جبهة البوليساريو تطلب من ملك إسبانيا التوسط لدى المغرب لتحترم الرباط «مبدأ تقرير المصير»

TT

ذكرت مصادر إعلامية إسبانية أمس، استنادا إلى بيانات استقتها من الجزائر، أن جبهة البوليساريو، التي تدعو إلى انفصال الصحراء عن المغرب، طلبت من العاهل الإسباني الملك خوان كارلوس، بواسطة رسالة مكتوبة، تلقاها القصر الملكي في مدريد (لا ثارثويلا) يوم الخميس الماضي، القيام بالتوسط بينها وبين الملك محمد السادس، بالنظر إلى علاقات الصداقة التي تجمع العاهلين الإسباني والمغربي.

وطلبت الحركة الانفصالية من الملك كارلوس التدخل لدى جاره الجنوبي كي يحترم هذا الأخير، ما تسميه جبهة البوليساريو، مبدأ تقرير المصير للشعب الصحراوي.

وفي إشارة تحريضية، تعرضت الجبهة في رسالتها طبقا لما ورد في فقرة بثتها وكالة «إيفي» الإسبانية الرسمية، إلى واقعة منع وفود برلمانية محلية ووطنية إسبانية من زيارة المحافظات الصحراوية المغربية، آخرها وفد عن البرلمان الأوروبي يتكون أغلب أعضائه من إسبانيا، جرى خلاف بين البرلمان المغربي ونظيره الأوروبي، بخصوص تركيبته التي اعتبرتها الرباط غير متوازنة ومنحازة لأطروحة الانفصال، مما يجعل أي تقرير صادر عن البعثة غير ذي مفعول.

ولم تشر الوكالة الإسبانية إلى القنوات التي سلكتها رسالة البوليساريو قبل أن تصل إلى القصر الملكي الاسباني، ولا إلى التوقيع الذي تحمله، هل هي رسالة جماعية باسم قيادة جبهة البوليساريو؟ أم أنها مذيلة فقط بتوقيع محمد عبد العزيز، الذي يجمع بين صفتي الأمانة العامة للجبهة ورئاسة ما يسمى «الجمهورية العربية الصحراوية».

ويتساءل ملاحظون عن الدوافع التي حملت جبهة البوليساريو، على التوجه كتابة إلى ملك إسبانيا، في شأن نزاع سياسي دولي معقد، لا سيما أن الحركة الانفصالية تدرك جيدا أن سلطات الملك كارلوس محدودة في مجال السياسة العامة للبلاد، بل هو ينأى بنفسه عن مزاحمة الحكومة أو التشويش على قراراتها احتراما منه لبنود الدستور الإسباني، الذي يمنح السلطات التنفيذية الشاملة للحكومة التي يصادق عليها البرلمان على الرغم من وجود تناغم بين الاشتراكيين والملك إزاء عدد من القضايا الكبرى، بل إن رئيس الوزراء الحالي اعتبر الملك في بداية عهد حكومته أعظم وأول سفير لإسبانيا لدى دول العالم.

ويمكن النظر إلى مبادرة جبهة البوليساريو على أنها تتضمن معنيين؛ أولهما أنها أصبحت يائسة من مطاوعة الحكومة الاشتراكية لها في مطالبها الانفصالية، وتجاهل الموقف المغربي جملة وتفصيلا، خاصة أن جار إسبانيا الجنوبي ما فتئ يبدي مرونة متزايدة لجهة إيجاد حل تفاوضي سلمي للنزاع. وتعرضت الحكومة الاشتراكية وبالخصوص رئيس الوزراء خوسي لويس ثاباتيرو، ووزير خارجيته، ميغل أنخيل موراتينوس لكثير من النقد بأساليب شتى من قبل قيادة جبهة البوليساريو، تلميحا وتصريحا نتيجة مساعيهما التوفيقية، مع التذكير أن مقاربة مدريد لنزاع الصحراء ليست هي بالضرورة نفسها التي يدافع عنها المغرب، لكن الجهود الدبلوماسية التي بذلتها الحكومة الإسبانية الحالية تصب في اتجاه التوصل إلى حل توافقي يضمن لها مصالحها الإستراتيجية والاقتصادية في المنطقة معتبرة النزاع عنصر عدم استقرار.

وطبقا لقرائن سياسية، فإن العاهل الإسباني، ملتزم ومقتنع دستوريا وسياسيا بالمواقف التي تتبناها حكومته المعبرة عن الإرادة الشعبية، ولم يعرف عنه أنه عاكس إرادة حكومة بدليل أنه امتنع عن زيارة المغرب خلال ولايتي حكومة رئيس الوزراء السابق خوسي ماريا أثنار، الذي أشعل عدة أزمات مع الرباط، عبر الملك كارلوس عن امتعاضه منها دون أن يعرب عن ذلك جهارا، كدأبه الدائم حيال قضايا السياسة الدولية الكبرى مثل عدم رضاه عن تورط بلاده في الحرب على العراق التي كان أثنار أحد الذين دقوا طبولها.