منظمة أميركية: أرقام لانست حول وفيات العراق تطرح تساؤلات حول دور الهيئات الحكومية والإعلام

«إيراك بودي كاونت» تتساءل عن دلالات الأرقام

TT

هل يمكن ان يكون الرقم الهائل لعدد القتلى في العراق، منذ الاجتياح الاميركي البريطاني للبلاد، الذي قدمه تقرير مجلة «لانست» الطبية البريطانية، المثير للجدل يخفي عجزا كبيرا من جانب وسائل الاعلام المحلية والاجنبية على حد سواء، وعجزا مماثلا من جانب الهيئات الحكومية وتلك الانسانية الناشطة في البلاد في ما يشبه التواطؤ؟

سؤال تطرحه مجموعة «ايراك بودي كاونت» الاميركية المتخصصة في تعداد الوفيات في العراق، في مرحلة ما بعد الاجتياح، استنادا الى البيانات الاخبارية لوسائل الاعلام، بعدما فاق العدد الذي قدمته دراسة «لانست» (655 الف قتيل)، التي كشف عنها قبل ايام، الارقام الاخيرة للمجموعة (15 الفا تقريبا) بفارق 12 ضعفا. وتكتفي المجموعة، في بيان مطول نشرته على موقعها للانترنت امس، بتفنيد معطيات تقرير «لانست» والرد عليه نقطة نقطة، من دون رفضه او قبوله في المطلق، اذ تقف عند حد التحليل وطرح التساؤلات. وتقول المجموعة في بيانها، ان «ثمة اسبابا كبيرة تدعو للتشكيك» حيال تقرير «لانست»، الا انها تشير الى ضرورة «بذل المزيد من جانب الهيئات الرسمية لتقدير المعاناة الانسانية الناجمة عن الاجتياح والاحتلال».

وتعلق المجموعة على خمسة استنتاجات، جاءت بها دراسة «لانست»، التي اثارت نفيا واسعا من الاوساط الرسمية الاميركية، اذ وصفها الرئيس الاميركي جورج بوش بانها «غير موثوق بها».

تشير دراسة «لانست» الى ان متوسطا من الف عراقي قتلوا في اعمال عنف كل يوم في النصف الاول من عام 2006، الا ان اقل من عشر هؤلاء تم الاخبار عن وفاتهم عبر آلية معروفة. وبناء على ذلك يقدر باحثو «ايراك بودي كاونت» وجود 150 حالة وفاة باعمال عنف يوميا لم يتم الابلاغ عنها، او نقلها عبر أي آلية معترف بها. وتتساءل المجموعة ما اذا كانت هذه الوفيات، في حال ثبت انها فعلية، عائدة الى اعمال قتل «سرية»، تتمثل بالخطف او الاعدامات؟ إلا انها تشير في الوقت نفسه الى انه من غير المرجح ان تبقى اعمال قتل بهذا النطاق الواسع خفية على وسائل الاعلام العاملة في العراق وبشكل متواصل.

كذلك، تقول المجموعة ان نتائج دراسة «لانست»، في حال كانت واقعية، فانها تعني ان نصف مليون شهادة وفاة تتلقاها عائلات عراقية لا يسجل اصدارها رسميا، في حين انه حتى تاريخ يونيو (حزيران) 2006، بلغت ارقام الوفيات، التي قدمتها وزارة الصحة العراقية ومشرحة بغداد، ما يقارب الخمسين الف وفاة. وتتساءل المجموعة ما اذا كان ذلك يعني ان 500 الف وثيقة اصدرتها هيئات رسمية اختفت وليس لها أي اثر في الهيئات الرسمية العراقية او وسائل الاعلام العالمية، وان هناك جهدا للتغطية على هذه الوفيات الكثيرة والوثائق المرتبطة بها. وبحسب دراسة «لانست»، التي اعدها فريق من الباحثين العراقيين والاميركيين من جامعتي المستنصرية في بغداد وجون هوبكنز في الولايات المتحدة، فان قوات التحالف قتلت عددا اكبر من العراقيين في العام الاخير منها في الاعوام الاولى للغزو، وما شهده من هجمات ضخمة. ولكن تتساءل مجموعة «ايراك بودي كاونت»، هل يمكن ان تحصل عمليات قتل واسعة النطاق وبهذا الحجم، من دون ان يتم تسجيلها من جانب أي جهة حتى الشهود العيان في دولة تشهد مستوى النمو والتعليم الذي يتمتع به العراق؟ وتخلص مجموعة «ايراك بودي كاونت» الى ان هذه الاستتناجات «المثيرة للصدمة»، التي توصلت اليها دراسة «لانست» الجدلية في حال تبين انها صحيحة فانها تكشف «عدم كفاءة او تزوير على مستوى واسع من جانب الهيئات العراقية، من المستشفيات الى الوزارات، في جهد منسق منذ بداية الاحتلال».

كما ان الدراسة تظهر في حال كانت صحيحة، عجز الوكالات المحلية او الخارجية عن تسجيل هذه الوفيات في مناطق مدينية من العراق، كما تظهر ايضا، في حال صحتها، «فشلا ذريعا» لوسائل الاعلام العراقية كما الدولية في تسجيل عمليات قتل بهذا الحجم الهائل. الا ان «ايراك بودي كاونت» تخلص الى السؤال الآتي، «هل يحتاج الشعب الاميركي الى ان يصدق ان 600 الف عراقي قتلوا، حتى يقول لقادته (هذا يكفي)؟».