إدانات دولية لمقتل أبرز صحافية معارضة للسلطة في روسيا

بوليتكوفسكايا اشتهرت في تغطية حرب الشيشان.. برؤية ناقدة لتوجه موسكو

TT

خرج آلاف المتظاهرين الى شوارع موسكو وسان بطرسبورغ امس احتجاجا على اغتيال آنا بوليتكوفسكايا، التي تعد من ارز الصحافيين المعارضين للسلطة في روسيا، كما توالت الإدانات الدولية على اغتيال الصحافية المشهورة خصوصا بمقالاتها المدينة للفساد في روسيا والرافضة للحرب في الشيشان.

وكانت بوليتكوفسكايا قد لقيت مصرعها اول من امس لدي خروجها من مسكنها على أيدي مجهول اطلق عليها الرصاص من مسدس كاتم للصوت. وقد عثر على بوليتكوفسكايا في مصعد المسكن والى جوارها مسدس من طراز «ماكاروف» القاه القاتل بعد ارتكاب الجريمة، وهو ما تقوم سلطات التحقيق بمحاولة استيضاح هويته استنادا الى تسجيلات كاميرا المراقبة. واشارت المصادر الامنية الى ان القاتل من المحترفين في الوقت الذي توقعت فيه احتمال تصفيته من قبل اولئك الذين استأجروه للقيام بالجريمة. ورفضت الاجهزة الرسمية التعليق على الحادث، مكتفية بالاشارة الى ان الاجهزة المختصة تواصل جمع المعلومات وتقصي الحقائق وإن اعترفت باحتمالات ان يكون ما نشرته بوليتكوفسكايا من تحقيقات ومقالات في صدارة اسباب الجريمة.

ويعزو كثير من المراقبين والمحللين اغتيال بوليتكوفسكايا الى اسباب تتعلق بنشاطها الصحافي فيما اشار عدد منهم الى ما كانت تجمعه من معلومات وما نشرته من تحقيقات في الفترة الاخيرة تناولت نشاط الاجهزة الامنية الشيشانية الى جانب ما نشرته حول ارتكاب القوات الشيشانية الموالية للقوات الفيدرالية للعديد من جرائم التعذيب واختطاف البشر.

وقال رئيس تحرير صحيفة «موسكوفسكيي نوفوستي» فيتالي تريتياكوف: «من المؤكد ان الرواية الاولى التي ترد في الذهن هي جريمة قتل مرتبطة بنشاطاتها المهنية». ومن جهتها، قالت تاتيانا لوكشينا مديرة المنظمة غير الحكومية «ديموس» والمتخصصة بالقوقاز ان «بوليتكوفسكايا لم تقل يوما انها تشعر انها مهددة». وكانت لوكشينا حضرت مؤتمرا في استوكهولم حول الشيشان مع الصحافية الروسية اخيرا. واكدت لوكشينا: «بالنسبة للشيشان انها مأساة كبرى. كانت واحدة من آخر صحافيينا الذين يغطون الحرب وينقلون باستمرار انتهاكات حقوق الانسان»، مشيرة الى مقالات تتحدث عن تجاوزات القوات الروسية وكذلك الميليشيات التي يقودها رمضان قديروف رجل موسكو القوي في هذه الجمهورية الواقعة في القوقاز.

وكانت بوليتكوفسكايا تعرضت لتسمم بينما كانت متوجهة بطائرة الى بيسلان لتغطية عملية احتجاز الرهائن التي قامت بها مجموعة شيشانية في مدرسة في سبتمبر (ايلول) 2004. وقد اتهمت السلطات حينذاك بدس السم في الشاي الذي شربته في الطائرة. وفي فبراير (شباط) 2001، اعتقلت هذه الصحافية الحائزة جائزة الريشة الذهبية التي يمنحها اتحاد الصحافيين الروس، عدة ايام من قبل القوات الروسية في الشيشان. وربطت حينذاك توقيفها بتحقيق تجريه حول مركز للاعتقال تابع للجيش.

يشار الى ان بوليتكوفسكايا، 48 عاما، تخرجت من كلية الصحافة التابعة لجامعة موسكو عام 1980 وتميزت مقالاتها بالجرأة والعمق وتنوع الموضوعات التي شملت الحرب ضد الفساد في وزارة الدفاع وقيادة القوات الفيدرالية الى جانب الدفاع عن حقوق الانسان ومساعدة امهات الجنود المحاربين في الشيشان، ما كان ضمن اسباب فوزها بعدد من الجوائز الصحافية المرموقة مثل جائزة «القلم الذهبي» في عام 2000 عن سلسلة مقالاتها حول الشيشان، وجوائز اخرى عن مقالاتها ضد الفساد.

وأفادت صحيفة «نوفايا غازيتا» التي كانت تعمل فيها الصحافية الروسية ان بوليتكوفسكايا، حيث كانت تعد مقالا حول التعذيب في الشيشان. وصرح رئيس التحرير المساعد للصحيفة نصف الاسبوعية امس: «كنا ننتظر مقالا لعدد الاثنين كان مقررا ان تكتبه وربما تكون كتبته». ومن جهته، قال رئيس تحرير الصحيفة ديمتري موراتوف ان الصحافية «كان في حوزتها ايضا صور بالغة الاهمية تظهر كل ذلك». ورغم ان الصحيفة لا تملك المقال المنجز، فان موراتوف قال ان «لدينا بعض ملاحظاتها وسننشر طبعا جزءا منها». وقالت الولايات المتحدة ان نبأ اغتيال الصحافية الروسية «صدمها» وطلبت من موسكو ان تولي المسألة اهتماما اضافة الى احالة القتلة الى القضاء. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية شون ماكورماك ان «الولايات المتحدة تشعر بصدمة وقلق عميق لنبأ عملية القتل الوحشية التي استهدفت الصحافية الروسية المستقلة آنا بوليتكوفسكايا». واضاف المتحدث ان «الولايات المتحدة تطلب بالحاح كبير من الحكومة الروسية اجراء تحقيق فوري وشامل للعثور على المسؤولين عن هذه الجريمة البغيضة وملاحقتهم ومحاكمتهم«. وذكر ماكورماك بأن 12 صحافيا اغتيلوا في روسيا في السنوات الست الماضية، موضحا ان ترهيب الصحافيين وقتلهم يشكل «اهانة لوسائل الاعلام الحرة والمستقلة وللقيم الديمقراطية».

من جهتها، عبرت منظمة العفو الدولية التي تدافع عن حقوق الانسان عن «غضبها» اثر مقتل بوليتكوفسكايا مؤكدة «انها استهدفت بسبب عملها الصحافي» الشاهد على انتهاكات حقوق الانسان في الشيشان. وقالت المنظمة في بيان انها «على يقين ان بوليتكوفسكايا استهدفت بسبب عملها الصحافي الشاهد على انتهاكات حقوق الانسان في الشيشان ومناطق اخرى في روسيا»، مبدية «حزنها وغضبها الشديد».