اليمن: «التخزين» أولوية الأولويات.. و«الشفوت» القاسم المشترك على موائد إفطار رمضان

TT

صنعاء ـ ا.ف.ب: بعد خمول يوم رمضان الطويل تدب الحياة فجأة في سوق «الحصبة» في صنعاء قبل حوالي ساعة من نهاية يوم الصيام حيث يسارع كل يمني الى نيل نصيبه من القات.

ويجلس الرجال شيبا وشبابا مدثرين بلباسهم التقليدي وقد تمنطقوا «الجنبية» (الخنجر اليمني التقليدي)، وهم يعالجون بعناية حزمات القات التي طرحت على اغطية في الشارع او على بسطات السوق.

وتزداد الجلبة مع اقتراب موعد الافطار وارتفاع أذان صلاة المغرب. ويعتبر اغلب اليمنيين ان التزود بالقات اولوية الاولويات.

ويقول سيف العربي، 36 عاما، «منذ ان انهض من النوم لا افكر إلا في موعد ارتفاع صوت المؤذن ايذانا بنهاية فترة الصيام. وبعد لقيمات وسيجارة أبدأ التخزين».

وتعني عملية التخزين مضغ اوراق القات لفترة ثم تخزينها في احد جانبي الفم.

وتعتبر اجود انواع القات الذي يزرع في كل مكان من اليمن، تلك التي لم تخالطها المبيدات ولا المواد الكيماوية. وفي صنعاء، يعتبر قات «الهمداني» الافضل وتباع الحزمة منه بما بين 10 و15 دولارا.

ويتراوح مبلغ استهلاك الفرد في اليمن للقات يوميا ما بين 500 ريال يمني (6.2 دولار) للأشد فقرا الى خمسة آلاف ريال (26 دولارا) للاغنياء.

ويبلغ معدل الراتب الشهري في هذا البلد الذي يعيش اكثر من 40 في المائة منه تحت حد الفقر، 120 دولارا.

وفي المنازل تقطف النساء اوراق حزم القات وتضعها في اكياس من البلاستيك يحملها الرجال معهم في سهراتهم الليلية.

وتبدأ عملية التخزين بعد الظهر وتستمر الى ان يحل الظلام غير ان شهر رمضان يغير هذه المواعيد. ويتحول النهار خلال شهر رمضان إلى ليل حيث يمضي الصائمون نهارهم في النوم او في انشطة محدودة جدا، في حين يتحول الليل حال حلول ساعة الافطار الى فترة حركة وتجارة ونشاط مكثف. واصبحت مواعيد الدوام الرسمي في شهر رمضان في الادارات من الساعة 11.00 الى الساعة15.00.

ويؤكد علي العنزي، موظف، ان «الموظفين يأتون الى الادارات حوالي منتصف النهار ولا يبقون فيها لحين نهاية الدوام». واضاف «لا يمكن ان تنهي معاملة او تسوي امرا اداريا قبل نهاية شهر رمضان وايام العطلة الثلاثة» التي تليه لمناسبة عيد الفطر.

وفي فندق فاخر وسط العاصمة، طلبت ادارة الفندق من النزلاء الانتقال الى جناح آخر وذلك حتى لا ينزعجوا من قيام عمال بتجديد احد الاجنحة ليلا في رمضان.

وقال مدير الفندق «بما اننا في شهر رمضان العمال لا يعملون الا ليلا. وهم سيقومون بهدم جدران الجناح القديم بين الساعة العاشرة ليلا والرابعة فجرا».

وفي اليمن، كما في باقي الدول الاسلامية يمثل شهر رمضان، وهو عادة شهر التقشف والزهد والبساطة، ايضا شهرا للمآدب المتنوعة والكبيرة.

وتتجاور شوربة الشعير والسلطة المكونة من كريات الفول والخضراوات والبهارات، مع اللحم المعد على نار هادئة.

غير ان طبق «الشفوت» وحده يمثل القاسم المشترك بين كافة موائد الطعام في رمضان، وهو طبق مقبلات يصنع من دقيق الذرة المخلوط بالشبث ما يجعل لونه يميل الى الاخضر.

وفي عاصمة اليمن المحافظ تخرج النساء مرتديات اللباس الاسود الطويل ليلا للتسوق ويجلن في هدوء في شوارع وازقة المدينة العتيقة المليئة بالحياة والنشاط.

غير ان الليل يمثل ايضا موعدا للرجال للصلاة والقيام في المساجد حتى موعد السحور على حين تتحلق النساء في الغالب لمتابعة المسلسلات التلفزيونية.