طالب لجوء سوداني في لندن يدعي مشاركته في جرائم «الجنجويد» بدعم من حكومة الخرطوم

وزارة الخارجية البريطانية: تبعات قانونية محتملة للتصريحات

TT

انشغلت وسائل الاعلام البريطانية أمس بقضية طالب لجوء سوداني يدعي انه راعي غنم عربي شارك بجرائم قوات الجنجويد في دارفور بتعليمات من الحكومة السودانية. وتعتبر شهادة طالب اللجوء، الذي لم يكشف عن اسمه، الاولى التي تربط علناً بين الحكومة السودانية وقوات الجنجويد مباشرة. وبينما رفضت وزارة خارجية السودان الادعاءات، قالت الخارجية البريطانية ان الادعاءات «قد تكون لها تبعات قانونية». وقال طالب اللجوء السوداني «علي» ان وزير الداخلية السوداني عبد الرحيم محمد حسين كان من «الزوار المعروفين لمعسكرات الجنجويد». وأضاف علي في مقابلة مع هيئة الاذاعة البريطانية «بي بي سي» مساء أول من أمس ان «الذين دربونا جاءوا من الشمال، من الحكومة، اعطونا اوامر وقالوا انهم سيعطوننا اسلحة وذخيرة بعد انتهاء التدريب». ورداً على سؤال عن سبب قوله ان الرجال الذين كانوا يدربونهم كانوا من الحكومة، اوضح علي انهم «كانوا يرتدون بزات الجيش».

واقر علي خلال المقابلة بقتل ابرياء في دارفور. وقال ان الجنود السودانيين يدربون عناصر الجنجويد وان سلاح الجو السوداني قصف بلدة قبل دخول الجنجويد اليها لقتل سكانها. ونشط علي، بحسب هيئة الاذاعة البريطانية، في الميليشيا لمدة سنتين. وذكر انه شارك في اكثر من خمسين هجوما على القرى وبينها هجوم على قرية جانغا. وقال: «مر الطيران قبل الجنجويد. رأينا الدخان ورأينا النار، ثم دخلنا».

واقر الرجل بأن عناصر آخرين في وحدته اقدموا على اغتصاب نساء في القرى التي تعرضت للهجوم. وقال: «نعم. كانت هناك عمليات اغتصاب كثيرة. الا انهم لا يقومون بها امام الآخرين. يأخذون الضحية بعيدا ويغتصبونها».

وفي مقابلة مع صحيفة «ذا تايمز»، قال طالب اللجوء ان «الحكومة السودانية تخدع رعاة الغنم العرب الابرياء ليلتحقوا بالجنجويد». وشدد على ان الغرض من افعال الجنجويد هو «التطهير العرقي، والا لماذا تهجم على القرى وتقتل الناس وتهجرهم وتقتلهم بالآلاف». وأضاف: «غالبية (الضحايا) مدنيين، واكثرهم من النساء». ويذكر ان الشخص المدعو قدم طلباً للحكومة البريطانية باللجوء السياسي قبل «بضعة أشهر»، الا ان وزارة الداخلية البريطانية رفضت التعليق مباشرة على قضيته.

ومن جهتها، نفت الحكومة السودانية ادعاءات طالب اللجوء السوداني. وقال ناطق باسم الخارجية السودانية علي الصادق لـ«بي بي سي» امس ان الحكومة السودانية تسعى لنزع سلاح الميليشيا. واعتبر الناطق ان الادعاءات جاءت بغرض حصول الشخص على اللجوء السياسي، قائلاً: «هذا الموضوع يضعف كل ما قاله».

وقال مصدر في وزارة الخارجية البريطاني مطلع على الملف السوداني لـ«الشرق الأوسط»: «اذا كان المدعو مستعدا لقول ما يقوله علناَ وباسم واضح، فحينها قد تتوجه الحكومة البريطانية بتساؤلات واضحة للحكومة السودانية، ولكن حتى الآن هذه ما زالت ادعاءات». ولفت المصدر الى ان «صندوق ايجيس مؤسسة يمكن الاعتماد عليها ومن غير المرجح ان تكون قد اختلقت هذه القصة». وأضاف: «نمد الثقة التي نعطيها لـ«صندوق ايجيس» الى هذا الشخص». وأقر المصدر ان تصريحات «علي» قد يكون لها «تبعات قانونية مهمة للحكومة السودانية»، مشيراً الى ضرورة «توصيل هذه الادلة الى المحكمة الدولية الجنائية». ولكنه أضاف: «لا يمكن مخاطبة الحكومة السودانية رسمياً بهذا الشأن استناداً على تصريحات شخص ملثم ولا يظهر وجهه». وعلق وزير التعاون الدولي البريطاني هيلاري بن العائد من الخرطوم على المقابلة: «انه اثبات واضح وانا احث على تسليم هذه المعلومات الى محققي المحكمة الجنائية الدولية».

واكد الناطق باسم منظمة «صندوق ايجيس» ديفيد براون لـ«الشرق الأوسط» ان السوداني الذي اجرت «بي بي سي» مقابلة معه مساء اول من أمس، هو نفس الشخص الذي اجرت صحيفة «ذا تايمز» مقابلة معه. وبينما قالت «بي بي سي» ان اسمه الاول علي، قالت «ذا تايمز» ان اسمه دلي، الا ان براون اكد ان كلا الاسمين ليسا الاسم الحقيقي للشخص، لأنه «يخشى على حياته ولذلك لا يستطيع الافصاح عن هويته». وذكرت «بي بي سي» ان علي لديه زوجة وابن وعائلة في السودان يخشى على حياتهم فلا يستطيع التصريح علناً ضد الحكومة السودانية والجنجويد. ويذكر ان منظمة «صندوق ايجيس» تعرفت على طالب اللجوء السوداني من احد ابناء الجالية السودانية في لندن وكانت وراء ظهوره في وسائل الاعلام البريطانية. وقال براون: «يمكن الاعتماد على هذا الشخص ويجب الاعتراف بأن تصريحاته فريدة ولم يتجرأ احد في الماضي على قول ما قاله». وقال براون ان طالب اللجوء وصل الى بريطانيا قبل بضعة اشهر وانه طلب اللجوء السياسي. وأضاف: «يمكن لشهادته ان تورط قيادات عليا في السودان وتحاسبهم على الجرائم ضد الابرياء».