برنامج «التضامن» الشريك المصري لبنك «الفقراء» البنغالي يفضل النساء على الرجال

لديه ستة فروع في الأحياء الشعبية في القاهرة

TT

القاهرة ـ أ.ف.ب: هانم شعبان واحدة من 16 ألف مصرية حصلن على قروض متناهية الصغر من «برنامج التضامن» الذي بدأ في 1996 وأصبح في 2003 شريكا لمصرف «غرامين» الذي فاز مع مؤسسه البنغالي محمد يونس بجائزة نوبل للسلام الأسبوع الماضي.

وتقول هانم وهي جالسة خلف «فرشة» الخضار في سوق امبابة، الحي الشعبي في القاهرة «أول مرة أخذت قرضا كانت منذ ست سنوات، حصلت على 250 جنيها (43 دولارا تقريبا)».

وتضيف «بعد أن كنت أبيع باقات الخضرة فقط أصبحت الآن أبيع أنواعا متعددة من الخضروات وأكسب أكثر»، موضحة كيف استفادت من «برنامج التضامن» للقروض متناهية الصغر التي بلغت قيمتها الإجمالية عشرة ملايين جنيه مصري (نحو7.1 مليون دولار).

وتؤكد مها عنتر، مديرة عمليات برنامج التضامن، المؤسسة الصغيرة التي يعمل فيها قرابة مائة شخص وتملك ستة فروع في الأحياء الشعبية في القاهرة «ندير عملنا على أسس اقتصادية تماما مثل أي مصرف، لكننا «مصرف ذو قلب» ولا نسعى للربح». وتضيف ان «مائة في المائة من القروض التي نمنحها تذهب للنساء الفقيرات».

وتوضح «نحن لا نعطي الرجال لأن المرأة في مصر عندما تعمل فإنها تعيل أسرتها وأولادها، أما الرجل، خاصة في الشرائح الاجتماعية الأكثر فقرا التي نساعدها، فليس من المؤكد أن يذهب دخله الى أسرته وأولاده».

وتتابع «نتوجه الى الفقيرات ونساعدهن. نمنحهن قروضا صغيرة تبدآ من 250 جنيها (43 دولار) وتصل في حدها الأقصى الى أربعة آلاف جنيه بنسبة فائدة 5.2 شهريا لمدد تتراوح بين ستة وعشرة اشهر».

وتؤكد هذه السيدة الشابة التي درست إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية بالقاهرة ان «نسبة سداد القروض في برنامح تضامن مائة في المائة».

ويعود «هذا النجاح» برأي مها عنتر الى رغبة النساء الفقيرات في تنمية أعمالهن المتناهية الصغر والى نظام «التضامن في القروض الذي يتم اتباعه».

وتوضح ان القروض تمنح لمجموعات تضم كل منها سبع سيدات تربطهن علاقة صداقة أو جيرة ويقمن بضمان بعضهن بعضا حتى إذا ما تعثرت إحداهن تتحمل الأخريات المسؤولية معها.

وتضيف ان «الفكرة بسيطة. نعطي القروض بشكل متدرج. نبدأ بـ250 جنيها ثم 500 جنيه ثم 750 وهكذا الى ان نصل الى الحد الأقصى وهو أربعة آلاف جنيه. للسيدات مصلحة في السداد لأنها الوسيلة الوحيدة لديهن للاستمرار في الحصول على القروض التصاعدية».

وفي كل فرع من الفروع الستة لبرنامج التضامن تعمل حوالي عشر منسقات يقمن بالترويج للقروض والتحقق من جدارة وجدية السيدات الراغبات في الحصول عليها ومتابعة سدادها.

وتقول المسؤولة نفسها إن «الأهم من كل ذلك هو التأكد من أن القرض يسهم في نمو المشروع الصغير ولا يذهب للاستهلاك».

ويوضح هشام السعيد، مدير فروع برنامج التضامن «اذا تبين ان سيدة تحصل على قرض لكن مشروعها لا ينمو فإننا نوقف التعامل معها على الفور».

ويضيف «نحن نعطي القروض للسيدات من سن 18 سنة فما فوق وبعض عميلاتنا في السبعين من عمرهن ويعملن ويعلن أسرهن».

ويتابع «بعضهن يقمن بحياكة الملابس، وأخريات يقمن ببيع بضائع بنظام التقسيط للجيران والأقارب، وبعضهن يقمن بأعمال تطريز وهن يستفدن كثيرا من البرنامج لأننا جهة الإقراض الوحيدة لهن. فالمصارف تطلب ضمانات وتضع شروطا لا تنطبق عليهن».

أما أمل محمد، 23 سنة، التي تعمل منسقة في فرع امبابة الذي لا يخلو من سيدات يدخلن ويخرجن فتؤكد ان «عملها ميداني بالأساس».

وتوضح أنها «تنزل الى الناس في الأسواق وأحيانا في البيوت لجمع المعلومات عمن يطلبن قروضا ولمساعدتهن إذا ما واجهت إحداهن مشكلة في السداد».

وتشرح ان برنامج تضامن «يعتمد على السداد المنتظم كل أسبوعين (...) العبء يصبح أقل على المقترضات عندما يسددن كل 15 يوما. ولنسهل الأمر وحتى لا تختلط عليهن التواريخ، حددنا يوما ثابتا للسداد كل أسبوعين هو يوم الأحد».

وتضيف «عندما أتكلم مع عميلة أقول لها: ضعي عينك على القرض الأكبر، أي على أربعة آلاف جنيه، فاذا كان السداد منتظما ستحصلين عليه وإلا ضاعت فرصتك».

ويحصل برنامج تضامن على تمويل من جهات مختلفة. فهناك بعض الهبات من رجال الأعمال تصل الى مليوني جنيه سنويا وقرض قيمته ستة ملايين جنيه من الصندوق الاجتماعي (مؤسسة حكومية لدعم المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر) وقروض منتظمة من «غرامين» منذ ثلاث سنوات كان آخرها قرض قدره 3.2 مليون جنيه مصري في 2005.

وتأمل مها عنتر في أن يتسع نشاط برنامج التضامن خلال السنوات الخمس القادمة ليصل عدد فروعه الى 25 تقريبا وعدد المقترضات الى مائة ألف وقيمة الإقراض الى 72 مليون جنيه. وفي سوق امبابة، تعلو البسمة وجوه العديد من بائعات الخضروات اللاتي استطعن تحسين دخولهن بسبب برنامج التضامن ويداعبهن الأمل في مزيد من التوسع.

وتقول هانم، التي تربي أربعة ابناء يذهبون جميعا الى المدارس«إن آخر قرض حصلت عليه قبل أسبوعين كان ألفي جنيه وسوف استمر في الاقتراض لكي أتوسع وأبيع أنواعا أكثر وكميات اكبر من الخضروات». وحصل بنك «غرامين» على العديد من الجوائز الدولية لمساعدته ملايين الفقراء في بدء مشروعات مدرة للدخل مثل تربية الدواجن والماشية والصناعات اليدوية ومساعدتهم أيضا في تعليم أطفالهم. وبدأت فكرة القروض الصغيرة للبنك مع الدكتور محمد يونس الذي يدرس علم الاقتصاد بجامعة شيتاغونغ في بنغلاديش والحاصل على جائزة نوبل للسلام الأسبوع الماضي، وقد شعر أن ما يدرسه لا يحل مشاكل الفقراء ولا يعود عليهم بالفائدة، فقرر أن يساعد بنفسه على حل هذه المشاكل، حيث أعطى قرضا لامرأة فقيرة قدره 6 دولارات حتى تستطيع أن تشتري المواد الخام لصنع السلال ثم تبيعها. وفوجئ يونس أن هذه المرأة استغلت القرض وقامت بصناعة وبيع السلال واستطاعت أن ترد المبلغ كاملا؛ وهو ما أوحى له بإمكانية تطبيق البرنامج على مستوى أوسع فقام بتأسيس Grameen Bank (بنك القرية أو بنك الفقراء) عام 1976. ووفقا لتقرير بموقع بنك «غرامين» في عام 2002، فقد وصل حجم قروض البنك في هذا العام إلى 3.8 ملايين دولار داخل بنغلاديش، ويصل عدد فروعه 1178 فرعا تغطي 41636 قرية، كما تقل نسبة عدم السداد عن 2% من إجمالي عدد القروض.

ويذكر أن تجربة بنك غرامين قد انتقلت إلى عدد من الدول العربية التي تعاني معدلات مرتفعة للفقر مثل مصر والأردن ولبنان واليمن، كما تبنت العديد من الجمعيات والمنظمات الأهلية في المنطقة العربية الفكرة وطورتها بما يتلاءم مع احتياجات الفقراء في المنطقة، حيث تقرض بعض المنظمات دونما أخذ فائدة. ويخدم بنك غرامين، الذي حصل على صفته كمصرف عام 1983، الآن نحو 6.1 مليون مقترض في بنغلادش. وتأسست مؤسسة غرامين التابعة للبنك عام1997 وكونت شبكة عالمية شملت 52 شريكا في 22 دولة قدمت العون لنحو11 مليونا في آسيا وأفريقيا والأميركتين والشرق الأوسط.