ان بن لادن كان مهتما بالتعرف على الاميركي الذي تحول الى الاسلام. وفي ديسمبر 1999 تم ترحيل خليل الديك الى الاردن لاتهامه في مؤامرة الالفية، ولكن بعد عامين تم اسقاط الاتهامات الموجهة اليه، وبعدها عاد الديك الى بيشاور مرة اخرى في مايو (ايار) عام 2001. وفي نفس العام اختفى دياب من الولايات المتحدة الى جهة غير معلومة بحسب زوجته السابقة. وفي مايو 2004 تعرفت المباحث الاميركية على غادان، واتهمته وزارة العدل بانه احد كوادر «القاعدة»، وقال جون اشكروفت المدعي العام الاميركي ان عزام الاميركي احد المقربين من ابو زبيدة. وقال بريان جنكينز خبير مكافحة الارهاب في مؤسسة راند البحثية ان غادان بات خلال فترة قصيرة «مفتاحا دعائيا» للقاعدة بسبب كفاءته في خطابه الموجه الى المشاهد الغربي. وظهر غادان في اول شريط لـ «القاعدة» في اكتوبر (تشرين الاول) 2004، بعد عدة شهور من توجيه الاتهام الاميركي له، وعرف غادان نفسه بانه عزام الاميركي. وقال «بعد عقود من الطغيان الأميركي والقمع حان دوركم لتموتوا. إذن ستغرق شوارع أميركا بالدم مقابل كل قطرة دم لضحايا أميركا». وظهر المتحدث وهو يغطي وجهه وتحدث بإنجليزية فيها بعض اللكنة، وقال إنه من اتباع اسامة بن لادن زعيم تنظيم «القاعدة»، واستنكر تصرف الأميركيين وقال انهم «مذنبون مذنبون مذنبون. انتم مذنبون كبوش وتشيني». وتوعد المتحدث بهجمات جديدة على الولايات المتحدة أسوأ من الهجمات التي شهدتها في11 سبتمبر عام 2001. ثم ظهر في شريط فيديو في الذكرى الرابعة للهجمات وتحدث عن محمد عطا زعيم الانتحاريين، وهدد بهجمات ممثالة ستضرب اميركا واستراليا.

* خدمة «لوس انجيليس تايمز» خاص بـ«الشرق الاوسط»