مسؤول أميركي لـالشرق الأوسط» : لا موعد لاجتماع مجلس الأمن.. والعقوبات على إيران تركز على المواد المزدوجة الاستخدام

الدول الكبرى تبحث مسودة عقوبات من مرحلتين.. وتحسب لتأثيراتها الإقليمية

TT

اكد مسؤول بارز في وزارة الخارجية الاميركية ان هناك غموضا في موعد اجتماع مجلس الامن الدولي بخصوص ايران، موضحا في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» ان المشاورات بين اميركا وحلفائها ما زالت جارية، وان الامر يحتاج الى بعض الصبر، موضحا ان العقوبات ستركز على المواد ثنائية الاستخدام المدني والعسكري. ويأتي ذلك فيما بحثت الدول الكبرى أمس طبيعة العقوبات المحتمل فرضها على ايران. وقالت مصادر مطلعة ان هناك نحو 15 عقوبة محتملة يمكن ان تفرض على طهران في محاولة لردعها عن مواصلة تطوير برنامجها النووي، ووفقا لمسودة اولية حول العقوبات من صفحتين، فإن العقوبات ستكون على مرحلتين، ستركز الاولى على تجميد اصول ومنع اية تجارة مع ايران مرتبطة بالبرامج النووية او البالستية الايرانية. وفي حال رفضت طهران الامتثال، ستسعى واشنطن الى اجراءات يمكن ان تؤثر على اقتصاد ايران وحكومتها، غير ان طهران لم تبد أمس قلقا من التهديدات، وقال الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد ان بلاده لن تتخلى عن تخصيب اليورانيوم، متهما الدول التي تضغط من اجل معاقبة طهران بأنها «دول تمارس البلطجة». وقال المسؤول الاميركى ان النقاشات حول موعد اجتماع مجلس الامن بخصوص ايران، بدأت خلال زيارة وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس الى لندن الاسبوع الماضي، موضحا ان الخطط جارية للاتفاق على موعد محدد لاجتماع مجلس الامن. وأشار المسؤول الذي لا يستطيع الكشف عن هويته الى ان تحديد الموعد يحتاج الى توافر عدة عوامل، من بينها التنسيق بين اميركا وحلفائها، مشيرا الى ان «هناك غموضا» ما زال يخيم على موعد الاجتماع، غير انه شدد على ان رايس اكدت ان الادارة ستكون صبورة خلال المباحثات. وحول الموقف الروسي ـ الصيني من احتمال فرض عقوبات على طهران في مجلس الامن، قال المسؤول الاميركى ان «روسيا والصين وقعتا على القرار 1696 الصادر من مجلس الامن، ومن ضمن نصوص القرار القول ان العقوبات احد الخيارات التي يجب ان يفكر بها المجتمع الدولي كعواقب لعدم امتثال طهران لمطلب وقف تخصيب اليورانيوم». وأشار المسؤول الى ان خيار العقوبات لم يكن الخيار المفضل، وان الاتجاه كان لمواصلة المفاوضات مع طهران، محملا طهران مسؤولية توقف المفاوضات بسبب اصرارها على مواصلة التخصيب. وقال ان طهران لم تستغل العرض الذي قدمته رايس في اغسطس (اب) الماضي، والذي ينص على مشاركة واشنطن في محادثات مباشرة مع طهران، بالاضافة الى الدول الاوروبية فيما يتعلق بصفقة الحوافز الاقتصادية والسياسية والامنية، ولكن بشرط تجميد التخصيب، وهو الشرط الذي رفضته طهران. وحول السيناريوهات الاخرى امام الادارة الاميركية اذا ما فشل مجلس الامن في التوصل الى اتفاق بفرض عقوبات، قال المسؤول الاميركى «من الصعب التنبؤ بما قد يحدث، يجب ان نتحرك خطوة خطوة، وننتظر لنرى ماذا سيحدث». وأوضح ان المشاورات ما زالت تدور للاتفاق على قائمة العقوبات، موضحا ان القائمة النهائية للعقوبات ستعلن في وقتها. وأشار الى ان الغالب هو تركيز العقوبات على المواد ثنائية الاستخدامات المدنية والعسكرية، التي يمكن ان تستخدم في تطوير البرنامج النووي، مشددا على ان العقوبات لن تشتمل على بنود من شأنها ان تمس الشعب الايراني. واستبعد المسؤول الاميركي معاودة التفاوض مع طهران في الوقت الحالي طالما لم توقف التخصيب، موضحا ان دعوات الرئيس الايرانى لاستئناف الحوار الآن «مماطلة». ونفى المسؤول الاميركى وجود اى اتصالات مباشرة بين واشنطن وطهران، موضحا «هذا هو الحال منذ سنوات، للأسف نحن كسفينتين تعبران النهر نفسه من دون أن تلتقيا». وذكر ان الاتصالات بين طهران وواشنطن فيما يخص الملف النووي والقضايا الاخرى، تتم عبر السفارة السويسرية في طهران التي ترعى المصالح الاميركية، كما تتم، بحسب المسؤول الاميركي، عبر وسائل الاعلام التي تنقل وجهات نظر الطرفين في القضايا المختلفة. وحول المخاوف الاقليمية من رد فعل ايران في حال فرض عقوبات عليها، واحتمال ان تلجأ الى الرد على واشنطن، عبر التأثير على الاحداث في العراق ولبنان وافغانستان، قال المسؤول الاميركى ان هذا يؤخذ بالاعتبار، مشيرا الى انه لا أحد يريد المواجهة او التصعيد، وقال ان هناك تنسيقا بين اميركا ودول المنطقة فيما يتعلق بالموضوع الايراني لدراسة كل التطورات. من جهة أخرى، عقدت الدول الكبرى أمس اجتماعا للبحث في محتوى العقوبات التي يمكن فرضها على ايران لوقف برنامجها لتخصيب اليورانيوم. وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية شون ماكورماك ان دول مجلس الامن الخمس (اميركا وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا) بالاضافة الى المانيا تجري مفاوضات حول الملف النووي الايراني على مستوى المديرين السياسيين لوزارات الخارجية لاتخاذ قرار حول طبيعة العقوبات بحق طهران. وقال ماكورماك خلال مؤتمر صحافي ان اجتماع المديرين السياسيين لوزارات الخارجية في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والمانيا وروسيا والصين سيكون عبر الدائرة المغلقة. وأوضح ان مساعد وزيرة الخارجية للشؤون السياسية نيكولاس بيرنز سيمثل الولايات المتحدة في هذا الاجتماع الذي سيبدأ بعده سفراء الدول الست في الامم المتحدة صياغة القرار المتعلق بالعقوبات، وقال «اعتقد ان الجميع سيتفقون بعد هذا الاجتماع على احالة الملف على السفراء الدائمين في الامم المتحدة». وقد طغت التجربة النووية الكورية الشمالية التي اعلنت بيونغ يانغ عنها الاثنين على الجهود لاعداد مشروع قرار ينص على عقوبات على ايران. لكن وفي سلسلة من المقابلات مع محطات تلفزيون اميركية، قالت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس انه رغم التطورات الكبيرة في شمال شرق آسيا ما زالت تجرى تحركات موازية لصياغة قرار يتضمن عقوبات على ايران. وأكدت ان الولايات المتحدة «قادرة تماما على الاهتمام بعدة مشاكل في وقت واحد»، موضحة انها واثقة من انه «سنحصل على قرار لمجلس الامن تحت المادة 41 من الفصل السابع» من ميثاق الامم المتحدة ضد ايران. وقالت رايس ان المحادثات بشأن قرار ضد ايران ستكون ابطأ من المناقشات السريعة التي تجرى بشأن كوريا الشمالية التي تشكل تهديدا اقرب. ودعت رايس الى سلسلة من العقوبات التدريجية للضغط على ايران لدفعها الى تعليق برنامجها لتخصيب اليورانيوم وبدء مفاوضات مع الدول الست حول مجموعة من الحوافز الاقتصادية والسياسية بما في ذلك اتصالات مباشرة مع واشنطن ستكون الاولى منذ حوالي ثلاثين عاما.

لكن طهران لم تبد تراجعا عن موقفها من التخصيب بالرغم من التهديدات. ودعا الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الغرب الى تغيير نهجه ازاء بلاده التي قال عنها انها تزداد قوة في الوقت الذي يزداد الغرب ضعفا. وحث احمدي نجاد الغرب «الدائم العبوس والذي يزداد ضعفا» على تغيير نهجه تجاه الشعب الايراني. وتساءل احمدي نجاد في كلمة القاها في مدينة شهريار على مشارف طهران «ما هي الفائدة التي جناها الغرب من 27 عاما من العبوس والمزاج المتعكر؟»، في اشارة الى الفترة منذ قيام الثورة الايرانية في ايران عام 1979. وتساءل «الا تعتقدون ان الوقت قد حان لتراجعوا (نهجكم) وتكونوا اصدقاء الشعب الايراني؟». كما قال ان بعض القوى العالمية تمارس البلطجة ضد ايران بسبب برنامجها النووي. ولم يحدد احمدي نجاد اسماء الدول غير أنها بدت اشارة للولايات المتحدة والدول الاوروبية. وقال احمدي نجاد في كلمة نقلتها وكالة «ارنا» الايرانية للانباء ان بلاده لن تتخلى عن حقها في تطوير دورة الوقود النووي. وقال الرئيس الايراني ان بلاده تريد عقد محادثات لحل الازمة غير أن دبلوماسيين غربيين يشكون في أن ايران تفاوض لتعطيل اتخاذ اجراء وليس بهدف التوصل الى اتفاق، وأضاف «في ردنا على مجموعة الحوافز النووية اقترحنا اطار عمل علميا وقانونيا ومنطقيا ونحن مستعدون للتفاوض ضمن هذا الاطار»، مستبعدا تعليق التخصيب كشرط مسبق لعقد محادثات وهو ما تنص عليه مجموعة الحوافز.

ومن ناحيته، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان هناك امكانيات لتسوية ملف ايران النووي، وأضاف بوتين في تصريح لصحيفة «زوددويتشه» الالمانية أمس «نحن نتدارس حاليا كافة الخيارات ونعتقد بوجود الفرص لتسوية ملف ايران النووي». وقال بوتين «لا يجب ان نتحرك باتجاه طريق مسدود وسوف نجد الحل فيما اذا كان هناك استعداد للتوصل الى اتفاق». وأضاف «ان السنوات الماضية اثبتت بان مثل هذه القضايا تحل فقط بصورة مشتركة ولن يسمح لبلد واحد بفرض ارائه على الآخرين». وعلى صعيد آخر، قالت وزارة الخارجية الاميركية انه رغم مساعي الولايات المتحدة لحث الامم المتحدة على فرض عقوبات على طهران فان ادارة بوش تدرس السماح لشركة أميركية بتصدير قطع غيار لاصلاح طائرات ايرانية. وقال شون مكورماك المتحدث باسم وزارة الخارجية ان وزارتي الخارجية والتجارة أبلغتا الكونغرس يوم الجمعة الماضي عزمهما اصدار توصية الى الخزانة الاميركية للسماح لشركة اميركية بتصدير قطع غيار لاصلاح ست طائرات ايرانية. ولم يتضح على الفور المدة التي سيستغرقها منح مثل هذه الرخصة ولم يكشف عن اسم الشركة. وقال مكورماك ان الرخصة ستسمح بتصدير قطع غيار وبيانات تقنية لاصلاح «عدد محدود» من محركات تربينية اميركية الصنع في طائرات من نوع «ايرباص» تشغلها شركة الطيران الايرانية «ايران اير». ووفقا للقانون الاميركي فان أيا من تلك الصادرات لن تذهب الى ايران مباشرة وسيجرى اجراء جميع الاصلاحات في دولة ثالثة. وقال مكورماك ان قرار طلب رخصة لتصدير قطع غيار للطائرات الايرانية يتماشى مع التزام ادارة بوش باستخدام العقوبات «لاستهداف النظام الحاكم وليس الشعب الايراني».