المتحف البغدادي ينتظر استتباب الأمن وانتهاء الترميمات ليعاود فتح أبوابه

أغلق قبيل الغزو.. وإدارته اشترت بعض ما سرق منه من أسواق العاصمة

TT

بغداد ـ ا.ف. ب: بعد ان كانت ادارة المتحف البغدادي الذي يصور مختلف نواحي الحياة في العاصمة العراقية قديما تعمد الى اقفال ابوابه بوجه الزائرين الذين كانوا يتوافدون حتى بعد الاوقات المحددة تخشى اليوم اعادة افتتاحه حماية لموجوداته.

ويأمل المشرفون على المتحف الذي اغلق قبيل الغزو الاميركي اعادة افتتاحه امام الزائرين بعد الانتهاء من مراحل ترميمه لكنهم ينتظرون ان تسمح الاوضاع الامنية بذلك. وقال مدير المتحف الفنان التشكيلي علاء الشبلي ان «المتحف يخضع الان الى المرحلة الثالثة من اعمال التطوير لاعادة افتتاحه مجددا». واضاف «تضمنت اعمال المرحلتين اللتين انجزتا خلال العامين الماضيين اضافة قاعتين جديدتين للعرض الاولى اطلق عليها (زقاق بغدادي قديم) والثانية (سوق بغدادي)». وتابع الشبلي ، 63 عاما، ان «التطوير يتمثل باضافة مشاهد لحرفيين واصحاب مهن من سكان بغداد القديمة».

وفي «قاعة الزقاق البغدادي» مشاهد لمنازل قديمة وطراز بنائها البسيط. كما تظهر في قاعة «السوق البغدادي» محلات بيع متنوعة، فهناك محلات بيع التبغ وأخرى خاصة بالصفارين (الحفر على النحاس) ولمن يمتهن صناعة الحلويات ويطلق عليه «الشكرجي» والبقالة والعطارة ودكان الحلاق وغيرها.

ويتولى عدد من الفنانين العاملين في المتحف اعمال الصيانة والتأهيل. ويقول الفنان جاسم محمد، (38 عاما) «نقوم عادة برسم خلفيات مكان المشهد، وتضيف هذه الرسوم واقعية على طبيعة المشاهد الحياتية وتمنح تلك التماثيل عمقا ودلالة تجعل المشاهد وكأنه يقف فعلا في احدى المحلات البغدادية القديمة». ويضيف «تقدم امانة بغداد دعما لانجاز أعمال التطوير نظرا لما يحتويه من موروث شعبي كبير يفتخر به سكان بغداد». ويعمل في الرسم اخصائيون بينهم الفنانة طقى صلاح، 26 عاما، والفنان نبيل سعدون، 38 عاما، الى جانب عدد آخر من العاملين في مجال النحت وفن المكياج وكذلك الخياطة والازياء ومختصون بالديكور.

وذكر الشبلي ان «نوعا من الحماية تأمن للمتحف اثناء العمليات العسكرية التي تعرضت لها البلاد عام 2003 باستثناء احدى القاعات المخصصة لعرض هدايا مقدمة من قبل مواطنين كالميداليات التي تمت سرقتها». واضاف «تمكنا من شراء تلك القطع والميداليات من اسواق بغداد وجمعناها مرة اخرى لعرضها في المتحف الذي نأمل افتتاحه بعد استقرار الاوضاع الامنية، لان مكانه الان لا يشجعنا على افتتاحه».

ومن المفارقات اللافتة ان ادارة المتحف كانت تعمد الى اقفاله بوجه الزائرين الذين كانوا يتوافدون عليه خارج الاوقات المحددة في وقت تخشى فيه الادارة الآن من افتتاحه حماية لموجوداته.

يشار الى ان المتحف البغدادي التابع لامانة بغداد والذي يقع وسط شارع الرشيد اشهر شوارع العاصمة، وعلى مقربة من منطقة باب المعظم افتتح مطلع عام 1970. وتعمد المسؤولون عن المتحف ان يكون تمثال الشاعر الملا عبود الكرخي مرتديا زيه الشعبي وممسكا بإحدى قصائده في مقدمة مستقبلي الزائرين اذ يقف تمثاله خلف باب خشبي جلب من منزله في جانب الكرخ (غرب دجلة) اثناء هدم المنازل القديمة. وعرف الكرخي بقصائده المناهضة للبريطانيين خلال احتلال العراق القرن الماضي.

ويعكس المتحف بمعروضاته مشاهد من الحياة البغدادية وطقوس حياة العائلات وجوانب الحياة اليومية بداية القرن الماضي، وبات يضم حاليا 88 مشهدا بعد ان بدأ بـ 44 مشهدا مستوحاة من بغداد القديمة.

ويضم المتحف البغدادي مكتبة كبيرة تحتوي على 4830 كتابا حول اساليب الحياة في المدينة قديما وحديثا والعادات والتقاليد التي اشتهرت بها الاسر البغدادية وستوضع هذه المكتبة تحت تصرف الباحثين والمهتمين بالشوؤن التاريخية. وشهد المتحف البغدادي تصوير العديد من الاعمال السينمائية والتلفزيونية.

ومن ابرز جوانب المتحف البغدادي قاعة المقهى القديم التي تحتل مساحة كبيرة من اروقته وتشكل جزءا مهما يلفت انظار الزائرين فالمقهى ناد شعبي يجمع رجال المحلة او ارباب المهن والمصالح التجارية. ويعود اول مقهى في بغداد القديمة للعام 1590، لكن المقاهي الصغيرة بدأت بالظهور عام 1834 ويضفي الحكواتي متعة على المكان بقصصه ونوادره. وهناك قاعة كبيرة يطلق عليها «الديوان خانة» اي المكان الذي تستقبل فيه الاسر البغدادية ضيوفها، وهي عبارة عن أرائك خشبية تغطيها منسوجات شعبية من البسط والسجاد القديم المصنوع يدويا ويمنع الاطفال من دخولها. واضطرت ادارة المتحف الى نقل قاعة تمثل مشهد لعبة يمارسها رجال يمسكون بعصي غليظة الى اخر قاعات العرض بعد ان كانت في مقدمة المتحف لان التماثيل كانت تثير الرعب في الاطفال الذين تضطر عائلاهم لمغادرة المكان قبل اتمام الزيارة.