لاريجاني يحذر من عواقب تشمل الشرق الأوسط.. ويلوح بمنع المفتشين من دخول إيران

دبلوماسيون في وكالة الطاقة الذرية لـ«الشرق الأوسط»: كاميرات الوكالة عند «ناتانز» و«أصفهان».. وتقرير حاسم في نوفمبر

TT

في اول رد فعل ايراني رسمي على اعلان اوروبا تأييدها فرض عقوبات على طهران بسبب عدم تجميدها تخصيب اليورانيوم، قال كبير المفاوضين الايرانيين في الملف النووي، علي لاريجاني، ان اصدار مجلس الامن قرارا ضد ايران لن يؤدي إلا لجعل الوضع «اكثر تعقيدا»، وستكون له عواقب سلبية في منطقة الشرق الاوسط، والى تأخير حل ازمة الملف النووي، ملوحا في الوقت ذاته بوقف تعاون طهران مع وكالة الطاقة الذرية. وفيما قالت مصادر دبلوماسية في وكالة الطاقة الذرية لـ«الشرق الاوسط» انه برغم بحث مجلس الامن فرض عقوبات على طهران، الا ان مفتشي وكالة الطاقة الذرية ما زالوا يذهبون الى ايران بشكل دوري، وأن كاميرات الوكالة منصوبة عند مفاعلين «ناتانز» و«اصفهان». وبناء على تحليل الصور الملتقطة من المفاعلين ستضع وكالة الطاقة تقريرها الجديد المرتقب حول النشاطات الايرانية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وسيكون التقرير حاسما، اذ ان نتائجه يمكن ان تسهل او تصعب مهمة مجلس الامن في اتخاذ قرار بالعقوبات ضد ايران. ونقلت وكالة انباء «مهر» الايرانية للانباء عن لاريجاني قوله ان تبني قرار بعقوبات على ايران «سيسهم في تفاقم الوضع الاقليمي»، متهما واشنطن بأنها المسؤولة عن الموقف الغربي المتشدد من الملف النووي الايراني. وحذر المسؤول الايراني من ان «المغامرة التي تقودها الولايات المتحدة ستكون لها عواقب على المستوى الاقليمي» بدون ان يكشف طبيعة هذه العواقب. وهناك اتهامات موجهة لايران بدعم حزب الله اللبناني، كما تتهم واشنطن طهران بمساعدة الميليشيات المسلحة في العراق. وقال لاريجاني «اذا كان متصورا انه من الممكن استخدام سياسة العصا والجزرة في الترهيب والترغيب في آن واحد فهذا خطأ في الحسابات»، موضحا ان كل قرار جديد يصدر عن مجلس الامن سيؤخر احتمال التوصل الى توافق. وذكر المسؤول الايراني انه اذا نوت الدول الست (دول مجلس الامن الدولي اضافة الى المانيا) «الوصول الى حل وسط فالجهود المشتركة مع خافيير سولانا مهدت الطريق لذلك الى حد ما». وأكد لاريجاني انه حصل خلال الاجتماعات مع سولانا «تقدم جيد» في المسعى «لوضع اسس اتفاق طويل الامد». غير ان منسق السياسة الخارجية والامنية بالاتحاد الاوروبي خلص في السادس من أكتوبر (تشرين الاول) الى فشل هذه الاجتماعات، مؤكدا انه «لم يتم التوصل الى اتفاق بشأن المسألة المركزية وهي تعليق (ايران) تخصيب» اليورانيوم كما طلبت منها الوكالة الدولية للطاقة الذرية وكذلك مجلس الامن الدولي. وفى لهجة تحذير، قال المسؤول الايراني ان تبني قرار العقوبات ستكون له ايضا «عواقب» على تعاون الجمهورية الايرانية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وتابع ان «ايران تعتبر اي اختبار قوة في مجلس الامن الدولي او أي مغامرة هو تهديد لأمنها وسيكون لذلك عواقب على موقف ايران من الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وأضاف ان «مجلس الشورى (البرلمان) اعد مشروع قانون تبنته لجنة الامن القومي يقضي بتعليق عمليات التفتيش في حال قام الطرف الآخر بأي تصرف متهور»، موضحا «اذا استمر الطرف الآخر في سعيه الى التصويت على قرار والى ممارسة ضغوط وتوجيه تهديدات فان ايران لن تبقى مكتوفة الايدي». وكان أحد نواب البرلمان الايراني أكثر صراحة. ونقلت «مهر» عن حميد رضا حاجي بابائي قوله «اذا أقرت أي عقوبات ضد ايران سيجبر البرلمان الحكومة على التعاون بأقل قدر ممكن مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، مضيفا أن ذلك سيبدأ بمنع المفتشين من دخول المنشآت النووية الايرانية.

وقال لاريجاني للدول الاوروبية انها ستكون الخاسرة اذا انضمت الى الولايات المتحدة لتمرير قرار في مجلس الامن التابع للامم المتحدة يعاقب طهران على برنامجها النووي. وتابع «اذا استسلم الجانب الاخر، الاتحاد الاوروبي، للضغط الاميركي من الطبيعي ان يصبح الموقف متشددا. العالم لن ينتهي لكن هذا سيؤثر على كل تعاوننا وفي ذلك أعتقد ان الجانب الاخر سيخسر أكثر». الى ذلك، قالت مصادر دبلوماسية في وكالة الطاقة الذرية لـ«الشرق الاوسط» ان ايران ما زالت تتعاون مع الوكالة، مشيرة الى ان المفتشين ما زالوا يذهبون الى ايران لتفتيش المنشآت النووية بموجب معاهدة منع انتشار الاسلحة النووية. وذكرت المصادر التي لا تستطيع الكشف عن هويتها ان كاميرات وكالة الطاقة ما زالت منصوبة في «ناتانز» و«أصفهان»، وان مفتشي الوكالة يقومون بتحليل الصور التي يلتقطونها من المفاعلات الايرانية، وان تقرير وكالة الطاقة المرتقب حول ايران خلال الشهر المقبل سيكتب بناء على تحليلات الصور من المفاعلات الايرانية، والتي تظهر اي نشاطات مثيرة للريبة او للشك، خاصة مستويات اليورانيوم المخصب.

وردا على احتمال لجوء طهران الى الضغط بأوراق اقليمية للرد على اي عقوبات محتملة ضدها في مجلس الامن، قال مسؤول بالخارجية الاميركية لـ«الشرق الاوسط» ان واشنطن تدرس كل الاحتمالات، غير انه أشار الى ان التهديدات الايرانية لن تثني المجتمع الدولي عن محاولة منعها من امتلاك أسلحة نووية، وقال المسؤول الاميركي ان الادارة الاميركية لا تربط بين معالجتها للملف النووي الايراني، وبين الملف الكوري الشمالي، موضحا انه اذا كان هناك رابط، فهو ان المثال الكوري يعزز مساعي واشنطن لمنع ايران من ان تكون كوريا شمالية جديدة.  من ناحيته، قال مايكل روبن من معهد «اميركان انتربرايز» في واشنطن لـ«الشرق الاوسط» انه لا يتوقع ان ترد ايران في حالة فرض عقوبات عليها بتحديد او تقليص علاقاتها التجارية والاقتصادية مع حلفائها في اوروبا، خاصة فرنسا والمانيا وروسيا، موضحا ان ايران ليست دولة معزولة عن العالم، وأنها تريد الابقاء على علاقاتها مع العالم مفتوحة. وتابع «ايران تخاف الوحدة. هي ربما تهدد، لكنها لا تستطيع قطع نفسها عن العالم طويلا. فالبقاء حليفة لسورية وحدها لا يكفي».

وأوضح روبن ان وكالة الطاقة الذرية قالت في آخر تقرير لها حول ايران، ان طهران لم تلتزم بمعاهدة منع انتشار الاسلحة النووية. وتابع «يستطيع الناس ان يتجادلوا فيما اذا كان قرار العقوبات حكيما أم لا. لكن هناك صعوبة في المحاججة في الاساس القانوني» للإحالة لمجلس الامن والعقوبات، موضحا انه لا شيء غير قانوني في فرض عقوبات على ايران.

وفي طهران، توقع الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد «هزيمة» الدول الغربية في حال حاولت منع ايران من امتلاك التكنولوجيا النووية، في حين تواجه طهران مخاطر متزايدة بفرض عقوبات دولية عليها. ونقلت وكالة الانباء الايرانية أمس عن احمدي نجاد قوله ان «دولا جائرة تريد زرع الفتنة لمنع الامة الايرانية من بلوغ قمم الكرامة والمجد، بما في ذلك منعها من استخدام التنكولوجيا النووية لاغراض سلمية». وأضاف في خطابه «لكنهم باذن الله سيهزمون في هذا المجال ايضا».

وأعلن الاتحاد الاوروبي اول من امس انه لم يعد «يملك خيارا آخر» غير استئناف المشاورات حول احتمال فرض عقوبات على طهران في مجلس الامن الدولي بعد رفض ايران تعليق تخصيب اليورانيوم. وأعرب وزراء الخارجية الاوروبيون في وثيقة تبنوها في لوكسمبورغ عن «قلقهم العميق حيال استمرار ايران في عدم تعليق انشطة التخصيب»، تلبية لمطلب الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومجلس الامن الدولي.