إدارة الأمن العام المغربي تعيد انتشار أفراد «شرطة القرب» التي انشأها الجنرال العنيكري

فيما اعتبر مقدمة لحلها

TT

بدأت تبعات إقالة المدير العام السابق للأمن الوطني المغربي، الجنرال حميدو العنيكري، تظهر عقب مرور بضعة أسابيع فقط من إعفائه من مهامه وتعيينه مفتشا عاما للقوات المساعدة، على خلفية ملف محمد الخراز، المتهم بالاتجار في المخدرات، الذي اسقط رؤوسا أمنية كثيرة.

وأعلنت الإدارة العامة للأمن الوطني المغربي في بيان صدر امس عن «إعادة انتشار أفراد المجموعة الحضرية للأمن»، وهي المجموعات التي أنشأها الجنرال العنيكري قبل بضع سنوات بهدف السيطرة على معدل الانحراف والجريمة، المتصاعد في البلاد، غير أنها ساهمت، في رأي الكثير من المغاربة، في زرع البلبلة وأدت بعض تدخلاتها إلى وفاة مواطنين.

وقال البيان إنه تقرر إعادة انتشار هذه القوات في كل مناطق المغرب في إطار «العمل على جودة الموارد البشرية للأمن، وتعزيز دوره وتأهيله للقيام بالمهام الموكولة إليه من أجل ضمان سلامة المواطنين وحماية ممتلكاتهم والوقاية من خرق القانون».

وجاءت عبارة «إعادة الانتشار» في البيان لتلقي الكثير من الشكوك حول إن كانت عملية الانتشار الجديدة هذه تهدف إلى تنظيم جديد لهذا القطاع، أم أنها بداية تصفية تركة العنيكري، الذي خرج من مهامه بشكل مفاجئ بعد أن كان في أوج قوته.

وكان إنشاء تلك المجموعات الحضرية للأمن، والتي أطلق عليها رسميا اسم «شرطة القرب»، قد خلف مشاعر متناقضة في الشارع المغربي. وفي الوقت الذي رأى فيه البعض أن إنشاءها سيحد من معدل الانحراف والجريمة في الشارع، فإن آخرين رأوا فيها أنها مجرد حالة استعراضية لجنرال يحاول أن يثبت قوته في الشارع وأمام خصومه من الهيئات العسكرية الأخرى.

وخلف ظهور تلك المجموعات الأمنية الكثير من الصدى في البلاد، خصوصا وأن تحركاتها كانت تتم بطريقة فيها الكثير من البهرجة، حيث كانت سيارة أمن تتقدم في البداية وداخلها ثلاثة أو أربعة أفراد أمن، وتتبعهم دراجات نارية الهدف منها ملاحقة المنحرفين في أي مكان بما فيها الأزقة الضيقة التي عادة ما يصعب على سيارات الأمن دخولهـا.

غير أن السخط تجاه بعض هذه المجموعات الأمنية سرعان ما بدأ يتصاعد حيث لاحقتهم أخبار تتراوح بين الحقيقة والإشاعة عن تورطهم في عمليات ارتشاء كثيرة، وابتزاز الناس والاستخدام المفرط للقوة.

غير أن تهم الارتشاء التي يصعب التحقق منها تراجعت إلى الخلف بعد أن لقي مغاربة حتفهم خلال اعتقالهم أو مطاردتهم من طرف بعض عناصر هذه المجموعات، وكان أبرز مثال على ذلك هو حادث مقتل شاب في مدينة سلا (شمال الرباط) بعد أن طاردته عناصر من هذه الشرطة. وقالت عائلة وأصدقاء القتيل إن أحد أفراد الشرطة أسقط الشاب ودهسه بدراجته النارية وداس فوقه عدة مرات حتى فارق الحياة. كما لقي شاب آخر حتفه بعد أن رمى بنفسه على واجهة زجاجية لمحل تجاري ولفظ انفاسه على الفور.

وكانت هذه الحوادث قد خلفت سخطا كبيرا في الشارع المغربي، وخرجت مظاهرات للتنديد بما أسموه «خروقات شرطة القرب».

وأطلق المغاربة الكثير من النكات على هذه القوات الأمنية، وأطرف لقب أطلق عليهم هو «شرطة كرواتيا»، لأن قبعاتهم تتوفر على مربعات حمراء وبيضاء شبيهة بالعلم الكرواتي، أو شبيهة ايضا بالقمصان التي يرتديها لاعبو المنتخب الكرواتي لكرة القدم.

وفي منطقة شمال المغرب، أطلق الناس على هذه الشرطة لقب «الزرقاوي»، لأن ملابس أفرادها وسياراتها زرقاء بالكامل، وفي اللقب أيضا إحالة على العنف غير المبرر الذي يمارسه بعض أفرادها في الكثير من الأحيان.

غير أن كل تلك الخروقات التي تحدث عنها الناس لم تكن تجد طريقها إلى التحقيق في ظل وجود الجنرال العنيكري على رأس المؤسسة الأمنية، وهو الذي كان يعتبر نفسه الرجل الأمني الأكثر قوة في المغرب، قبل أن يتحول إلى مفتش عام للقوات المساعدة.